تصدر اطفال الشوارع المشهد السياسى منذ اندلاع أحداث فض اعتصام مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي.. الدكتور كمال الجنزورى رئيس حكومة الانقاذ نفى أن يكون هؤلاء الاطفال ثوارًا، واعتبر وجودهم بالقرب من مكان الاحداث يعنى أن هناك من استأجرهم للقيام باعمال تخريب، وفى المؤتمر الذى دعا إليه المجلس العسكرى صباح الأثنين الماضى ترددت ذات التهم والكلمات، واذيعت فيديوهات لبعض الاطفال للتأكيد على التهم الموجهة إليهم.. واعترافات جرى اذاعتها حصريا على التليفزيون الحكومى لاقناع المشاهدين بسيناريو حرق مصر.
أطفال الشوارع أصبحوا الآن هم الطرف الثالث الذى ألقت الأجهزة الأمنية عليه كل التهم.. والمدهش أن تقارير بعض المنظمات الحقوقية ساعدت فى حبك هذا السيناريو.
فقبل اندلاع الاحداث تقدمت مؤسسات وجمعيات تأهيل المهمشين ومنها جمعية ابو العزايم بمنطقة السيدة زينب ب25 بلاغا تتهم بلطجية باحتجاز 17 طفلاً من اطفال الشوارع بغرض استغلالهم فى اعمال منافية للاداب وتشغيلهم فى مهن تنتهك آدميتهم.
لم يلتفت أحد لهذه البلاغات، لكن جاءت أحداث مجلس الوزراء لتجعل من هذه البلاغات ادلة اتهام تسببت فى القبض على 16 طفلاً واحتجازهم ثم ظهورهم على شاشات التليفزيون الحكومى ليدلوا باعترافات غريبة مثل علامات التعذيب التى تظهر بوضوح على اجسادهم. يضاف إلى هذه الاعترافات تقارير منظمات مجتمع مدنى لم تهتم بمساعدة ضحايا هذه الظاهرة بقدر رغبتها فى إدانتهم لأسباب هم وحدهم من يعرفونها.
يقول محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان إن القاهرة تحترق بأيدى أطفال الشوارع والمجلس القومى للطفولة والأمومة، مشيرا إلى أن الأطفال تم استغلالهم فى أكثر من مشاهد خلال الأحداث الجارية من فض اعتصام مجلس الوزراء وفى الدعاية الانتخابية كما حدث فى واقعة اقتحام سفارة إسرائيل ورشق وزارة الداخلية بالحجارة وما أعقب ذلك من تعد على مقر مديرية أمن الجيزة وسفارة المملكة العربية السعودية.
مؤكدا أن الجمعية الحقوقية تتابع هذا الملف وعلمت أن بعض الشخصيات العامة من نظام السابق وشخصية مرشحة لرئاسة الجمهورية وبعض المرشحين الخاسرين فى المرحلة الأولى والثانية فى انتخابات مجلس الشعب وبعض الشخصيات السياسية الموجودة الآن على الساحة متورطون فى استغلال الأطفال لإحداث فوضى عقب حالة الاستقرار النسبى التى شهدتها البلاد عقب تولى وزارة الدكتور الجنزورى مقاليد الأمور وكذا عقب الانتشار الأمنى المكثف وحالة الطمأنينة التى بثها وجود اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الجديد، وهو ما سوف يعلن خلال الفترة المقبلة من قبل جهات التحقيق بعد أخذ اعترافات كاملة من 16 طفلاً تم إلقاء القبض عليهم أثناء أحداث مجلس الوزراء.
وأضاف البدوى إن وفدًا من الجمعية تفقد موقع الأحداث لاستيضاح حقيقة الأمر، وجاء بيان الوفد بأن عددًا كبيرًا من أطفال الشوارع يسيرون وفقا لخطة مرسومة حيث إنهم يظهرون فجأة وسط الأحداث ويختفون فجأة مما يؤكد أن هناك أيادى خفية تصدر لهم أوامر بتحرك، كما أن هؤلاء الأطفال يتقاضون أجرا مقابل أعمال الشغب تتراوح ما بين 50 و100 جنيه ووجبة غذائية.
