الوفد يبدأ تلقي طلبات الترشح لرئاسة هيئاته البرلمانية    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    وزير قطاع الأعمال يوجه بزيادة معدلات إنتاج مصانع «النصر للكيماويات الدوائية»    الرئيس و «أولادنا»    مسؤول سابق بالناتو: الاتحاد الأوروبي لن يكون له دور في وقف الحرب بغزة    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    مباشر مباراة الهلال والاتحاد ببطولة الدوري السعودي لحظة بلحظة (0-0)    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    أمطار ورياح أول أيام الخريف.. الأرصاد تُعلن حالة الطقس غدًا الأحد 22 سبتمبر 2024    عاجل| ماذا يحدث في أسوان؟.. المحافظ يكشف تطورات جديدة    بدء حفل إعلان جوائز مهرجان مسرح الهواة في دورته ال 20    جيش الاحتلال: إصابة جندي بجروح خطيرة في الضفة الغربية الليلة الماضية    استشاري تغذية: نقص فيتامين "د" يُؤدي إلى ضعف المناعة    مرموش يقود هجوم فرانكفورت لمواجهة مونشنجلادباخ بالدوري الألماني    رئيس هيئة السكة الحديد يتفقد سير العمل بالمجمع التكنولوجي للتعليم والتدريب    انطلاق ثانى مراحل حملة مشوار الألف الذهبية للصحة الإنجابية بالبحيرة غدا    عاجل - في قلب المعركة.. هاريس تحمل درع النساء وتقف في وجه إمبراطورية ترامب    السيطرة على حريق بمزارع النخيل في الوادي الجديد    مصرع طفل غرقا بترعة ونقله لمشرحة مستشفى دكرنس فى الدقهلية    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    الموت يفجع المطرب إسماعيل الليثى    حشرة قلبت حياتي.. تامر شلتوت يكشف سر وعكته الصحية| خاص    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    تنظيم فعاليات مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان" بمدارس بني سويف    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    أستاذ علم نفسم ل"صوت الأمة": المهمشين هم الأخطر في التأثر ب "الإلحاد" ويتأثرون بمواقع التواصل الاجتماعي.. ويوضح: معظمهم مضطربين نفسيا ولديهم ضلالات دينية    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    رئيس جامعة المنصورة الأهلية يتفقد إجراءات الكشف الطبي على الطلاب الجدد    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    المشاط تبحث مع «الأمم المتحدة الإنمائي» خطة تطوير «شركات الدولة» وتحديد الفجوات التنموية    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل الجولة الخامسة    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الترام" عبر مائة عام من الحمير إلي الكهرباء (ملف)
نشر في الفجر يوم 08 - 02 - 2017


الرجل الذي باع الترام
وهي قصة حقيقية لنصاب، كان يبلغ عمره حينما خرج من السجن حوالي 27 سنة حكي للصحافة قصة بيعه الترام لأحد القرويين، وهي الحادثة التي كانت علي ما يبدو أعظم انجازاته في عالم النصب حيث يقول في روايته أنه كان يركب الترام رقم 30 في شارع "قصر العيني" وكان بجواره أحد القرويين، فأعطاه سيجارة وتبادلا النصاب والقروي الحديث وكان ذلك بداية الخيط .
النصاب من القروي أنه جاء للقاهرة كمستثمر يبحث عن عمل يليق به في القاهرة وأن معه بعض المال الذي يمكّنه من البدء في العمل، وهنا عرض النصاب علي رجل الأعمال المرتقب بضعة مشاريع ولكنه رفضها، وفي معرض الحديث أبدي القروي ملاحظة علي ازدحام الترام فعرض النصاب عليه أن يشتريه.
فابتهج القروي وتوجها لمحامي للحصول علي عقد بيع بصم عليه القروي، وطلب منه النصاب 200 جنيه مؤكداً للقروي أنه نظراً لكونهما "بلديات" كان هذا السعر البخس في حين أن الترام لو كان لشخص آخر لباعه بألف جنيه مصري.
