شهدت دراما رمضان 2016، ظهور العديد من النجوم الذين قدموا أدوارًا جعلت منهم "أسطوات" بعد أن لمعت موهبتهم ومن هؤلاء ما زال في سن الشباب وتألق لدرجة لفتت الأنظار، ومنهم من تقدم بهم العمر ولكنهم حافظوا على رونقهم وإبداعهم وقدموا أدوار العمر، وهؤلاء وتلك يستحقون أوسكار أفضل أداء، ورأى الجميع الزعيم عادل إمام، يخرج بشخصية البخيل من التقليد إلى التطور بفكرة التعايش مع هذا البخيل وتقبله، وكان من الممكن أن تظل نينوشكا مانول كوباليان أو كما نعرفها لبلبة محصورة في أدوار الفتاة الشقية خفيفة الظل التي تضفي نوعًا من البهجة، على الأعمال التي تشارك فيها. وكان من الممكن أيضًا أن لا نرى نبيل الحلفاوي، المجتهد عائدًا للنجومية، ونحمد الله أن وجدنا النجمة هالة صدقي، بشهادة ميلاد جديدة في الدراما التلفزيونية وأعتقد أنها ستبهرنا خلال الأعوام القادمة حيث قدمت نموذجًا واقعيًا وحقيقيًا من المرأة المصرية، والحق يقال أن الفنان القدير هادي الجيّار، أبرز موهبة فذة، كذلك رأينا الفنان الشاب محمد ممدوح، يبهر الجميع في دوره بمسلسل "جراند أوتيل"، ولن ينسى أحد تطور آداء النجمة الشابة روجينا، التي أبدعت وإحتهدت في شخصية "حنان" بمسلسل "الأسطورة"، ونرصد في هذا التقرير النجوم الذين تألقوا وأبدعوا في دراما رمضان المنقضي، ويستحقون بجدارة جائزة أوسكار أفضل أداء تمثيلي. الزعيم.. وفكرة التعايش مع البخيل يعتبر الزعيم عادل إمام، هو إمام الإبداع العربي بجدارة حيث إستطاع أن يتحول من مجرد نجم على شاشات السينما إلى نجم تلفزيوني ليصبح أسطورة فنية يتحدث عنها العالم العربي فهذا العام قدّم لنا مسلسل "مامون وشركاه"، الذي حقق نجاحًا كبيرًا وأثار جدلًا وإتهامات وهجوم على مواقع السوشيال ميديا بسبب التطبيع بعد ظهور أسرة يهودية ضمن أحداث العمل، وبخبرة السنوات قدم الزعيم شخصية البخيل حيث خرج عن الأطر التقليدية للشخصية إلى آفاق بعيدة فانتقل من موقف كوميدي إلى آخر ببراعة ورشاقة وأظهر الجانب الإنساني في شخصية البخيل الذي رأي في تصرفات الآخرين سفًا وتبذيرًا لا فائدة منه وقدم علاقته بأسرته وأولاده من منظور الأبْ الذي لا يتفق مع تصرفاتهم وإختياراتهم في الحياة. ومن ينظر إلى الشخصية والأحداث المحيطة بها يجد أن الزعيم ألمح إلى فكرة التعايش وتقبل هذا البخيل وإستمرار العلاقة الأسرية وبالتالي علاقة المجتمع ككل، رغم إختلاف السياسات الأيدولوجية والفكرية والسياسية بين أفراد الأسرة فجمع هذا الخليط غير لمتجانس تحت سقف واحد، وأجبرتهم الظروف على تقبل بعضهم البعض والبحث عن مواطن التلاقي لإستمرار الحياة. طرح الزعيم في العمل أن الكراهية والرغبة في فرض الآراء السياسية والثقافية والأيدولوجية هي الدافع لممارسة الكراهية ورفض الآخر، تحدث عن موقفه من الإرهاب والجماعات الكتطرفة رغم غستقباله لإبنته المنتقبة وزوجها السلفي وناهض الإرهاب والتطرف في العديد من المشاهد وفي مشهد منهم يواجه زوج إبنته بأن ما يفعله ليس له علاقة بالدين، وطرح الأفكار المتطرفة في مشهد تهريب الإرهابيين، والجميع يعرف أن الزعيم واجه الإرهاب والتطرف منذ الثمانينات حتى أصبح على عرض