كمال أحمد: «عبدالعال» صاحب فكر تنقصه الخبرة البرلمانية ويشبه الدولة الحالية ■ إلغاء لجنة القيم يحوِّل المجلس لساحة عراك.. وبث الجلسات وسيلة لتقويم النواب اجتماعياً التاريخ الطويل داخل أروقة البرلمان، جعل النائب المخضرم كمال أحمد، أكثر النواب خبرة، وأقدرهم على رؤية المشكلات التى يعانى منها برلمان ثورة 30 يونيو، والتنبؤ بالأزمات التى يمكن أن يواجهها فى بلد يبحث عن النجاة بأسرع وقت ممكن. سألنا كمال أحمد، الذى كان نائباً فى برلمانات 1976 و2000، عن التاريخ والحاضر والمستقبل، فجاءت إجاباته صادمة حذر من تحول أخطر برلمان فى تاريخ مصر الحديث إلى ساحة للعراك، وتحدث بصراحة شديدة عن إمكانيات وقدرة الدكتور على عبدالعال، على إدارة الجلسات والتعامل مع النواب.. وإلى نص الحوار. ■ ما رأيك فى الجدل الدائر حول مقترح إلغاء لجنة القيم فى البرلمان؟ لو تم إلغاء لجنة القيم، سيتحول مجلس النواب إلى ساحة للعراك، لأنه سيترتب على هذا القرار عدم وجود جهة متخصصة فى محاسبة النواب لها تشكيل وقواعد منظمة، لأن أى تجمع يجب أن يحتوى على لجنة انضباط داخلية، لضبط سلوك الأفراد، وهناك بعض الأعضاء أرادوا الاستغناء عن اللجنة بأن تضم الأمانة العامة للمجلس لجنة فرعية تسمى لجنة النظام، تختص بالانضباط الداخلى مثل تلك الموجودة فى الأندية. ■ فى مشوارك البرلمانى الطويل.. ما أبرز الوقائع التى شهدتها لجنة القيم فى المجالس السابقة؟ هناك حادثتان أساسيتان، كنت طرفاً فيهما إحداهما عندما اصطدمت بالرئيس الراحل أنور السادات، أثناء عرضه لاتفاقية كامب ديفيد على مجلس الشعب للتصديق عليها، وصدر عنى اتهام للرئيس بالخيانة والاستسلام، وكان من المفترض أن تصدر لجنة القيم قراراً بفصلى من العضوية، لكن اللجنة بعد تداول أعضائها عاقبتنى بحرمانى من الحضور 10 جلسات متتالية، أما الحادثة الثانية فكانت للراحل طلعت السادات الذى تم حبسه سنة بتهمة المساس بإحدى المؤسسات السيادية، وجاءت أوراقه للعرض على اللجنة التى كنت أحد أعضائها، وكان المطلوب فصله، ولكنى اعترضت، وقلت وقتئذ إذا كان أحد الأعضاء سب أحدا أو أهان إحدى المؤسسات، فهناك واقعة مماثلة حيث أهان نائب آخر، رئيس جميع المؤسسات، ولم يتم فصله من المجلس، وكنت أقصد نفسى وواقعتى مع السادات، وجاء القرار فى النهاية بمنع طلعت السادات من حضور 10 جلسات متتالية. ■ كيف ترى رغبة عدد كبير من أعضاء مجلس النواب فى عدم إذاعة الجلسات على الفضائيات؟ سلوك النواب سيكون مضطرباً فى البداية، ولكنه سينضبط خلال الفترة المقبلة، وأقول لمن يتصور أن بث الجلسات سيصيب المواطنين بالإحباط من البرلمان، إن عرض الجلسات سيكون وسيلة لتقويم النواب الذين يخرجون عن السلوك الطبيعى، ومحاسبة الرأى العام للعضو المتجاوز سيكون عقوبة اجتماعية، تساوى من حيث القوة قرارات لجنة القيم. ■ ماذا عن إشكالية تفرغ النواب؟ التفرغ يخص النواب، الموظفين، ويهدف إلى الفصل بين السلطات، حيث لا يجب أن يستمر النائب فى عمله الحكومى خاضعاً للسلطة التنفيذية، وسلطة أحد الوزراء، وهو فى نفس الوقت رقيب على نفس الوزير من خلال عمله البرلمانى، ويمكن اعتبار النائب الموظف منتدباً من عمله إلى البرلمان لمدة 5 سنوات، حتى لا يتم حرمانه من وظيفته. ■ فيما يخص النواب رجال الأعمال؟ يمكن أن يسلموا شركاتهم إلى لجنة تسمى، إدارة المعاملات، يتم تشكيلها بمعرفة الدولة، تدير شركاتهم، للحيلولة دون استفادة النائب من موقعه النيابى، وحتى لا يضاروا فى مصالحهم. ■ كيف ترى اعتراض بعض النواب على عرض اللائحة على مجلس الدولة؟ الأصل لضمان سلامة مشروعات القوانين أن يتم عرضها على خبراء قانون، لضبط صياغتها، وموافقتها للدستور من عدمه، وعلى البرلمان احترام وتنفيذ ملاحظات السلطة القضائية، وبالنسبة لمشروع لائحة البرلمان يجب إرسالها إلى مجلس الدولة، لإبداء الرأى، وللبرلمان حرية الأخذ به أو لا، وفى الحالة الثانية على البرلمان تحمل النتائج ضماناً للفصل بين السلطات والتوازن بينها. ■ ما أبرز القوانين على أجندتك التشريعية؟ أنا أنتظر بيان الحكومة، لأرصد ما إذا كانت ستحقق مطالب الشعب أم لا، لكن هناك قضايا ملحة تتمثل فى البطالة والصحة والتعليم، وفى حال تقديم الحكومة حلولاً لهذه القضايا، سأساندها، وإلا سأطالب برحيلها. ■ أيهما أفضل رئيس حكومة حزبى أم مستقل؟ الأفضل أن يكون رئيس الوزراء ممارساً للسياسة من خلال الأحزاب، لأنه لا توجد ديمقراطية دون تنظيمات حزبية، شريطة معالجة الحياة الحزبية اقتصادياً من قبل الدولة، حتى لا يستولى رجال الأعمال على الحياة الحزبية، ونسلم العمل السياسى والتشريعى إليهم ونعود مرة أخرى إلى إشكالية زواج السياسة بالمال، بعد إشكالية زواجهما بالسلطة التنفيذية. ■ هل من الممكن أن يتحول ائتلاف دعم مصر إلى حزب ؟ المسألة بها لون من الألاعيب، لأن أعضاء الائتلاف يؤكدون أنه يمثل الأغلبية، وهذا ليس صحيحاً، لأن المستقلين هم الأغلبية، كما أن الائتلافات فى الدول الغربية لا تقوم على حزب رئيسى، ولكن على عدة أحزاب، إذن البناء الحزبى هنا مريض، وائتلاف دعم مصر مجرد كتلة تصويتية فقط، لا يمكن تحويلها لحزب، خاصة أنه يضم أفراداً من أحزاب لديها أيديولوجيات مختلفة، إضافة إلى أن رؤية الائتلاف قد تتعارض مع رؤية الأحزاب المكونة له، وهو ما ظهر بوضوح فى رفض قانون الخدمة المدنية، وأذكر أن أحد الأعضاء طلب من اللواء سامح سيف اليزل منسق الائتلاف، سماع رأيه فى القانون، فأجابه بأنه مع الموافقة على القانون وتعديله، إلا أن النتيجة جاءت عكس ذلك. ■ هل معنى كلامك أن ائتلاف دعم مصر يمكن أن يتفكك؟ لا يوجد رابط بالأساس فى الائتلاف، ليتفكك، ولا يوجد برنامج واحد أو أفكار موحدة، وأعتقد أنهم أكثرية وهمية، وأقول لهم نحن لا نخترع العجلة، وتجب دراسة تجارب الآخرين التى تشبهنا سواء فى إيطاليا أو إسرائيل. ■ أنت أقدم نائب تحت القبة.. هل يمكن أن تقارن بين أداء رؤساء البرلمان الذين تعاملت معهم؟ أنا عاصرت سيد مرعى، والفيلسوف رفعت المحجوب والقدير أحمد فتحى سرور، وحالياً الدكتور على عبدالعال، ومن الصعب المقارنة بينهم لأن كل واحد منهم له سماته الخاصة وظروف معينة، إضافة إلى أن قوة الدولة تؤثر فى قوة رئيس المؤسسة التشريعية، فمثلاً سيد مرعى، كان صاحب قرار لأن الدولة كانت قوية، وكان قريباً من مصدر القرار وهو الرئيس السادات، أما الدكتور رفعت المحجوب فكان صاحب فكر، وكان يجعلنا ننظر إليه نظرة الأستاذ وليس كنائب زميل، أما الدكتور أحمد فتحى سرور، فكان يجيد إدارة العمل البرلمانى بحرفية، أما الدكتور على عبدالعال، فمرتبط بطبيعة النظام وأحوال الدولة، بعد ثورتين، بين أعضاء بعيدين عن الممارسة البرلمانية، لأن منهم 65 نائباً جديداً لا يعرفون شيئاً عن التقاليد البرلمانية، ونصف الأعضاء ترشحوا فى انتخابات 2010، أو 2011، حيث تم حل المجلس فى الحالتين، والدكتور عبدالعال صاحب فكر وعلم ومخلص لفكرته، بدرجة أكبر من ممارسته البرلمانية، لكنه يملك حنكة واستعدادا لممارستها، وفى جميع الأحوال يجب أن تنجح هذه التجربة لأن البديل عنها الفوضى والدمار.