بعد المساومة والإلحاح من القروي، تم بيع الترام بمبلغ 200 جنيه دفع القروي مبلغ 80 جنيها وختم علي كمبيالة بمبلغ 120 جنيهاً، وفي ميدان العتبة أنتظر الجميع الترام رقم 30 كي يستلمه القروي حيث اتجه النصاب إلي الكمساري ومنحه قرش صاغ كامل وكانت التذكرة حينها بمبلغ 8 مليمات وطلب من الكمساري أن يحتفظ بالباقي نظير الاهتمام ببلدياته الذي سينزل في أخر الخط، بعدها أخبر النصاب أنه عند نهاية الخط عليه أن يذهب إلي المحصل لاستلام الإيراد كاملاً وإلا سيتم إلغاء البيع وتركه النصاب بعدها، وعند نهاية الخط نبه الكمساري بأن عليه النزول، فطلب الأخير الإيراد فدهش الكمساري وتطور الأمر إلي خناقة انتهت في قسم الشرطة، وكانت قصة أول قروي ساذج يشتري الترام في العالم، والواقع أن تلك القصة انتشرت عالمياً حتي أن مجلة لندن المصورة نشرت لوحة فنية في صدر غلافها تجسد تلك القصة.
تاريخ أنشائه
في عهد الوالي محمد سعيد باشا بعد أن منحت الحكومة المصرية لشركة "إدوار سان جون" الإنجليزية امتياز إنشاء ترام الرمل (الأزرق)،كان ذلك في عام 1860 وكانت تلك هي بداية دخول الترام للإسكندرية ليصبح أول وسيلة نقل جماعية بمصر وقارة أفريقيا، ثم يليه ترام المدينة (الأصفر) الذي أدخلته شركة بلجيكية اسمها "ترامواي" عام 1896 في حضور الخديوي عباس حلمي الثاني، وحتى قيام ثورة يوليو، كان سائقو الترام من الإيطاليين ومحصلو التذاكر (الكمسارية) من المالطيين، وفي البداية كانت العربات تجرها الخيول ثم تحول إلى العمل بالبخار إلى أن أصبح يعمل بالكهرباء قبل التوسع في إنشاء الشبكات لتخدم مناطق أخرى بالمحافظة لمسافة تصل لأكثر من 15 كلم.
انواعه
الترام الأزرق، يمر على الأحياء الراقية للمدينة الساحلية، مثل أحياء جناكليس وزيزينيا ورشدي وغيرها من المحطات التي استمدت أسماءها من الأجانب الذين كانوا يسكنونها بعهد الملكية، فتلاحظ أنها مكونة من ثلاث عربات خصصت إحداهن للسيدات، وأخرى للرجال، والأخيرة عربة مختلطة، ويبلغ سعر تذكرته 25 قرشاً، وهناك ترام من عربة واحدة ذات درجة سياحية وتكلفة تذكرتها جنيه واحد، وهي بلا أبواب ونوافذها عريضة بحيث يتمكن الراكب من مشاهدة بانوراما للمدينة ويتمتع بمعالمها في مدة تتجاوز الساعتين، أما الرحلة عبر الترام ذي العربات الصفراء، والمكون من عربتين تأخذك إلى قلب المناطق الشعبية بالإسكندرية، فتمر على أشهر محطاته، من محطة قصر رأس التين وهي مجاورة للقصر الملكي الفخم ومحطة الرمل والقائد إبراهيم ومحطة مصر والرصافة والنزهة وناريمان والورديان.
ولكن نجد ترام المدينة يتفوق على نظيره بالعاصمة، ذلك لان 65 مليون راكب سنويا يستفيدون من الترام الأصفر و73 مليونا من الأزرق، وأيضا تتولى الدولة دعم تذكرة الترام بنسبة 39٪، أن شبكة الترام بالإسكندرية هي الوحيدة بمصر والثالثة علي مستوى العالم التي تستخدم العربات ذات الطابقين بعد ليفربول بإنجلترا وهونغ كونغ بالصين.
