بلُغة الاعتزاز والفخر، قال نائب وزير التعليم العالي السابق الدكتور أحمد السيف، أو كما يُطلق عليه "عرّاب الجامعات السعودية"، إنه قاد فريق عمل لتأسيس جامعة حائل، وأثمر عن صهر ثلاثة كيانات "متشاحنة" تحت مظلة واحدة، واستطاع اكتشاف أمراض مزمنة؛ حيث فصل أستاذاً غربياً.. وتطبيقاً لنظريات علم الإدارة أمر بصرف مكافآت غير نظامية ل 1000 طالب، مشيراً إلى أنه والوزير العنقري "أغلقا كليات مخالفة"، منوّهاً بأن "الشلليات" ستزول مع الوقت، مؤكداً أن ل "الشورى" فضلاً عليه في تعلُّم الشفافية. يرى "السيف"، أن العمل القيادي لابد أن يضيف إلى صاحبه شيئاً لنفسه، أو بينه وبين الناس، أو بينه وبين الله وهو الأهم، ولابد أن يولّد القيادي قياديين لإفادة البلد، وكل هذه الإضافات لن يصنعها إلا العمل المؤسسي. وقال، في حديثه ضيفاً على "أحدية العبدلي"، التي ينظمها الدكتور عبيد العبدلي؛ بمنزله في الرياض، بحضور مسؤولين وأكاديميين وطلاب ورجال إعلام، إن مسيرته تلخصت في 4 محطات كانت له فيها بصمة لن ينساها، طبّق في إحداها نظرية "الحجّاج" التي تقول "التضحية بالثلثين تجوز لصلاح وبقاء الثلث"، وطبّق في أخرى قاعدة "يرى الحاضر ما لا يرى الغائب"، وهما مؤشر للذكاء الإداري، على حد قوله. ويروي "السيف"؛ قصته مع أولى المحطات قائلاً: "أُسِّست جامعة الأمير سلطان الأهلية، وكان هناك توجيه وحرص من الأمير سلمان بن عبدالعزيز آنذاك، على قيامها واستمرارها، خصوصاً أنه لا يوجد إلا كلية "عفّت" وجامعة أخرى، فسنّت وزارة التعليم العالي بعض الأنظمة لاستمراريتها؛ لأن الهدف كان تميُز مخرجاتها وجودة محتواها، وقرّرنا ربطها بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، إلا أننا واجهنا معضلة في نوعية طلاب السنة التحضيرية ومستواهم المتدني، وتغلبنا عليها وبدأنا في تخفيض نسب القبول، ثم أحضرنا أساتذة من أوروبا وأمريكا؛ لأننا نبحث عن الانتظام والحزم على الطلاب أملاً في تجويد المخرجات، وأتذكر دائماً قرار فصل الأستاذ الغربي وإنهاء عقده، بعد أن شاهدت في أثناء جولاتي بين الفصول الدراسية طالباً نائماً، وعندما سألت الأستاذ؟ قال النوم أفضل له ولنا!". ولم ينسَ "عرّاب الجامعات السعودية" الأثر الذي تركه في منطقة حائل عندما أسّس الجامعة، وقال "كُلفت بجامعة حائل، وكانت عبارة عن كيانات، وهي: كلية المعلمين، وكلية البنات، وكلية المجتمع، وكان مجموع أعداد الطلاب والطالبات 25 ألفاً، ووجدت عدم وجود مبانٍ حكومية وكل المباني مستأجرة، وعملت على صهر الكيانات المتشاحنة، وعملت برنامجاً لحل مشكلات المباني المستأجرة، وبدأنا الحلول مع فريق من خيرة الناس، وخلال 6 أشهر تم إنشاء كلية طب ومشرحة، وعند خروجي من الجامعة كان 97 % منها غير مستأجر". وتابع: من المواقف التي تحتاج إلى حنكة إدارية، جاءني طالب يشتكي أن مكافأته مقطوعة بسبب معدله المتدني، وأقسم أنه يرغب الدراسة غير أنه لا يجد ما يملأ به سيارته من