كشفت ورشة عمل نظمها المجلس الوطني للتنافسية تحت عنوان دور الاعلام والسلطة التشريعية في اصلاح الادارة الحكومية كاداة لتعزيز الشفافية والمساءلة عن احتاج الحكومة لرفع الانفاق العام علي قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي بنحو 75 مليار جنيه اضافية لمستويات الانفاق الحالية للوفاء بالاستحقاقات الدستورية التي نصت علي تخصيص 10% من الناتج المحلي للقطاعات الثلاث بحلول عام 2017/2018. واكد الدكتور خالد زكريا امين استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومستشار اول اصلاحات المالية العامة بالمجلس الوطني للتنافسية ان اصلاحات المالية العامة اصبحت امر ضرورة لتحسين تنافسية الاقتصاد المصري التي تراجعت من المركز 41 عالميا عام 2000 الي المركز 116 حاليا، مشيرا الي ان ادارة المالية العامة مفهوم اشمل من مجرد اعداد وتنفيذ الموازنة العامة وانما تتعلق بجميع السياسات المالية الحكومية واولوياتها في الانفاق العام واعداد وتنفيذ والرقابة علي جميع برامج الموازنة العامة. وقال ان مجلس النواب الجديد والحكومة مطالبين باستكمال الاصلاحات الاقتصادية والمالية خاصة تطوير فلسفة اعداد الموازنة العامة كي تتحول الي موازنة برامج واداء تنفيذا لتعديلات قانون اعداد الموازنة العامة عام 2005 والتي نصت علي هذا التحول خلال 10 سنوات، بما يضمن ارساء آلية واضحة لقياس فعالية الانفاق العام وان تعكس الموازنة بالفعل لاولويات السياسات المالية. واضاف ان الاصلاحات المطلوبة تشمل وضع اطار مالي متوسط الاجل للموازنات المصرية بحيث يحدد لكل قطاع بالدولة مثل التعليم والصحة والبحث العلمي حجم التمويل الذي ستخصص لكل منها علي مدي 3 او 5 سنوات متتالية بما يسمح بوضع استراتيجيات متوسطة الاجل لتطوير اداءها. واوضح ان الاصلاحات المطلوبة تشمل ايضا تطوير دور الجهاز المركزي للمحاسبات ليتحول من مجرد رقابة قانونية لاجراءات الانفاق العام والتاكد من انها تمت لمخصصات موافق عليها بقانون الموازنة العامة وعدم تجاوزها لهذه المخصصات الي قياس فعالية هذا الانفاق بالفعل ومدي مساهمته في تحقيق اهداف الموازنة العامة التي تتبناها الدولة مثل خفض معدلات الفقر والاصابة بالامراض ورفع كفاءة الخدمات التعليمية. وقال ان النقاش الحالي حول تقارير المركزي للمحاسبات يدعم التطور المنشود للجهاز الي جانب مناقشة قضايا مدي استقلاليته وكيفية الاستفادة من تقاريره لتطوير الاداء الحكومي الي جانب ضرورة التوسع في نشر تقاريره علي العامة والمتخصصين حيث ان هناك تقارير الجهاز غير متاحة للاطلاع عليها حتي لبعض الجهات الحكومية. كما طالب د.خالد باستحداث جهات رقابة داخلية بجميع وزارات والهيئات العامة باعتبارها احد العناصر المهمة في احكام عمليات الرقابة علي المال العام وغيابها تعتبره الجهات الدولية احد عوامل القصور عند تقييم مصر بمؤشرات الشفافية ومكافحة الفساد عالميا. من جانبه اشاد اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس مجلس الوزراء لشئون الانتخابات بمبادرة المجلس الوطني للتنافسية الخاصة بتنظيم لقاءات وورش عمل مع اعضاء مجلس النواب والحزبيين ورجال الاعلام لمناقشة قضايا اصلاح الادارة المالية ، مشيرا الي ان مجلس النواب الحالي قادر علي القيام بمهمته المنتظرة في دعم جهود تحديث وتطوير مصر حيث يضم العديد من الخبرات وتنوع كبير في تشكيلة النواب ما يعكس ثراء الحياة السياسية في مصر وما تشهده من خطوات حثيثة لبناء ديمقراطية برلمانية تلبي طموحات المجتمع المصري. وقال ان مجلس النواب يضم ممثلين عن 19 حزيا مصريا لا يمتلك ايا منها اغلبية اصوات المجلس كما كان الحال قبل ثورة 25 يناير حيث ان الاغلبية للمستقلين الذين يمثلون 59% من اعضاء المجلس ، كما انه يضم 44 من حملة الدكتوراه و14 من حملة الماجستير و425 حاصلين علي مؤهل عالي و82 علي مؤهل متوسط و31 علي تعليم اساسي، كما انه من بين اعضاء المجلس البالغ عددهم 596 عضوا هناك 195 عضوا