مزايا وعيوب
إن أهم مزايا الترام انخفاض سعر تذكرته التي تعتبر مناسبة لكافة طوائف الشرائح المجتمعية حيث يستخدمه كل من طلبة المدارس والجامعات والموظفين والعمال، إلا أن بطء حركته يعد عيباً أساسياً مما يجعل بعض المواطنين يفضلون استقلال "الميكروباص" أو السيارة كبديل، ولكن يعتبر الترام وسيلة مناسبة لركابه كنوع من الترفيه، والمرور على معالم المدينة، كونه يسير في مسار منعزل وثابت بعيداً عن زحام السيارات.
أول ترام كهربائي
وصاحب فكرة الترام الكهربائي هو "جون فيل ترام" الذي مد أول خط حديدي داخل مدينة نيويورك عام 1858 أعقبه بثلاث سنوات مد أول خط حديدي بمدينة لندن، وفي البداية استخدم في سير العربات الدواب، خاصة الخيول ثم تطور الأمر باستخدام القاطرة البخارية بدلاً من الخيول، وقد استخدمت الخيل في نطاق محدود، علي خط ترام الرمل بالإسكندرية في الفترة من 8يناير إلي 22أغسطس عام 1862.
في عام 1891 تقدمت شركة "الترامواي البلجيكية" إلي نظام الأشغال بطلب الحصول علي امتياز تسيير خطوط ترامواي بالقاهرة، وكان الطلب مدعماً برسومات الخطوط التي وضعها مهندس الشركة "جون فيل" علي أن تمتد إلي ضواحي العاصمة.
في نوفمبر 1894 صدق مجلس النظار علي منح الامتياز المطلوب للشركة علي أن ينتهي بعد 50 عاماً ومنحها الحق في مد ثمانية خطوط يتفرع معظمها من أمام سراي العتبة الخضرا،ء كان أهمها الخط الممتد إلي الخليج المصري فمصر القديمة إلي جزيرة الروضة.
في أغسطس 1896 احتفل بتسيير أول مركبة كهربائية في شوارع القاهرة حيث استقل ناظر الأشغال العمومية وكبار موظفي النظارة وبعض الأمراء والأعيان عربات الترام من بولاق إلي ميدان العتبة الخضراء، وكان في انتظارهم محافظ العاصمة ومدير الشركة البلجيكية وقناصل الدول وجمع من المدعوين ثم سارت بهم المركبات بين حشد من الجماهير تصلصل بأجراسها المميزة الشهيرة إلي ميدان محمد علي (القلعة).
بعد أن افتتح فخري باشا هذا المشروع الحضاري سمح للركاب باستخدام "الترماي" الكهربائي من الساعة السابعة من مساء نفس اليوم، علي خطين الأول من بولاق إلي كوبري قصر النيل والثاني من العتبة إلي باب الخلق.
ترام بورسعيد
كان الترام في بورسعيد يُطلق عليه "السوارس" ويجره البغال، وسوارس هو اسم عائله يهوديه من اصل إيطالي انتقلت للعيش فى مصر واستقروا بها ويقال ان احد افراد هذه العائله وصل إلى درجة المستشار الاقتصادى للخديوى "عباس حلمى الثانى" ومارسوا أعمالهم التجاريه فنرى لهم بنوك وشركات ومصانع ووسائل مواصلات خاصه بهم ابتكروها وسموها على اسم عائلتهم اليهوديه وهى "سوارس" وهى عربيات تمشى على قضبان حديديه يجرها خيول وأحيانا حمير وبغال، والعربة من الداخل كانت تتكون من صفين من المقاعد مقابلين لبعض، ويقف السائق في نفس العربية خلف الحمار مباشرة، انقرضت سوارس وأصبحت تحفة من تحف الماضي فى بورسعيد. .
اللائحه التنظيمية
في أول ابريل عام 1900 أصدرت الشركة لائحتها التنظيمية بموافقة الحكومة، ونشرت بجريدة الوقائع المصرية وكان أهم بنودها
(أن كل محدث غوغاء أو سكران أو مصاب بعاهة تشمئز منها النفس يمنع من ركوب الترامراي أو تعليق شئ عليها أو السير أمام العربات السائرة أو مرافقتها أو السير خلفها أو التعلق بها).
