عمان (رويترز) - استدعت فرنسا سفيرها من دمشق ودخل تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية حيز التنفيذ يوم الاربعاء الامر الذي يكثف الضغوط الدبلوماسية على الرئيس بشار الاسد لوقف حملة القمع العنيف للاحتجاجات المستمرة منذ ثمانية اشهر. وهاجم منشقون عن الجيش السوري مجمعا للمخابرات على أطراف دمشق في هجوم جريء اظهر مدى اقتراب الانتفاضة الشعبية من التحول الى صراع مسلح.
وقال شهود عيان ان انصارا للرئيس بشار الاسد القوا حجارة وحطاما على سفارة دولة الامارات العربية المتحدة وكتبوا شعارات على جدرانها في حادث يأتي بعد ساعات من دخول قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا حيز التنفيذ. وتقع السفارة في حي أبو رمانة الراقي وهو من اكثر مناطق العاصمة امنا قرب منزل الاسد ومكتبه.
وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه ان فرنسا تعمل مع الجامعة العربية على وضع مشروع قرار جديد في الاممالمتحدة.
واستخدمت روسيا والصين الشهر الماضي حق النقض (الفيتو) لاعاقة صدور قرار في مجلس الامن التابع للامم المتحدة لادانة دمشق لكن الجامعة العربية الحذرة عادة علقت عضوية سوريا لتقاعسها عن تنفيذ خطة سلام عربية.
وقال جوبيه امام البرلمان الفرنسي "تقع اعمال عنف جديدة وادى هذا الى اغلاق القنصليتين في حلب واللاذقية واستدعاء سفيرنا الى باريس" في اشارة الى الهجمات التي شنها في مطلع الاسبوع متظاهرون مؤيدون للاسد على المقار الدبلوماسية الفرنسية بالاضافة الى السفارتين التركية والسعودية.
والتقى وزراء الخارجية العرب في الرباط في المنتدى العربي التركي حيث وضع العلم السوري امام مقعد خال.
وقالت تركيا التي توجه حاليا انتقادات شديدة لسوريا حليفتها السابقة ان على دمشق ان تنفذ خطة السلام العربية لوقف الاضطرابات.
وشبه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي كان يتحدث عبر مترجم سوريا بليبيا التي اعتقل معارضوها معمر القذافي واذلوه وقتلوه الشهر الماضي.
واضاف "النظام يجب ان يلبي مطالب شعبه. المذابح الجماعية في سوريا... واراقة الدماء لا يمكن ان تستمر على هذا النحو."
وفي طهران انتقد وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الجامعة العربية "لتصرفها بطريقة ستضر بأمن المنطقة". وقال لوكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية الرسمية ان سوريا وهي حليفة لايران منذ 1980 تعهدت مرارا بالوفاء بالمطالب الشعبية المشروعة والقيام باصلاحات.
واضاف "للاسف بعض الدول تعتقد انها خارج الازمة... لكنها مخطئة لانه اذا حدثت ازمة فستقع في شرك عواقبها."
وقالت السعودية الحريصة على تخفيف الروابط بين ايران وسوريا ان الجامعة العربية تتصرف وفقا لمصلحة سوريا لا تدخلا في شؤونها.
وقال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل لقناة العربية الفضائية ان المهم ليس تعليق او عدم تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية بل وقف اراقة الدماء وبدء الحوار وسحب القوات من المدن السورية.
وشددت الدول الغربية عقوباتها على سوريا واصبح العاهل الاردني الملك عبد الله اول زعيم عربي يدعو الاسد للتنحي بعد ضمان تسليم سلس للسلطة.
ووقعت اعمال العنف في اشهر الانتفاضة الاولى خلال محاولات قوات الامن سحق الاحتجاجات السلمية في اغلبها. لكن منذ اغسطس اب يتزايد عدد التقارير الواردة عن انشقاقات في الجيش وعن مسلحين مدنيين يردون على هجمات الجيش.