في سن الشباب حيث تتراوح اعمارهم بين 25 و45 عاما، كما تستحوذ النساء علي نسبة 15% من المجلس وهي اعلي من برلمان عام 2010 والتي طبقت فيها الكوتة ليحصلن علي نسبة 12% فقط من اعضاء المجلس. وكشف عن اعداد الحكومة لبرنامج الكتروني لتحليل نتائج المشاركة في الانتخابات بمصر سيستخدم بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات مستقبلا بما يسمح بمعرفة نسبة مشاركة الشباب والفئات العمرية المختلفة في جميع الدوائر الانتخابية. وحول التحليلات عن ضعف المشاركة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة بمصر اكد مستشار رئيس الوزراء ان نسبة المشاركة في الانتخابات بمرحلتيها الاولي والثانية بلغت 28.3% من مجموع المقيدين في سجلات الانتخابات وهي نسبة تتماشي مع المعايير العالمية التي تتراوح بين 25 و30%، لافتا الي ان كثير من دول العالم ذات الديمقراطيات العريقة مثل بريطانيا تاخذ بنظام اختياري لتسجيل الناخبين ولذا فان نسبة التصويت الحقيقية بها تبلغ 8.6% اذا تم تطبيق النظام المصري المتمثل في التسجيل الاجباري بقاعدة الناخبين. من ناحيتها اشارت امينة غانم المدير التنفيذي للمجلس الوطني المصري للتنافسية الي ان اهتمام المجلس بسياسات المالية العامة باعتبارها احد الركائز ال 12 لتنافسية الاقتصاديات عالميا مشيرة الي ان مصر يتراجع مركزها التنافسي منذ عام 2000 وحتي الان بسبب مسارعة كثير من دول العالم لادخال اصلاحات عميقة علي اقتصادياتها ومناخ ممارسة الاعمال بها في حين تواجه الاصلاحات المصرية عوائق ومشكلات واحيانا نقوص علي الاصلاح. وقالت ان المجلس المصري للتنافسية يستعد لتنظيم ورش عمل وحلقات نقاشية بالتعاون مع مجلس النواب ووزارتي التخطيط والمالية لمناقشة اولويات الاصلاح المالي والاجراءات المطلوبة لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري عبر مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2016/2017 والتي بدات وزارة المالية في اعدادها بالفعل وتعزيز الوعي المجتمعي باهمية قضايا الاصلاح المالي لتحسين ترتيب مصر في مؤشرات التنافسية. وحول ما اثاره رجال الاعلام من وجود تفاوت في ارقام الموازنة العامة وحساباتها الختامية خاصة فيما يتعلق بايرادات الضرائب والانفاق علي الاستثمار العام اشارت امينه غانم الي ان هذا التفاوت مشكلة تعاني منها السياسة المالية بمصر علي مدي اكثر من عشرون عاما وهي ترجع الي عدم وجود وحدة ادارية بهيكل وزارة المالية معنية بالتنبؤات لعمليات التدفقات المالية للايرادات العامة. من جانبها عرضت الدكتورة اسماء عادل الحسيني استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وخبير المالية العامة لصورة كاملة لمراحل اعداد وتنفيذ الموازنة العامة والتي تشهد تطورات تشريعية اهمها تعديلات عام 2007 والتي منحت لمجلس النواب الحق في اجراء تعديلات علي مشروع الموازنة العامة بشرط تدبير موارد لتمويل اي زيادة في الانفاق العام يقررها المجلس الي جانب زيادة مدة مناقشة المجلس لمشروع قانون الموازنة العامة الي 3 اشهر بدلا من شهرين من خلال النص علي الالتزام باحالة المشروع للمجلس قبل اول ابريل. وقالت ان من الموازنة العامة بوضعها الحالي تعاني من اوجه قصور ابرزها وجود كثير من الموارد العامة خارجها ممثلة في الصناديق والحسابات الخاصة وهو ما يستدعي اعادة النظر فيها بحيث نبقي فقط علي الصناديق والحسابات التي لها مبررات وضرورة للبقاء خارج الموازنة العامة، الي جانب ضرورة التحول الي موازنة البرامج والاداء بدلا من موازنة البنود التي نطبقها حاليا والتي تعاني من اوجه قصور ابرزها ظاهرة حرق الاعتمادات المالية للجهات العامة في اخر شهرين من العام حتي لا تنخفض مخصصاتها في السنوات المالية التالية. واضافت ان من المشكلات التي تواجه الموازنة العامة بصورتها الراهنة تعقيد عمليات اعدادها فمثلا لاعداد موازنة قطاع التعليم تتفاوض وزارة المالية مع وزارة التعليم ومديرياتها ال 27 