وبتعاقب السنين امتدت شبكة من خطوط الترام تربط أهم أحياء وميادين القاهرة، باب الحديد والعتبة وشبرا وروض الفرج وبولاق والسبتية وعابدين والسيدة زينب والسكاكيني والعباسية ومصر القديمة والإمام الشافعي وحتي عام 1922 كانت الشركة البلجيكية قد أتمت كثيراً من خطوطها، مما لا شك فيه أن هذه الشركة قد أفادت القاهرة كثيراً وكان أثرها في تزايد العمران بالغاً، فقد ربطت المدينة وأطرافها والمناطق العمرانية الجديدة بشبكات منتظمة من خطوط الترام، وبأجور بستة مليمات للدرجة الأولى وأربعة مليمات للدرجة الثانية وكان النظام والنظافة والتفتيش اليومي والحرص علي راحة الركاب أبرز الخدمات التي تقدمها الشركة.
في السنوات الأولي كان يوضع جهاز راديو لتسلية الركاب، وفي بعض الأحيان بالورود والرياحين ولافتات للدعاية لافتتاح محل جديد أو مدرسة أو مطعم أو ملهي تطوف بالشوارع التي تمتد بها خطوط.
كان الترام أحد أجمل معالم القاهرة خلال القرن الماضي، وكان أيضا شاهدا علي تطورها وتحولها من حياة القرون الوسطي إلي الحياة الحديثة.
وكان لتشغيله بمثابة نقلة حضارية كبيرة للمجتمع القاهري علي نحو خاص، ففي تلك الفترة كانت السيارات تعد علي أصابع اليد الواحدة، وكانت وسائل الانتقال المتاحة محدودة وتتمثل في الحمير والعربات التي تجرها الخيول، ربما المثير هو أن وجود الترام لم يقتصر علي القاهرة وحدها بل ظهر الترام أيضا في الإسكندرية ولا يزال موجودا حتي يومنا هذا.
اضراب العمال
حدثين هامين في تاريخ ترام القاهرة، ونقصد بهما الإضراب العام الذي قام به عمال شركة الترام البلجيكية للضغط علي قيادات الشركة لتحسين أوضاعهم المعيشية.
وقع الإضراب الأول في عام 1911 ولم يستمر لفترة طويلة ولهذا كانت تداعياته علي حياة سكان القاهرة محدودة، بينما حدث الإضراب الثاني في عام 1919 وكان الترام حينها وسيلة الانتقال الرئيسية في القاهرة، ولهذا تسبب في شلل شبه كامل بالقاهرة ومتاعب جمة للموظفين وأصحاب الأعمال، وزاد من حدة تلك الأزمة استمرار الإضراب لمدة 56 يوما عاني خلالها القاهريون الأمرين، ففي تلك الفترة كان الأتوبيس أو "الأومنيبوس" كما كان يعرف حينها من وسائل الانتقال المستحدثة، بينما كانت وسائل الانتقال التقليدية المتمثلة في عربات الكارو وعربات سوارس التي تجرها الخيول قد بدأت في الانقراض، ولهذا وجد أصحابها في الإضراب فرصة ذهبية لتكوين ثروات بالمعني الحقيقي للكلمة، حيث تحكم أصحابها في أجور الانتقال من مكان لأخر وكانت تلك الأجور باهظة.
عربات الترام
كانت أشهر عربات الترام في مصر علي الإطلاق هي الترام البلجيكي الذي استمر تواجده في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتي سبعينيات القرن الماضي، وبدأ ظهور الترام البلجيكي كعربات مفتوحة ثم سرعان ما تطورت بعد عقود إلي عربات مقفلة، وفي السبعينيات أدخلت بعض التعديلات في ورشة هيئة النقل العام علي "السنجة" التي كثيراً ما كانت تقع عند سير الترام الأمر الذي كان يتطلب نزول الكمساري أو السائق لإعادتها إلي مكانها الصحيح واستئناف السير، حيث استبدلت بما يشبه الشبكة التي تصل بمصدر الكهرباء أعلي الترام دون أن تقع باستمرار، وتبين بعض الصور أن تعديلات أخري أدخلت علي شكل الترام بإضافة حاجز صدمات لحماية الترام وكان شكلها سخيفاً، وتواصل استخدام تلك العربات إلي أن تهالكت وصارت قطعاً من الخردة حتي أنه لم يبق حتي يومنا هذا سوي عربة واحدة تم تجديدها كقطعة من تراث مصر الحضاري في أحد جراجات الترام التابعة لهيئة النقل العام
.
