بين ليلة وضحاها أصبح اسم عبدالملك الحوثي، من أبرز الشخصيات في الملعب السياسي ليس في اليمن وحسب، ولكن في العالم بأكمله، حيث برز اسم عبدالملك الحوثي، 38 عامًا، على الساحة السياسية عام 2014، بعد أن أعلن الحوثيون سيطرتهم على مقر الحكومة اليمنية في العاصمة صنعاء، والإذاعة الرسمية، وعدد من المواقع العسكرية، بعد معارك استمرت لأيام عدة، وأودت بحياة المئات. وجاء ذلك بعد التحركات والتحضيرات التي قام بها عبدالملك، منذ انتفاضة اليمنيين عام 2011، فتصدر المشهد، وعمل في تلك الأثناء على تعزيز سيطرة مجموعته على محافظة صعدة، مسقط رأسه، في شمال غرب اليمن، وفي المقابل استغل كافة السبل لاضعاف السلطة المركزية. وصف عبد الملك الحوثى، زعيم جاعة الحوثيين، عملية اغتيال الرئيس اليمنى الراحل على عبد الله صالح بالاستثنائية والتاريخية، زاعما أن قوات صالح ميليشيا تعمل لصالح العدوان الذي تقوده السعودية. واستنكر التحول الكامل للرئيس اليمنى الراحل على جماعته بعد 3 سنوات من التعاون معها. أشاد عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين بمقتل الرئيس اليمني السابق وخصم جماعته علي عبد الله صالح ووصفه بأنه انتصار على التحالف الذي تقوده السعودية ويحارب الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات. نشأته وولد عبدالملك الحوثي في محافظة صعدة في عائلة متدينة، فجده أمير الدين الحوثي واخ جده الحسن بن الحسين الحوثي من رجال الدين المعروفين في المنطقة، وكان والده أحد كبار المرجعيات الدينية الزيدية الذي تتلمذ على يدها العشرات من رجال الدين.
لم يحصل على شهادة علمية وكان عبدالملك يتنقل منذ صغره مع اهله ووالده الذي كان يتنقل في وسط أرياف وقرى محافظة صعدة لتدريس العلوم الفقهية ولحل قضايا النزاعات بين الناس، ولم يدرس عبد الملك الدراسة النظامية، أو يحصل على أي شهادة علمية نظراً لعيشه في مناطق ريفية قد لا يتوفر فيها التعليم الحكومي، لكنه درس على يد والده الكتابة والعلوم الدينية وفق "المذهب الزيدي" في حلقات تدريس في مسجد القرية منذ سن مبكرة وقيل أن والده خصص له منهجا تدريسيا خاصا عندما بلغ الثالثة عشر، فكان والده يقول عنه ""طارقة" (أي "علامة") وانه قطع شوطا متقدما في التحصيل الدراسي وقيل أن عبد الملك قد تزوج وهو سن الرابعة عشر.
بدايته السياسية في منتصف التسعينات ترك عبدالملك محافظة صعدة إلى العاصمة اليمنية صنعاء للعيش مع أخيه الأكبر حسين مؤسس جماعة "الشباب المؤمن" (التي عرفت فيما بعد بجماعة انصار الله) وتأثر به كثيراً حتى صار فيما بعد بمثابة الأب الروحي له وقدوة له، وعمل كحارس شخصي لأخيه حسين الذي كان أنذاك عضواً في البرلمان اليمني عن حزب الحق، وبالرغم انه كان حارس لأخيه إلا أنه قيل أنه تعلم في صنعاء ثقافة المدن المختلفة عن ثقافة القرى، وتفتحت مداركه للانتمائات الحزبية والجغرافية والايديولوجية والجانب السياسي، حسب ما ذكر "عابد المهذري" في مقالة صحفية له، وهو صحفي مقرب من الحوثي.
توليه القيادة قبل أيام قليلة من مقتل حسين بدر الدين الحوثي تلقى عبدالملك منه رسالة مكتوبة تحتوي على توجيهات وخطط للمواجهات مع الحكومة، وقيل أن عبد الملك كان حينها يحاول مع جماعته فك الحصار الذي فرضه الجيش اليمني على اخية حسين الذي كان متحصنناً في كهف جبلي يدعى "جرف سلمان"، حيث تمكنت وحدات من الجيش من قتل حسين الحوثي في 10 سبتمبر 2004 وتوقفت حينها الحرب الأولى، وأنسحب عبدالملك مع رفاقه إلى منطقة جبلية على الحدود مع السعودية. تخفى عبدالملك في منطقة نقعة وتجمع معه أنصاره فيها وأندلعت الحرب الثانية في الفترة (مارس - مايو 2005) قتل خلالها حوالي 200 شخص، وعرض الرئيس حينها علي عبد صالح على الحوثيين تسليم أنفسهم مقابل العفو عنهم، ورفض الحوثيين واستمرت المعارك والمناوشات وأصدرت الحكومة اليمنية بيانا يلوم فيه المتمردين على مقتل 522 مدني وجرح 2,708 آخرين وخسائر اقتصادية تقدر 270 مليون دولار، وسلم عبد الله بن عيضة الرزامي، القيادي في حركة الشباب المؤمن نفسه إلى السلطات اليمنية في 23 يونيو.