النجومية في العالم العربي. لبلبة.. إمبراطورة الدراما التلفزيونية تألقت النجمة الكبيرة لبلبة، في أداء دور حميدة، أمام الزعيم في مسلسل "مأمون وشركاه" وهذا الدور تجسيد لمستويات الإبدلع المتعددة ف لبلبة، لديها سلاسة وقدرة على الإنتقال من شخصية السيدة المنكسرة المغلوبة على أمرها إلى المرأة القوية المتمردة لا تغير شخصيتها وشكلها، تركت السنين آثارها على وجه هذه السيدة المنكسرة بنبرة صوت حزينة توحي المعاناة مع زوجها البخيل الذي لا يهتم إلا بالمال فجمعت في نظرتها بين وجع الروح واليأس من تغيير الحال. الملابس التقليدية لهذه الشخصية كانت شديدة القتامة وضعتنا أمام إمرأة ماتت وهي على قيد الحياة، فكل الأمور توحي بأننا أمام دور تقيليدي لسيدة منكسرة أدارت لها الحياة ظهرها ولكن ببراعة نقلتنا على دور النقيض تمامًا عندما تقرر التمرد على سجن الزوج البخيل فسافرت على فرنسا وأجرت عمليات التجميل وعادت إمرأة متألقة تنبض بالحياة والتغيير كان في كل تفاصيل الشخصية بدءًا من الملابس إلى تون الصوت وتعبيرات الجسد ونظرات العين وصولًا للشخصية القوية التي تقف أمام زوجها لتواجه بخله. نجاح الشخصية يكمن في القدرة على مجاراة فنان كبير بجحم وموهبة عادل إمام، فهو عادة يستطيع أن يسرق الكاميرا من أي ممثل بالإعتماد على الخبرة والكاريزما وطبيعة مساحة الدور ولكن لبلبة إستطاعت بمهارة وحرفية أن تفرض حضورها القوي في جميع المشاهد فكانت نِدًا قويًا للزعيم فهنيئًا لها ما قدمت لنا من إبداع. هالة صدقي.. كتبت شهادة ميلاد جديدة في "ونوس" فاجأتنا النجمة هالة صدقي، هذا العام بدور مختلف تمامًا عليها خلا من الكوميديا وأكسبها التميز واثبتت للجميع أنها ممثلة بدرجة إمتياز، حيث خلقت لنا دور تراجيدي إعتمد على كمْ كبير من الإنفعالات وتعبيرات الوجه ومستوى الصوت وذلك في شخصية إنشراح التي قدمتها خلال أحداث دراما "ونوس"، فذهبت لمنطقة مختلفة وإعتمدت على خبرتها في الفن لتضع نفسها في مصاف كبار النجوم. لن ينسى أحد دور إنشراح الزوجة التي تركها زوجها منذ 20 عامًا ولديها أربع أولاد صغار إستطاعت أن تربيهم وتعبر بهم من منطقة الخطر إلى بر الأمان بمفردها فنجت بهم، ورغم المعاناة التي عاشتها إلا أنها لم تنكسر ولم تُظهر ضعفها لأولادها فظلت المرأة القوية التي لا يستطيع أحد أن يكسرها أو يخالف أمرها، أضافت لرصيدها الفني دور تاريخي. تفننت صدقي، في تلك الشخصية فظهرت بدون مكياج وجسدت دور أمْ لأولاد تراوحت أعمارهم بين أواخر العشرينات وحتى الأربعينات فاستطاعت أن تكسب الجمهور في صفها واطلقوا عليها "غول تمثيل" بل ومنحوها "أوسكار أفضل أداء"، حيث قدمت نموذج حقيقي وواقعي للمرأة المصرية التي تتحمل المسئوليات والأعباء وظلت رافعة رأسها شامخة وحافظت على أولادها. نبيل الحلفاوي.. وعودة قوية للنجومية لا يختلف أحد على نهر الموهبة الذي يتمتع به النجم الكبير نبيل الحلفاوي، حيث غاص بنا في نهره الذي لا يجف، وقدم لنا دور "ياقوت" الأكثر من رائع ففكرة الشيطان "ونوس" والبشري "ياقوت" قاما بعقد إتفاقات تنص على أن يقوم ونوس بتحقيق ملذات وشهوات ياقوت مقابل أن يعطيه روحه بعد الموت ثم