وأشار إلى أن الوفد تعرض إلى هجوم واعتداء من قبل بعض الأطفال فى محاولة للحصول على كاميرات الوفد أثناء تصويرهم للأطفال وقت إثارة الشغب فى شارع مجلس الوزراء بقصر العينى مؤكدا أن الوفد حصل على ما يقرب من 300 صورة يمكن الاعتماد عليها فى التحقيق، ولفت البدوى إلى أن 80 % من اطفال الموجودين فى هذه الأحداث أطفال شوارع بالإضافة إلى 20 % من أطفال مدارس لذا طالب وزير التعليم بالتشديد على مدارس حتى لا يتسرب التلاميذ ويخرجوا إلى مواقع الأحداث وتزداد اشتعالا.
واستنكر البدوى دور وأداء المجلس القومى للطفولة والأمومة مطالبًا المجلس العسكرى بإعادة النظر فى تشكيل المجلس القومى للطفولة والأمومة من جديد على غرار ما تم بالمجلس القومى لحقوق.
ومن جانبه قال الناشط الحقوقى إيهاب راضى إن الأطفال فى مصر ليس لهم حقوق ولا رعاية منذ عهد النظام السابق مؤكدا أن الأطفال خط احمر لأنهم يمثلون مستقبل دولة، مشيرا إلى ان الأطفال الأسوياء لا يأخذون حقهم فى التعليم كما لا نجد مؤسسات وأجهزة تراعى هؤلاء الأطفال فبالتالى يصبح استغلالهم بلا ضوابط، واضاف.. إن ما يتردد على لسان الجهات المسئولة بوجود لهو خفى وراء استغلال الأطفال فى أحداث مجلس الوزراء وشارع محمد محمود وأحداث ماسبيرو هو ما يثير لغزا صعبا فلابد أن تبحث الدولة عن هذا المحرض إذا كان موجودًا، وتقدمه للمحاكمة أمام الرأى العام.. لكن ما يزيد الأمر فزعا هو عدم التوصل حتى الآن وعدم إعلان جهات التحقيق عن هذه الأيادى الخفية.
واكد راضى أن الطفل المصرى ما زال فى خطر داهم وأن أطفال الشوارع تحولوا الى قنابل موقوتة جاهزة للانفجار فى اى وقت.
وأضاف هانى هلال مدير مركز حقوق الطفل المصرى أن هناك شبهات تحيط بفلول النظام السابق وبعض المستفيدين من حدوث بلبلة، خصوصا أن الأطفال الذين جاءوا إلى موقع الأحداث من عدة مناطق عشوائية مثل « السلام والسيدة زينب والبساتين والدويقة » يثير الشكوك حول وجودهم بمنطقة مجلس الوزراء، كما أن بعض الأطفال أكدوا وجود شخصية تدعى « أبو الرجال » وراء هذه الأحداث وهو ما يجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الداخلية وجهات البحث والتحقيق تحرى هذا الخيط.
وعلى جانب آخر أدانت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة اتهام أطفال بأنهم مرتزقة مأجورون من قبل أى فئة تسعى إلى إحراق مصر، وعرض شهاداتهم على وسائل الإعلام قبل البدء فى التحقيقات مؤكدا أن هذا تصرف مخالف لجميع المواثيق والاتفاقيات الدولية و قوانين الطفل المصري.
وأضافت المؤسسة أن الأطفال يتعرضون للعديد من أشكال العنف من قبل المجتمع والدولة على السواء حيث تتجاهل الدولة كل الأسباب الحقيقية وراء استفحال الأزمة السياسية التى تمر بها مصر واختزلتها فى اتهام اطفال الشوارع بأنهم الفئة المسئولة عن تلك الأحداث.
وأكدت المؤسسة أن عرض شهادات الأطفال المتهمين، على وسائل الإعلام المختلفة واعترافاتهم بهذه الجرائم ما هى إلا محاولة للتأثير فى الرأى العام فى مصر وإبعاده عن الأسباب الحقيقية