وقال نشطاء ان اعضاء جيش سوريا الحر اطلقوا نيران الاسلحة الالية والقذائف الصاروخية على مجمع كبير لمخابرات القوات الجوية يقع على الطرف الشمالي للعاصمة على الطريق السريع بين دمشق وحلب في نحو الساعة 2.30 صباحا ( 0030 بتوقيت جرينتش).
واعقبت ذلك معركة بالاسلحة النارية وحلقت طائرات هليكوبتر فوق المنطقة. ولم ترد على الفور انباء عن وقوع اصابات. ولم تذكر وسائل الاعلام السورية الرسمية الهجوم.
ووضف دبلوماسي غربي في دمشق الهجوم بأنه "ذو دلالة رمزية كبيرة وجديد من حيث الاسلوب" قائلا انه اذا صحت التفاصيل الواردة فسيكون "/عملا/ منسقا اكثر واكثر من اي شيء حدث من قبل."
وتابع "ان تهاجم بالفعل قاعدة مثل هذه هو شيء اخر وقريبة جدا من دمشق ايضا" مضيفا ان القتال في الاسابيع الاخيرة الذي شارك فيه منشقون عن الجيش في بلدة الرستن ومدينة حمص يشبه حربا اهلية محلية.
وقال الدبلوماسي "انها ليست حربا اهلية في انحاء البلاد بل في مواقع محددة جدا ..الامر هكذا فيما يبدو."
وانشأ منشقون الجيش السوري الحر ويقوده العقيد رياض الاسعد الذي يقيم حاليا في جنوب تركيا.
واعلن هذا الاسبوع انه شكل "مجلسا عسكريا مؤقتا" من تسعة ضباط منشقين بقيادة الاسعد.
وقال البيان ان الجيش السوري الحر يهدف الى اسقاط النظام وحماية المدنيين من القمع ومنع الفوضى بمجرد سقوط النظام مضيفا انه سيشكل محكمة عسكرية لمحاكمة اعضاء النظام الذين ثبت ضلوعهم في عمليات القتل.
وعرض التلفزيون السوري لقطات لالاف من انصار الاسد يحتشدون في دمشق واللاذقية للاحتفال بيوم استيلاء والده حافظ الاسد على السلطة عام 1970. وقال ان الحشود اعربت ايضا عن رفضها لقرار الجامعة العربية.
وهتف المتظاهرون في وسط دمشق والذين نزلوا وسط امطار غزيرة للتلويح بالاعلام وصور الرئيس "الله .. سوريا ..بشار وبس." وقال التلفزيون السوري انه لا الامطار ولا العقوبات ستمنع السوريين عن التعبير عن وطنيتهم.
ولم تصل الجامعة العربية الى حد دعوة الاسد للتنحي ولم تقترح تدخلا عسكريا في سوريا على غرار ما حدث في ليبيا. لكن عملية النبذ العربي تعتبر ضربة قاسية للاسد الذي يرى نفسه دائما مناصرا للوحدة العربية.
وتحظر السلطات السورية عمل معظم وسائل الاعلام المستقلة وتلقي باللائمة في الاضطرابات على "عصابات ارهابية مسلحة" ومتشددين مدعومين من الخارج تقول انهم قتلوا 1100 من أفراد الجيش والشرطة.
وقتل مئات الاشخاص هذا الشهر احد ادمى الشهور في الانتفاضة.
وتقول دمشق انها ملتزمة بمبادرة السلام العربية التي تدعو الى وقف اطلاق النار وبدء حوار مع المعارضة.
وذكرت وسائل اعلام حكومية ان اكثر من الف سجين بينهم المعارض البارز كمال اللبواني افرج عنهم يوم الثلاثاء. لكن مدافعين عن حقوق الانسان يقولون ان عشرات الالاف من السوريين اعتقلوا منذ بدء احتجاجات الشوارع على حكم الاسد في مارس اذار.
(شارك في التغطية سهيل كرم في الرباط ودومينيك ايفانز في بيروت وجون ايريش في باريس ومحمد حبوشة في دبي ورامين مصطفوي في طهران)