قالت صحيفة العرب اللندنية، إن الزيارة الرسمية التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى روسيا، تعكس حميمية العلاقات التي باتت تربط تل أبيب بموسكو. ذلك أن آخر زيارة للضيف الإسرائيلي جرت في 21 أبريل من العام الماضي، وهي الزيارة الثالثه له خلال عشرة أشهر، ما يرفع من وتيرة الزيارات إلى موسكو عن تلك إلى العاصمة الأميركية واشنطن أو أي عاصمة غربية أخرى. واجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، بضيفه الإسرائيلي للاحتفال بمرور 25 عاما على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. لكن المناسبة الاحتفالية تخفي ملفات مشتركة ساخنة تتصل بتقاطع استراتيجية البلدين في الميدان السوري. وتعتبر موسكو إسرائيل "شريكا في مكافحة الإرهاب"، بحسب الصيغة التي استخدمتها قناة "روسيا اليوم". ورغم أن البيانات الرسمية تشير إلى محادثات تتناول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن المراقبين يتجاوزون ما تصدره البيانات الروتينية ويلفتون إلى التنسيق الكامل بين روسيا وإسرائيل في الساحة السورية، وبالتالي تركّز محادثات الرجلين على مستقبل الحرب في سوريا وعلى أمن إسرائيل. ولا تفوّت إسرائيل فرصة للتأكيد على مستوى التعاون العالي مع روسيا في الشؤون السورية. فقد حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي عشية زيارته إلى موسكو على التأكيد أن "إسرائيل لن تسمح بأن تتحول سوريا إلى قاعدة إيرانية للعدوان والإرهاب"، بما فُهم أنه إشارة إلى الاتفاق مع موسكو على إعطاء اليد الطولى لإسرائيل في التحرك بحرية كاملة لتأمين خلو سوريا من أي تهديد على أمنها. ويرى دبلوماسيون غربيون أن روسيا منحت إسرائيل الأولوية حين قررت التدخل العسكري في سوريا، وأن بوتين قد نسّق في ذلك الأمر مع نتنياهو قبل إبلاغ العواصمالغربية، وأن حصول موسكو على "ضوء أخضر" إسرائيلي كان ضرورة لمواكبة الولاياتالمتحدة الدبلوماسي والعسكري للعمليات العسكرية في سوريا. ويلفت خبراء في شؤون الأمن في بروكسل، أن القيادة العسكرية الروسية عملت منذ الساعات الأولى لتدخلها في سوريا على فرض قواعد لعبة على إيران وحزب الله لضبط حركتهما العسكرية على نحو لا يقلق إسرائيل. ولاحظ هؤلاء أنه على الرغم من الحلف المعلن بين إيرانوروسيا، إلا أن جنرالات إيرانيين كبارا سقطوا في الميادين السورية منذ التدخل الروسي هناك، ناهيك عن سيطرة القوات الروسية على ميليشيات سورية كانت تتبع لقيادة الحرس الثوري الإيراني. ولاحظت جريدة التايمز البريطانية أن إسرائيل، وفي ظل السيطرة العسكرية الروسية على الأجواء السورية، قامت بشن غارات تستهدف قوافل نقل سلاح من سوريا لحساب حزب الله، كما أن غاراتها تعددت وأسفرت عن سقوط رؤوس معروفة، مثل جهاد مغنية (نجل قيادي حزب الله عماد مغنية، الذي اغتيل في دمشق عام 2008) وسمير القنطار (عميد الأسرى اللبنانيين الذي أطلق سراحه من السجون الإسرائيلية صيف 2008). ويرى مراقبون لبنانيون أن استهداف إسرائيل لمواقع حزب الله وقوافله سبب حرجا للحزب الذي وجد نفسه، من خلال تحالفه مع روسيا في سوريا، في خندق واحد مع إسرائيل المتحالفة مع موسكو والمتمتعة بتنسيق وتعاون كاملين مع الكرملين. ويلفت مراقبون للشؤون الإيرانية إلى أن طهران عبّرت، في بعض الأوقات، عن ريبتها من نوايا موسكو إزاء مصير بشار الأسد على لسان قيادات من الحرس الثوري، وحتى على لسان الرئيس حسن روحاني شخصيا، إلا أنه لم يصدر أي تلميح إيراني، ولا حتى من حزب الله، ينتقد، أو حتى يتحفّظ، على "التواطؤ" الجاري بين القيادتين الروسية والإسرائيلية ضد مصالح إيران العسكرية والأمنية في سوريا ومواقع وأنشطة الحزب هناك. وترى هذه الأوساط أن القيادة الإيرانية نفسها باتت "متفهمة" لقواعد الأمن الإسرائيلي وشروطه، لا سيما وأن أولوياتها الراهنة منحصرة في الدفاع عن نظام دمشق، وأن لا خطط ضد "العدو الإسرائيلي" في أجندتها. وتكشف مصادر إسرائيلية أن نتنياهو حريص على الاطلاع على الخطط الروسية المقبلة في سوريا، وعلى التدخل في الخرائط الميدانية (لا سيما على الجبهة الجنوبية) بشكل يبعد أي أخطار مفترضة على الحدود مع إسرائيل، فيما تسرّب مصادر عسكرية روسية أن موسكو وتل أبيب تتبادلان المعلومات الاستخبارية، وأن القيادة العسكرية الإسرائيلية تبلغ القيادة الروسية دائما بالعمليات التي تنوي القيام بها في الداخل السوري. ولفتت جريدة هآرتس الإسرائيلية، الإثنين، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لا يتردد في توجيه سهامه ضد البيت الأبيض والإدارة الأميركية وضد الإليزيه والحكومة الفرنسية (خصوصا بمناسبة المبادرة الفرنسية)، يُظهر حرصا على عدم الإدلاء بما من شأنه تعكير صفو العلاقات بين إسرائيل وروسيا. وتعتبر أوساط إسرائيلية أن موسكو ترى في تل أبيب شريكا ليس فقط لما يُعد لسوريا بل في صلب الأجندة الروسية لجل المنطقة.