تشهد نقابة المحامين فى نهاية شهر نوفمبر الجارى وقائع الجمعية العمومية الطارئة التى دعا إليها النقيب سامح عاشور ومجلسه ذو الأغلبية الإخوانية للتصديق على زيادة معاشات المحامين فى مقابل موافقتهم على زيادة رسوم القيد والاشتراكات السنوية، وهو ما يعد مشهداً متكررا من مشاهد الكوميديا السوداء التى تعيشها النقابة العريقة على مدار الأعوام الماضية، فالنقابة التى تعانى نقصا حادا فى الخدمات وتراجع واضح فى مواردها الثابتة والمنقولة وتخبط قرارات الادارة الذى يرقى لمستوى المساءلة الجنائية، تواجه مشكلة اكبر وهى بلادة مجلس النقابة الحالي الذى يرفض النظر لمثل هذه الأزمات ومأساة المحامين اليومية ويروج دائما الى نجاحه فى اقتناص أموال النقابة من وزارة العدل تلك المتعلقة بأتعاب المحاماة وتناسى أنه فشل فى علاج أزمات سبق أن وعد بحلها والقضاء عليها فى برنامجه الانتخابى وعلى رأسها أزمة العلاج التى تمثل صداعا فى راس مجالس النقابة المتعاقبة ومنها مجلس "عاشور"، كما انه فشل فى وضع حد لأزمة المدينة السكنية للمحامين والتى كثر بشأنها وعود أعضائه وتجرع المحامين بسببها مرارة الفساد وتضارب قرارات القائمين على شئون نقابتهم. الأخطر من كل ذلك كان ملف إدارة أموال النقابة الثابتة، فإذا ندرة موارد النقابة وقلة حيلة المجلس الحاكم فى خلق موارد جديدة لجاء "عاشور" ورفاقه لبيع بعض من هذه الأصول ليتمكن من الإنفاق على الخدمات المقدمة للمحامين مما يهدد_وفقا لتأكيدات بعض من المعارضين لسياسات المجلس_بإفلاس النقابة قريبا. دعوة الجمعية الصادمة وأمام هذا الكم الهائل من الأزمات والمشاكل التى يحياها المحامون جاءت دعوة النقيب لعقد جمعية عمومية طارئة وكانت كالعادة صادمة لطموحات وأمال الطبقة الكادحة من المحامين، حيث تضمن نص الدعوة أن الغرض من انعقد الجمعية العمومية هو التصديق على ميزانية أعوام 2008 و2009 و2010 و2011 وما تم تقريره من زيادات فى المعاشات ومعاش الدفعة الواحدة ونظام التأمين العلاجى الإجباري مع الزيادات المقررة للاشتراكات والدمغة ورسوم القيد، فطموحات وأمال المحامين فى وقوف نقابتهم إلى جواره فى ظل تعثر أعمالهم بعد ثورة يناير وحتى الآن تبخرت بفضل انشغال النقيب ومجلسه بالصراعات السياسية على حساب العمل النقابى، وهو ما يهدد بانفجار الشباب فى وجه الجميع خلال وقائع الجمعية ما ينذر بسخونة الجمعية العمومية أيضا ما أقدم عليه محمد فزاع عضو مجلس النقابة العامة للمحامين عن المحكمة الابتدائية بأسيوط _و ابرز الرافضين ل"عاشور" _ حيث طلب من النقيب وأعضاء مجلس النقابة العامة ونقباء وأعضاء مجالس النقابات الفرعية تحديد موعد لمناقشة عدد من الملاحظات قبل عقد الجمعية العمومية، ومنها زيادة رسوم القيد والاشتراكات السنوية وذلك لرفع قيمة المعاش، والإعلان عن قيمة المبالغ السائلة والودائع والشهادات في حسابات صندوق المعاشات والنقابة، وإعلان قيمة العجز في الإيرادات النقابة، وبيان المبالغ المنصرفة على العلاج والمعاش التى تخفى عن الكثيرين داخل أروقة النقابة العريقة. مخطط تمرير الجمعية يراهن النقيب ومجلسه على قلة حضور المحامين للجمعية كى يستطيع تمرير ما يطمع إليه