من عربات الترام الأخري الشهيرة في مصر الترام الأمريكي الشهير PCC والذي قامت هيئة النقل العام بالقاهرة بشرائه، كعربات مستعملة بعد أن خرجت من الخدمة في بعض المدن الأمريكية وهي العربات الفردية ذات الشكل الاسطواني التي عرفها المصريون في سبعينيات القرن الماضي، وظهرت كذلك علي خطوط ترام الرمل، وبشكل عام لم تدم تلك العربات طويلاً.
.
وربما الأسوأ بين عربات الترام التي ظهرت في تاريخ مصر، هي عربات الترام التشيكي تاترا K5AR والتي حصلت هيئة النقل العام بالقاهرة علي 200 وحدة منها، وفي الواقع لم تكن تلك العربات سيئة للغاية بل كانت عبارة عن وسيلة انتقال حرصت الشركة التشيكية علي أن تصمم نظامها الكهربي، بحيث يمكنه تحمل الظروف الجوية الحارة في القاهرة، كما كانت كل عربة من عربتي الترام مزودة بثلاث أبواب لتسهيل الصعود والنزول ولكن لم تصمد تلك العربات طويلاً بسبب نقص قطع الغيار وضعف مستوي الصيانة، وفي الواقع استمرت تلك العربات في العمل حتي أوائل الثمانينيات وبحلول منتصف ذلك العقد لم تبق في الخدمة سوي أعداد ضئيلة من عربات هذا النوع، والغريب أنه طيلة تلك الفترة، كانت عربات الترام البلجيكي لا تزال تعمل بحالة جيدة.
في أوائل الثمانيات من القرن الماضي، بدأت مصر في تصنيع عربات الترام، وبدأت بالفعل تسليم بعض وحدات الترام المصنعة محليا إلي هيئة النقل العام لتشغيلها علي الخطوط المحلية، وبدأت تلك الوحدات بالفعل في العمل علي خط السيدة زينب- المطرية، وفي العام التالي تم تسليم 100 وحدة مصنعة محليا للهيئة، وكانت تلك الوحدات تنتج تحت إشراف خبراء من اليابان وبواسطة مهندسين مصريين.
نهايته
ومع بداية الثمانينيات من هذا القرن انتهي بالفعل العصر الذهبي للترام، فمع تزايد حركة الحياة وضغط المرور بشوارع القاهرة، كان كل تعديل لتحقيق سيولة المرور علي حساب إلغاء عدد من خطوط الترام حتي اختفي تماماً من مناطق بأكملها مثل شارع الأهرام والجيزة والروضة ومصر القديمة وشارع قصر العيني ووسط القاهرة والجزيرة والزمالك وبولاق ويكاد يتواري علي استحياء فيما بين أول شارع الجيش وميدان العباسية، وفي أوائل التسعينيات، أحيل ترام الفجالة إلي التقاعد، وكان السبب في التعجيل بإلغاء خطوط الترام في منطقتي الفجالة والظاهر، وقد انقسمت الأراء ما بين مؤيد ومعارض لتلك الخطوة فالبعض رأي أن إلغاء الترام حقق للشارع بعض الهدوء بسبب الضوضاء التي كان الترام يحدثها، كما ساهم في اتساع الشوارع بالظاهر والفجالة، بينما رأي البعض الأخر أنه بإلغاء الترام قد خسروا وسيلة مواصلات جيدة وعملية خاصة وأن الحكومة لم توفر بدائل لخطوط الترام الملغاة.
واليوم انكمش الترام فاختفي من شبرا حتي أن جراج الترام في شبرا تحول إلي حديقة عامة واختفي الترام تقريباً من كافة شوارع القاهرة واقتصر تواجده علي ضواحي القاهرة، لتنتهي بذلك سطوة الترام التي استمرت قرابة قرن كامل كان فيها هو وسيلة لنقل القاهرة وسكانها من حياة القرون الوسطي للعصر الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.