ذكرت صحيفة (جارديان) البريطانية في تقرير لها أن صعود نجم الجماعات والأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية فى عدد من الدول العربية مؤخرا إنما يعكس هيمنة الإسلام السياسي على العالم الجديد الذى شكلته ثورات الربيع العربي. وقالت الجارديان -في سياق تقرير أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت- إن الإسلام السياسي قد يمثل التركة الأكثر بقاء من بين تركات الربيع العربي، مشيرة إلى أن نجاح أحزاب وجماعات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان أمرًا متوقعًا. وأوضحت أنه على الرغم من تزايد المخاوف لدى الغرب من سيطرة الإسلاميين على مستقبل الشرق الأوسط، إلا إن هذه السيطرة لا تعني بالضرورة تعرض السياسات الديموقراطية والليبرالية المتحررة إلى التهميش في هذه المنطقة.
وتناولت الصحيفة تجارب نجاح جماعات وأحزاب الإسلام السياسى فى العالم العربى، وبدأت من مصر التي حققت فيها جماعة الإخوان المسلمين الفوز في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، حيث قالت أن نجاح الجماعة التي لطالما منعت من ممارسة العمل السياسي في حصد النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان المصري يعد إحدى العلامات السياسية البارزة التي خلفها ميدان التحرير، أيقونة الثورات العربية.
وأشارت إلى إن مصر ليست الدولة الوحيدة التى تعيش فيها التيارات الإسلامية أجواء غير مسبوقة من النصر السياسي، فقد أسفرت الانتخابات في تونس -نقطة انطلاق الثورات العربية- عن فوز حزب النهضة الإسلامي (المعتدل) ، كما قام المواطنون في المغرب بانتخاب رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران المنتمي للإسلام السياسي. وتوقعت الجارديان في هذا السياق أن يحدد الإسلام السياسي ملامح العصر الجديد في كل من ليبيا واليمن.
وقالت صحيفة (الجارديان)البريطانية إن نجاح جماعات وأحزاب الإسلام السياسى فى دول الربيع العربى لم يكن أمرا مفاجئا على الإطلاق ، وأكدت أن النتائج التى أسفرت عنها الانتخابات فى كل من مصر وتونس مؤخرًا هي ذاتها النتائج التي كانت ستسفر عنها أية انتخابات حرة إن كانت عقدت فى البلدين خلال العقدين الأخيرين، وهى إذ تعكس مستوى التنظيم بالنسبة لجماعتى النهضة والإخوان المسلمين، فإنها تعكس أيضا الحراك الثقافي والإقتصادي والاجتماعي في البلدين.
وتساءلت الصحيفة عما يعنيه نجاح قوى الإسلام السياسى في حصد أصوات الناخبين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.. ومدى أحقية الغرب بالشعور بالقلق إزاء هذا النجاح.
واستعانت الصحيفة بتقرير أصدر في وقت مبكر من العام الجاري حول تداعيات الربيع العربي على السياسة الخارجية لبريطانيا للإجابة على هذه التساؤلات، إذ أوضح التقرير أن مصطلح الإسلام السياسي عادة ما يستخدم لوصف اتجاهين شديدي الإختلاف عن بعضهما البعض، الأول يتناول مجتمعا إسلاميا يعتمد على القيم الصحيحة للدين الإسلامي، وبالتالي فهو مجتمع ودود ولا يتسم بالعنف، ويسمح بقدر أكبر من التحرر وفقا لتعاليم الإسلام وعادات المجتمعات الإسلامية.
أما الاتجاه الثاني -وفقا لجارديان- فيشير إلى مجتمع يتسم بالتعصب والعنف، وهو أقرب في توجهه لتنظيم القاعدة المعروف بميوله الإرهابية. وقالت الصحيفة إنه إذا ما تم النظر فى مصر إلى التجربة التركية كنموذج.. فإن الإخوان المسلمين سيواجهون تحديات كبيرة بصفتهم حزبا سياسيا جديدا، يسعى للتحكم في زمام الأمور في مصر، لكنهم من الأرجح -وفقا لخبراء- سيتجنبون نماذج الإسلام السياسى فى الجزائر أو في قطاع غزة لتجنب الدخول فى خلاف مع الغرب.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى محاولة حزب الحرية والعدالة في مصر -الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين- الخروج عن المعتقد السائد عن الإسلام السياسي، فهو يضم بين أعضائه مسيحيين، وإن كانوا يمثلون أقلية بين الأعضاء، ويسعى لتشكيل دستور للبلاد يحترم المصريين كافة سواء المسلم منهم أو غير المسلم، كما أنه لن يفرض قوانين الشريعة الإسلامية على غير المسلمين، وهو يتعهد إجمالا بتحقيق ديمقراطية تعددية في مصر