المهندسة أميرة صلاح.. 10 معلومات عن نائبة محافظ الإسكندرية الجديدة- صور    ذهب للوزارة الثامنة صباحًا.. تفاصيل أول يوم عمل رسمي لوزير الكهرباء الجديد    عاجل..جدول مواعيد مباريات دور ال 8 من يورو 2024    في انتظار رخصة كاف.. الزمالك يعلن انتهاء أزمة بوطيب    "اقتربت الصفقة".. إيدرسون مطلوب في الدوري السعودي    وزير الإسكان: الرئيس السيسي وجه بضرورة إيجاد حلول بديلة وغير تقليدية لتحقيق التنمية    بريطانيا: تراجع معدل شراء السيارات الخاصة الجديدة للشهر التاسع على التوالي    إعصار بيريل يضرب جاميكا.. دمار واسع في مدن عديدة    بدء الصمت الانتخابي اليوم تمهيدا لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية    عدد أيام إجازات يوليو 2024 وموعد عطلة رأس السنة الهجرية    السيسي يوافق على اعتماد خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2024-2025    مدبولي: مؤتمر أسبوعي عقب اجتماع الحكومة لمناقشة القضايا والرد على الاستفسارات    منافس مصر.. إعلان قائمة أوزبكستان استعدادًا لأولمبياد باريس 2024    ضبط مكتب إنتاج فني دون ترخيص في العجوزة    ادعى سرقته على يد 3 أشخاص.. تفاصيل سقوط مندوب اختلس أموال من شركة عمله    7 يوليو.. فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس التكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج    "الشرف غالي يا بيه".. أم تنهار لاختفاء ابنتها والشرطة تكتشف أنها وابنها وراء قتلها    بعد تصدره التريند .. ماهو مرض الفنان توفيق عبدالحميد؟    إيرادات قوية لفيلم اللعب مع العيال في دور العرض.. كم حقق في 22 ليلة؟    عقب أداء اليمين.. وزير الصحة يجتمع بنوابه لوضع خطط العمل خلال الفترة المقبلة    تحرير 35 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    روسيا البيضاء تنضم لمنظمة شنجهاي للتعاون الدولي    محافظ قنا: سنعمل معا على التنمية واستكمال مشروعات حياة كريمة    عمرو سعد: أحمد حلمي قرر أنه مش هيشتغل معايا أنا وأخويا    مدير مكتبة الإسكندرية يشرح تفاصيل تصميم «بيت مصر في باريس»: صُمم بهوية مصرية    «مناسب لكل الأعمار».. 5 وجوه للترفيه في مهرجان العلمين    مراسل «القاهرة الإخبارية»: قصف متواصل للمناطق الشرقية في قطاع غزة    أستاذ جراحة تجميل: التعرض لأشعة الشمس 10 دقائق يوميا يقوي عظام الأطفال    لتأخر صرف الأدوية.. «الصحة» تحيل مديري الصيدليات بمستشفيي العامرية والقباري للتحقيق    رئيس الاعتماد والرقابة الصحية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع مؤشر مصر الصحي    محافظ القليوبية يعتمد مواعيد امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي لصفوف النقل    «منهج تنفيذي».. محافظ المنيا الجديد: العمل وفق استراتيجية التواجد الميداني    البيت الأبيض: هدف باريس وواشنطن حل الصراع عبر الخط الفاصل بين لبنان وإسرائيل دبلوماسيًا    تقرير: أوروبا تدعم زيادة شحنات الأسلحة لأوكرانيا وترفض إرسال جنود للقتال    ملفات محافظ أسيوط الجديد.. أبرزها إنهاء الخصومات الثأرية وإحكام الرقابة على الأسواق    انقلاب سيارة وتهشم أخرى في حادث تصادم بالتجمع |صور    العكلوك: الاحتلال يستهدف التوسع الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية    حزب الله يشن هجوما بمجموعة من المسيرات على 7 مواقع عسكرية إسرائيلية    سويلم يتابع ترتيبات عقد «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    وزير التموين ل"اليوم السابع": نستهدف جودة سلع الدعم المقدمة للمواطن    صندوق النقد: 33% من الوظائف مُعرضة للخطر بسبب الذكاء الاصطناعي    استقبال العام الهجري الجديد 1446 بالدعاء والأمل    طلاب الثانوية العامة يمتحنون الكيمياء والجغرافيا.. السبت    "رغم سنه الكبير".. مخطط أحمال بيراميدز يكشف ما يفعله عبدالله السعيد في التدريب    قرعة التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2025.. تعرف على موعدها    المفتي يهنئ الرئيس السيسي والشعب المصري بالعام الهجري الجديد    وزير الصحة يجتمع بنوابه الثلاثة.. ماذا قال لهم؟    «دون وفيات».. انهيار منزل من 5 طوابق بالمنوفية    شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا    متى وقت أذكار الصباح والمساء؟.. «الإفتاء» تكشف التفاصيل    ناقد رياضي: متفائل بالتشكيل الوزاري وأدعم استمرارية أشرف صبحي في وزارة الرياضة    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: افتقدنا للأيادي القوية غير المرتعشة.. والحكومة الجديدة تضم خبرات دولية    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير الشعراوي للآية 38 من سورة الأنعام
نشر في الفجر يوم 27 - 12 - 2017

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ(38)}.