علي مستوي محافظات مصر و6 هيئات تعليمية مثل هيئة تعليم الكبار وهيئة الابنية التعليمية ونفس الحال في قطاع الصحة والوزارات الاخري الي جانب غياب لاستراتيجية واضحة للقطاعات المختلفة وهو ما يعقد عمليات اعداد الموازنة ويخضعها للتفاوض لتخفيض حجم الانفاق. واوضحت ان اعداد الموازنة العامة يحتاج ايضا لوضع سقوف للانفاق العام لكل قطاع وفق رؤية اشمل لمعدلات العجز الكلي والدين العام المستهدف، في حين ان الوضع الحالي لا يضع اي قيود علي تقديرات الوحدات الموازنية المنتشرة بالجهاز الاداري للدولة لاحتياجاتها التمويلية العام المالي المقبل. من جانبها اكدت سارة عيد نائب رئيس وحدة السياسات الاقتصادية الكلية بوزارة المالية اتفاقها مع جميع الملاحظات التي اثارتها الحلقة النقاشية حول حاجة مصر لاستكمال اصلاحات ادارة المالية العامة مشيرة الي ان العامين الماضيين شهدا خطوات جادة من الحكومة لاصلاح السياسات المالية والاقتصادية عبر اجراءات هيكلية وهوما انعكس علي تقارير المؤسسات الدولية التي رفعت تصنيف مصر 4 مرات في 7 اشهر فقط مقابل تخفيضها التصنيف 12 مرة في 4 سنوات عقب ثورة 25 يناير. وكشفت عن استهداف وزارة المالية خفض مخصصات دعم الطاقة بالموازنة المقبلة الي 60 مليار جنيه فقط مقابل 126 مليارا العام المالي الماضي، مشيرة الي ان الوفر المالي لبرامج الدعم سيوجه الي تعزيز مخصصات الحماية الاجتماعية خاصة برنامجي كرامة وتكافل وايضا زيادة مساهمات الموازنة العامة في صناديق التامينات الاجتماعية. وقالت ان وزارة المالية مهتمة حاليا بادخال اصلاحات فيما يخص التشابكات المالية بين الجهات العامة والتي من الممكن ان تسفر نتائجها عن مؤشرات ايجابية فيما يخص صافي الدين العام. وحول ضرورة تضمين منشور اعداد الموازنة العامة لمعدل العجز الكلي المستهدف اكدت سارة عيد تضمين المنشور العام لعدد من المؤشرات المالية المستهدف تحقيقها للعام المالي المقبل مثل معدل النمو الاقتصادي ومعدلات البطالة والتضخم والاهم عجز الموازنة والدين العام، مشيرة الي ان وحدة السياسات الاقتصادية الكلية تضع سيناريوهات للمؤشرات المالية المتوقعة لمصر علي مدي 5 سنوات مقبلة في حالة ادخال اصلاحات وفي حالة عدم ادخال اصلاحات جديدة، كما تحاول الوحدة التنبؤ بتاثيرات الاقتصاد العالمي علي الاقتصاد المحلي ولكن هناك احداث صعب التنبؤ بها مثل حادث الطائرة الروسية التي اضرت كثيرا بقطاع السياحة المصري. وحول اسباب عدم انخفاض عجز الموازنة العامة بارقام اكبر في ظل التراجع الحاد في اسعار البترول عالميا اشارت الي ان تاثير انخفاض اسعار البترول عالميا علي الموازنة العامة له شقين الاول فاتورة الدعم وهي تشهد بالفعل انخفاض ملحوظ وبنسب كبيرة، والشق الثاني هو عوائد تصدير البترول الخام المصري والتي بطبيعة الحال تشهد تراجعا كبيرا وبالتالي فان الفائض المحول من هيئة البترول للموازنة العامة لم تسهم في خفض العجز الكلي كما يامل المواطنون خاصة في ظل استيراد مصر المتزايد للمنتجات البترولية والغاز الطبيعي لتلبية الطلب المتزايد عليها. وكشفت عن قرب موافقة الحكومة علي تعديلات قانون المزايدات والمناقصات والتي اعدتها وزارة المالية ، وهو ما سيسهم في تحسين مناخ ممارسة الاعمال ، كما تستعد وزارة المالية للتقدم بمشروع قانون الجمارك الجديد والذي يتضمن تطويرا لنظم العمل بالجمارك حيث سيتم ادخال العمل بنظام البوابات الالكترونية علي المنافذ مع ربط الكتروني لجميع المواقع الجمركية علي مستوي الجمهورية لتوحيد المعاملة الجمركية الي جانب سد لجميع ثغرات التهرب الجمركي مما سينعكس علي زيادة حصيلة الجمارك بنحو 30% عن معدلاتها الحالية وتعليقا علي اسباب تباين قيمة الحصيلة الضريبية المستهدفة بقانون الموازنة العامة وحساباتها الختامية قالت سارة ان الموازنة العامة الماضية كانت تستهدف تطبيق قانون الضريبة علي القيمة المضافة وهو ما لم يتم ولذا فقدنا نحو 31 مليار جنيه ايرادات متوقعة من هذا التحول.