من قرارات خاصة وأن وعوده البراقة قبيل هذه الجمعية لا تختلف فى حقيقتها عن الوعود السابقة لانتخابه فما بين زيادة المعاشات وتحقيق رعاية صحية تليق بالمحامين دارت مغازلته للمحامين لكسب ود من يحضر منهم، فلا شك ان النقيب لا يرغب فى حضور من يعكر صفو الاحتفال خاصة وأن حضور ألف وخمسمائة محام فقط بكفى لكى تكون الجمعية قانونية وهو عدد يسير يستطيع "عاشور" حشدهم بسهولة من أعوانه ومؤيديه. كما أن ما تناقشه الجمعية لا يلقى ترحيبا أو اعتراضا من قبل المحامين المنتمين لجماعة الإخوان في مجلس النقابة أو خارجه ولا مانع لديهم من تمريرها، حيث تلتقى مصالح الطرفين فيها _النقيب والإخوان_عند نقطة تحقق مصالحهم المشتركة. الأغراض الخفية تدور فى الوسط النقابة أن هناك أغراض خفية لعقد الجمعية العمومية فى هذا التوقيت منها الرغبة الأكيدة لدى المجلس نقيبا وأعضاء إخوانا وقوميين فى تمرير ميزانيات النقابة _التي لم تمرر لسنوات عن الدورة الحالية وثلاث دورات مضت أغلبها تحت قيادة عاشور والإخوان_ وما عليها من ملاحظات فندها الجهاز المركزي للمحاسبات وكانت محل لبلاغات وتحقيقات أمام النيابة العامة مما يجعل موافقة الجمعية العمومية عليها بمثابة صك براءة ينقد النقيب ورفاقه من المساءلة الجنائية على اعتبار أن الجمعية العمومية هي الرقيب الأعلى وموافقتها سوف تغلق كل أبواب الحساب وهو ما يسعى إليه النقيب ومجلسه بكل قوة. كما يسعى النقيب لتأكيد شعبيته أمام دعوات شباب المحامين المتزايدة فى الفترة الأخيرة بسحب الثقة منه ومن مجلسه المترنح، كذلك يراي البعض أن السبب الرئيسى من وراء هذه الجمعية يرجع لرغبة فى إقرار نظام العلاج الاستثماري الاجباري لوضع حد لهذا أمام التخبط الذى تعيشه النقابة فى هذا الشأن، كما أن النقيب يرغب فى تحسين موارد النقابة ولن يجد أمامه أيسر من زيادة الرسوم والاشتراكات السنوية والدمغات والتى فشل فى اعتمادها من قبل بسب أحكام مجلس الدولة. أكذوبة الحصانة ولان الوضع الحالى الذى يعيشه المحامين يحتاج إلى بطل مغوار سعى النقيب لتقمص دور المناضل من اجل خدمة من اختاروه ليمثلهم، فبعض المحامين اعتبروا إن دخول "عاشور" فى صراع من اجل النص على حصانة المحامين في الدستور هى بمثابة "أكذوبة" يسعى إليها النقيب وأعوانه لكبح جماح المحامين الغاضبين من سوء الخدمات المقدمة إليهم فى عهده والتى قد تكونا وقودا يسقط النقيب وأعوانه فى الجمعية القادمة، فبالرغم من تشبث "عاشور" بضرورة النص على الحصانة وتهديده ووعيده المستمر للجنة الخمسين بتصعيد لم يتخيلوه إلا انه وحتى كتابة هذه السطور يظل عاجزا على إقناع أعضاء" الخمسين" بهذه الحصانة وأقصى ما يمكن أن يحققه فى هذا الصدد هو النص الإبقاء على النص القديم للمحاماة فى دستور الإخوان. كما راى معارضي "عاشور" إن دخوله فى الصراع ليس جديدا عليه، حيث سبق ان استغل أزمة تصاعد الخلاف بين المحامين ولجنة إعداد قانون السلطة القضائية فى أعقاب نجاح ثورة يناير فى الوصول لكرسي النقيب فى انتخابات المجلس الحالى، كما قام أيضا باستغلال فشل الرئيس المعزول محمد مرسي وخلط العمل السياسي بالعمل النقابى لعله يضيف إلى رصيده وسط المحامين القليل.