إنه سبحانه يوضح لنا: أنا أعطي الآيات التي أعلم أن الفطرة السليمة تستقبلها كآية وتؤمن بها. وأنزلت لكم القرآن لتؤمنوا بالرسول الذي يحمله منهجا يُصلح حياتكم. وقد جعلتكم سادة للكون؛ تخدمكم كل الكائنات، لأنكم بنو آدم، وكان الأجدر بكم أن تنتبهوا إلى أن الحيوان في خدمتكم، والنبات في خدمة الحيوان وخدمة الإنسان، وكل كائنات الوجود تصب جهدها المسخر لخدمتكم. فإذا كنتُ قد جئتُ للأجناس كلها وجعلتُها دونكم وأعطيتها ما يصلحها ويقيمها ووضعت لها نظاماً، وأعطيتها من الغرائز ما يكفي لصلاح أمرها حتى تؤدي مهمتها معكم على صورة تريحكم فإذا كان هذا هو شأننا وعملنا مع من يخدمكم فكيف يكون الحال معكم؟ إنني أنزلت المنهج الذي يصلح حياة من استخلفته سيداً في الأرض. {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38].
وكل الدواب دون الإنسان أعطاها الإله الإيمان بالفطرة، وهداها إلى الرزق بالغريزة. وميز الإنسان فوق كل الكائنات بالعقل، ولكن الإنسان يستخدم عقله مرة استخداما سليما صحيحا فيصل إلى الإيمان، ويستخدمه مرة استخداما سيئا فيضل عن الإيمان. وكان على الإنسان أن يعلم أنه تعلم محاكاة ما دونه من الكائنات؛ فقابيل تعلم من الغراب كيف يواري سوأة أخيه. ومصمم الطائرات تعلم صناعة الطيران من دراسة الطيور. إذن كان يجب أن يتعلم الإنسان أن له خالقاً جعل له من الأجناس ما تخدمه ليطور من حياته ومن رعاية كرامته بعد الموت. والمثال ما قالته نملة لبقية النمل: {حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل قَالَتْ نَمْلَةٌ ياأيها النمل ادخلوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} [النمل: 18].
إن النمل أمة لها حرس، قالت حارسة منهم هذا القول تحذيراً لبقية النمل.
والله سبحانه يقول: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44].
إذن فكل أمة من تلك الأمم الكثيرة التي خلقها الله في الكون تسبح بحمده، ولكن لا يفهم أحد لغات تلك الأمم. وأعلمنا الله أنه علم سيدنا سليمان لغات كل الأقوام وكل الأمم المخلوقة لله، ولذلك عندما سمع سيدنا سليمان ما قالته النملة: تبسم {ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا}.
وهكذا علمنا أن الله قد أعطى إذن سليمان عليه السلام ما جعلها تمتلك حاسية التقاط الذبذبة الصادرة من صوت النملة وتفهم ما تعطيه وتؤديه تلك الذبذبة، لذلك تبسم سليمان عليه السلام من قولها؛ لأن الله علمه منطق تلك الكائنات. ولو علمنا الله منطق هذه الكائنات لفقهنا تسبيحهم لله، ونحن لا نفقه تسبيحهم لأننا لم نتعلم لغتهم. ومثال ذلك- والله المثل الأعلى- قد يسافر إنسان عربي إلى بلاد تتحدث الإنجليزية وهو يجهل تلك اللغة، فلا يفهم مما يقال شيئاً.
إذن لو علمك الله منطق الطير، ومنطق الجماد، ومنطق النبات؛ لعلمت لغاتهم.
ألم يقل الحق سبحانه وتعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الجبال يُسَبِّحْنَ} [الأنبياء: 79].
إن الجماد- الجبال- تسبح مع داود. وكذلك الطير؛ فها هوذا الهدهد قد عرف قضية التوحيد، وحز في نفسه أنه رأى ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس من دون الله: {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ} [النمل: 24].
إذن فالهدهد قد عرف قضية التوحيد، وعرف أن السجود إنما يكون لله سبحانه وتعالى: {أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ الذي يُخْرِجُ الخبء فِي السماوات والأرض} [النمل: 25].
