«تيم كوك» الذى يبدو مجهولاً بالنسبة لأغلب المستخدمين.. من الواضح أن «جوبز» لم يخطئ فى نظرته لهذا الرجل الذى يملك جميع مقومات النجاح، وهو ما يشير إليه سجله الناصع فى خدمة أبل منذ انضمامه إليها فى نهاية تسعينيات القرن الماضى.. ولكن من هو تيم كوك؟ يتمتع «كوك» (50 عاماً) ابن ولاية ألاباما بمسيرة مميزة سواء على جانب الدراسة والعمل على السواء، فبعد حصوله على شهادته الجامعية فى مجال الهندسة الصناعية من جامعة «آوبرنس» عام 1982، قرر أن يواصل حياته الدراسية لينال درجة الماجستير فى إدارة الأعمال من جامعة ديوك عام 1988.
وبعد مسيرة دراسية متفوقة قرر أن يبدأ المسيرة المهنية، وتدرج فى الوظائف بداية من رئاسة شركة صغيرة وصولاً إلى قطاع الحاسبات الشخصية فى IBM وهناك قضى 12 عاماً بالكامل قبل أن ينتقل إلى أبل عام 1998، ولم يحتج «كوك» وقتاً طويلاً ليحقق النجاح حيث تمكن من إصلاح بعض من العيوب الجوهرية فى سياسات أبل للتصنيع، ومنها تقليل دورة تخزين المكونات التى يتم توريدها من 31 يوماً إلى 6 أيام فقط.
ومن بين أبرز سمات «كوك» هى قدرته على التنبؤ والتوقع بدقة شديدة لما تحتاجه أبل من مكونات داخلية لمنتجاتها التى لم تبدأ تصنيعها بعد، حيث قدم تقييماً دقيقاً للغاية لما تحتاجه منتجات أبل من وحدات الذاكرة فلاش، وقد ساهمت تعديلاته الفعالة فى منح أبل القدرة على إحداث تغييرات جذرية سريعة على منتجاتها، حيث لعب دوراً محورياً عندما قررت أبل التعاون مع إنتل واستخدام رقائقها الإلكترونية فى جميع أجهزتها منذ عام 2006.
نال «كوك» عن جدارة احترام وثقة جميع مسؤولى أبل بسرعة فائقة، فبعد ست سنوات فقط فى الشركة، أوكلت إليه مهمة قيادة أبل لمدة شهرين عام 2004 عندما تعرض «جوبز» لوعكة صحية، وهو ما تكرر مجدداً عام 2009 ولكن لمدة ستة أشهر، وفى تلك الفترة تحديداً استطاع تحقيق نجاح ملحوظ بقدرته على مواصلة عملية التطوير لأجهزة iPad وiPhone4 وفقاً لما هو مخطط لها، كما شهدت مبيعات أجهزة ماك فى فترة قيادته مبيعات كبيرة دعمت موقف أبل فى السوق بشكل كبير، وقد استطاع «كوك» أن يحمى علامات تجارية قوية لأبل من خطر نقص المخزون نتيجة لسياسته الحكيمة المتعلقة بشراء المكونات الداخلية للأجهزة مقدماً، والحرص على توافرها باستمرار. واستطاع «تيم كوك» طوال فترة عمله فى أبل أن يجذب إليه الأنظار سواء من المديرين الأعلى أو من يعملون تحت قيادته، نظراً لهدوئه التام على عكس «جوبز» حيث إن صوته لا يعلو نهائياً بصورة وصفها البعض أنها قد تبدو «مخيفة» و«مرعبة» فى بعض الأحيان، وكذلك نظرات عينه التى تنم عن تمتعه بقدرات قيادية مشابهة لما يتمتع به زجوبزس ولكن بطريقة مختلفة، وهو ما أكده أحد زملائه فى أبل فى حوار مطول مع مجلة «Fortune» عام 2008، والذى أشار أيضاً إلى عشق «كوك» لأدق التفاصيل بصورة قد تبدو مزعجة للغاية لمن يعملون تحت رئاسته.
حبه للعمل يسيطر عليه كلياً حيث يتواجد فى مقر أبل من الخامسة صباحاً تقريباً كما أنه عادة ما يكون ضمن أواخر من يغادرون المقر الرئيسي، وهذا الأمر معروف عنه حتى منذ كان فى «IBM» حيث كان يعمل باستمرار حتى فى فترات الأعياد، والمشكلة بالنسبة لمن يعملون معه أن يتوقع منهم نفس القدر من الالتزام للشركة وهو ما قد يجده البعض صعباً بل مستحيلاً فى بعض الأحيان، وبالرغم من ذلك فإن الكثير من الشركات سعت بصورة حثيثة للاستفادة من قدراته الإدارية الفائقة ومن بينها شركات HP وDell، وفقاً لمصادر إخبارية أمريكية.