نقض ياقوت العهد وتابع حياته متشردًا ببيت في الشوارع وقضى حياته في الصلاة والخشوع. وما لفت الإنتباه في شخصية ياقوت هو نظرة عينيه ولم يتحدث بلسان مبين بقدر ما كانت تتحدث عيناه بفصاحة توحي بالحيرة والضعف أحيانًا وبالخوف والهروب أحيانًا، ثم بدأت أفعاله تأخذ مسارًا مختلفًا من التحدي والمواجهة والجرأة النسبية التي زادت يومًا بعد الآخر في مواجهة الشيطان، كما أن تكرار كلمة "أنا حر" عكست لنا أزمته النفسية مع ونوس وإستشعاره بالضعف وإتخاذه للهروب وسيلة، فنجح بجدارة في الإعتماد على العيون وإيحاءاتها لتوصيل الشخصية التي يؤديها. هادي الجيّار.. موهبة فذة يدرك المتابع لأدوار الفنان القدير هادي الجيّار، أنه أحد قامات الدراما التلفزيونية المصرية فهو فنان من الدرجة الأولى بارع في تجسيد ما يؤدي، فقدم لنا هذا العام شخصية "عم محمد رمضان" في مسلسل "الأسطورة" فظهر بتميز وهنا نثني على المخرج البارع محمد سامي، في إختيار الجيّار لأداء الدور حيث أمتعنا بفنه وما يعيب الدور هو مساحته التي يُسئل عنها المخرج والمؤلف، فقدم دوره في البداية بشكل محترف وإنتقل للشخصية المنكسرة بعد وفاة إبن شقيقه بنفس درجات الإتقان، كما أنه لا يمكن لأي فنان آخر أن يجسد مشهد علمه بوفاة إبنته، حيث جعلنا نشعر انها إبنته حقيقة وإعتمد على تعبيرات الوجه بطريقة مميزة لا يستهان بها فكان من أعمدة نجاح العمل. روجينا.. هي الأسطورة إستطاعت النجمة الشابة روجينا، أن تقدم لنا شخصية حنان في مسلسل "الأسطورة" ببراعة وحرفية عالية حيث إمتلكت كل مفاتيح الشخصية من حيث شكلها وملابسها ولون شعرها والآداء التعبيري لوجهها ونبرة صوتها وكأننا نشاهد فتاة نشأت وترعرعت في منطقة شعبية، فكان آدائها صادق وواقعي ووصفها الجميع بالفنانة الجبارة. وإكتسبت روجينا، تعاطف الجمهور معها بعد وفاة زوجها رفاعي الدسوقي، فجسدت دور المرأة التي توفى زوجها غدرًا وظهر تأثرها الذي أوحى لنا بأن المشهد حقيقي خاصة طريقة سقوطها أثناء دفنه فبرعت في تجسيد دور المرأة المنكسرة، ومن ينسى مشهد ثأرها لحماتها بعد التطاول عليها وإهانتها من جانب قاتل زوجها فأوحت لنا بمشاعر الكره والضغينة لهذا القاتل. محمد ممدوح.. الإستثنائي الذي يمثل بكل أعضاءه يعد الفنان الشاب محمد ممدوح، موهبة متميزة تجعلك تشعر أمام مشاهدته في كل دور أنه إكتشاف جديد، وكأنه يجسد بطولة منفردة أخرى داخل العمل، فاستطاع أن يحصد لقب "الإستثنائي" الذي أصبح من أهم ممثلي جيله على الإطلاق، ولفت ممدوح الإنتباه هذا العام ليس بشهادة النقاد والإعلاميين فقط ولكن بشهادة الجمهور أيضًا فجسد دور "أمين" في مسلسل "جراند أوتيل" ببراعة يحسد عليها فهو الشاب الطيب الغلبان الذي إكتسب تعاطف الجمهور معه وأقنع الجميع بشخصيته الملائكية البريئة، مقدمًا شخصية متناقضة تمامًا عن العام الماضي الذي قدم فيه شخصية الشرير في مسلسل "طريقي" فكان متنقضًا تمامًا وأقنع الجمهور، وينتمي ممدوح لمدرسة السهل الممتنع في الآداء وهي أصعب المدارس في الآداء وينتمي إليها كبار النجوم فأدى الدور بحواسه حتى نظرته وإبتسامته وملامح وجهه شاركت في خروج الشخصية للجمهور بنجاح.