إذن كل الكائنات هي أمم أمثالنا. وقد يقول قائل: ولكن هناك كائنات ليست في السماء ولا في الأرض، مثل الأسماك التي في البحار؟ ونقول: إن الماء ثلاثة أرباع الأرض والسمك يسبح في جزء من الماء الذي هو جزء من الأرض. فهو يسبح في جزء من الأرض، فسبحانه الذي خلق الدواب في الأرض، وخلق الطيور، وخلق الأدنى من هذه الأمم وهداها إلى مصلحتها ومصدر حياتها: {الذي خَلَقَ فسوى والذي قَدَّرَ فهدى}.
ونرى العلماء يحاولون الآن اكتشاف لغة الأسماك، واكتشاف كل أسرار مملكة النحل ونظامها، وكيف تصير أعشاش النمل مخازن في الصيف لقوت الشتاء. ودرسوا سلوك النمل مع حبة القمح، وكيف تخلع النملة خلايا الإنبات من بذرة القمح، لأن خلايا الإنبات إن دخلت مع حبة القمح إلى مخزن غذاء النمل قد تنبت وتدمر جحر النمل. وهكذا نرى صدق الحق الأعلى. {الذي خَلَقَ فسوى والذي قَدَّرَ فهدى} [الأعلى: 2-3].
وقرون الاستشعار في النملة تثير العلماء؛ لأن النملة الواحدة ترى على سبيل المثال قطعة السكر، فلا تقربها ولكنها تذهب لاستدعاء جيش من النمل قادر على تحريك قطعة السكر، ووجد العلماء أن وزن الشيء الذي يتغذى به النمل إن زاد على قدرة نملة، فهي تستدعي أعداداً من النمل ليؤدوا المهمة.
وتساءل العلماء: من أين للنمل إذن هذه القدرة على تحديد الكتلة والحجم والوزن؟ إن تحديد العدد الذي يحمل حجماً محدداً يثير الغرابة والعجب، فكيف يمكن أن نتصور أن النمل يفرق بين شيئين يتحد حجمهما ويختلف وزنهما ككتلة من حديد وأخرى تماثلها في الحجم من الأسفنج؟ إن النمل يستدعي لكتلة الحديد أضعاف ما يستدعيه لحمل كتلة الأسفنج مع اتحادهما في الحجم؛ إنها من قدرة الحق الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى.
ثم إنك تلتفت إلى الحيوان فتجد الذكر والأنثى، وتجد أن الجمال كله في ذكور الحيوان، بينما لا يكون الأمر كذلك في إناث الحيوان، والكثرة الغالبة هي من الإناث والقلة من الذكور، ولا يقرب الذكر أنثاه إلا في موسم معين، وإلى أن يأتي موسم التلقيح تنصرف الأنثى إلى إعداد العش وتهيئته لما عساه أن يوجد من نتاج، وهذه العملية لحكمة عالية ربما تكون لبقاء نوع الحيوان حتى يعين الإنسان في إعمار الأرض.
وفي عالم الطير نجد الطيور تبني العش بفن جميل لاستقبال الفرخ الذي خرج من البيض وتفرش له العش بأنعم الأشياء، إنها تفعل ذلك بإتقان جيد وبصورة ربما يعجز البشر أن يعمل مثلها. ثم نجد في دنيا الحيوان والطير أن الكائن ما إن يبلغ القدرة على الاعتماد على نفسه فلا تعرف الأم ابنها من ابن غيرها. إذن فكل المخلوقات أمم أمثالنا أرزاقاً وآجالاً، وأعمالاً، فصدق الله إذ يقول: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ}.
وقد يكون المراد من الكتاب هنا هو اللوح المحفوظ، ولكننا نقول: إنه القرآن، وكل شيء موجود ومذكور أو مطمور في القرآن الكريم. وذكر القرآن أن هذه الأمم تعرف التوحيد، وأنهم يسبحون لله. والعمل المعاصر يكتشف في كل دقيقة حقائق هذا الكون المنظم. ونجد العقل يهدينا إلى أن نوجد أشياء لصالح حياتنا، ولكن عندما نتبع الهوى فإننا نفسد هذا الكون. إن الله سبحانه جعل للخادم من دواب الأرض نطاقًا للعمل والرزق والأجل بحكم الغريزة، وكذلك جعل للطير، ولكل الكائنات: ويقول الحق سبحانه وتعالى في محكم آياته الكريمة: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38].
إذن كل شيء يحشر يوم القيامة. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء).
أي أن الحق سبحانه يقتص من الشاة ذات القرون التي نطحت الشاة التي بلا قرون ويعوضها عن الألم الذي أصابها. وبعد أن يأخذ كل كائن من غير الإنس والجن حَقَّه يصير إلى تراب. أما الذين يسمعون ولا يستجيبون فهم المكذبون بالآيات، ولذلك يقول عنهم الحق سبحانه وتعالى: {والذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا...}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.