الوقود، وتدارسنا وضعه الأكاديمي وطلبت صرف مكافأته، فقالوا لي أنت تظلم ألف طالب مقطوعة مكافآتهم بسبب المعدل، فأمرت بصرف مكافآتهم بطريقة استثنائية ، وأنا أعرف أنها مخالفة للنظام، ولكن هذا القدر لا بد من التجاوز قليلاً في بعض الأحيان، كما عملت على تفويج طلاب متعثرين كانوا عبئاً على الجامعة، وتأخيرهم ليس في مصلحة الجميع، وهذا الإجراء هو استحضار قاعدة "يرى الحاضر ما لا يرى الغائب". وكشف "السيف"، عن أثر آخر تركه في حائل، وهو رفع الوعي الصحي عندما سيّرَت كلية الطب قافلة إلى المحافظات والمراكز الطرفية للمنطقة، وأسهموا في رفع ثقافة الناس صحياً، كما أُجروا كشفاً طبياً على السكان ووجدوا إصابتهم بأمراض السكري وسرطان الثدي والضغط، وأسهموا بسرعة علاجهم. وعن تجربته في العمل في وزارة التعليم العالي قال: "عملت مع الوزير العنقري، ووجدت الوزارة مليئة بالبرامج الضخمة، كما عملنا على إغلاق كلية طب في ذلك الوقت وأغلقنا كليات أخرى، وحفظنا حقوق طلابنا، ورسمنا خطة اسمها (آفاق)، وأثمرت كليات الطب في المملكة عن مخرجات رائعة منها عمليات فصل التوائم، وجراحة القلب، وعمليات أخرى، وشرفونا طلاب الطب في كندا وأمريكا، وحصلوا على الزمالة". وحول عضويته لمجلس الشورى، قال "السيف": "في مجلس الشورى قررت التوجه للعمل الهندسي وعملت في لجنة الهندسة عامين ونصفاً، وتعلمت من الشورى معايير الشفافية والنزاهة والعدالة وتحقيق الأنظمة". وفي إجابته عن سؤال "سبق"، حول آلية تطبيق الأجندات للوزير الجديد أو قائد المنشأة في ظل وجود تكتلات وقوى و"شلليات" تنخر في جسد المنظومة، قال: الحل هو البُعد عن المواجهة، وتنفيذ الإستراتيجيات، و"الشلليات" ستزول مع الوقت حال وجود إنجازات. وعن مدى رضاه عن مخرجات السنة ، أوضح "السيف" أنها ليست عملاً سهلاً كما يتصوّره البعض، ومشكلة الجامعات السعودية أنها أوكلتها إلى شركات، والشركات لم تسهم في إنجاح الخطة، وأكبر نموذج لنجاح السنة التحضيرية هي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، ومن المهم استقلالية الجامعات؛ لأن الدولة دعمتها ووصلت إلى مراحل متقدمة عالمياً. وعن رأيه في برامج الابتعاث، قال: "لا نستطيع الحكم على جودة الابتعاث، غير أن طلابنا تعلموا في جامعات ضخمة وقوية، ويُفترض أن هذه الأعداد تعلمت بجودة عالية، وأنا متأكد أن ذلك سينعكس على الواقع. واستبشر "السيف"، بنجاح برامج التحول الوطني؛ لأن مَن يرأسها ويشرف عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقيادات شابة، مشيراً إلى أن الرؤية تنموية لحقبة زمنية قادمة في كل المجالات والقطاعات. واختتم: "هناك فرصة كبيرة للشباب في مشروع التحول، وأهيب بهم أن ينصهروا في البرنامج، والفرصة كبيرة في تأسيس مشاريع وكيانات تعليمية، ويستطيع الشخص بناء مشروع من رأس مال بسيط، أو الانخراط مع مجموعات أخرى، وليست الفرص في الرياض فقط، فهناك المناطق الأخرى، وخصوصاً المدن الصغيرة".