"انتشار قوات الأمن فى أرجاء الجمهورية، غلق ميدان التحرير ومحطة مترو أنفاق "السادات"، تأمين الأماكن العامة والسفارات والوزارات بشكل مكثف، المواصلات العامة تسير بشكل منتظم وبدون مواطنين كغير العادة، الشعب المصري فى حالة خوف وترقب خوفًا من حدوث أى عمليات إرهابية"، هذا لم يكن مشهد داخل عمل فني ينتمي لنوعية أفلام الأكشن، بل كان مشهد حقيقي على أرض الواقع بالتزامن مع مرور الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، سيطرت علي ملامحه شدة برودة الطقس وهطول الأمطار، وعلى الرغم من دعوات الإخوان المسلمين لنزول ميدان التحرير والإعتصام فيه حتى خروج الرئيس المعزول محمد مرسى من السجن وعودته للحكم مرة أخرى بعد استعادة روح 25 يناير، إلا أن نتيجة هذه الدعوات كانت "لم ينزل أحد". مرت الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير مرور الكرام دون أى أحداث، ولكن فاجأه ودون مقدمات خطف الفنان الشاب أحمد مالك وصديقه شادى حسين أبوزيد مراسل برنامج "أبلة فاهيتا" أنظارنا بمقطع فيديو قاما بإعداده ونشره على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" يسخران فيه من الشرطة المصرية بعدما قاما بإهداء بعض مجندين الشرطة فى محيط ميدان التحرير ببالونات منفوخة من "الواقى الذكرى" فى إهانة مباشرة لمؤسسة كبيرة من مؤسسات الدولة، لتقوم الدنيا ولم تقعد حتى هذه اللحظة، وتحولت مصر بكل من فيها من محاربة الإرهاب الأسود الغاشم المتمثل فى جماعة الإرهاب إلى محاربة هذين الشابين أصحاب واقعة إهانة الشرطة.
أحمد مالك، المولود عام 1995، والذى بدأ حياته الفنية فى سن صغير بعمر 10 سنوات في مسلسل "أحلامنا الحلوة" مع فاروق الفيشاوي ونرمين الفقي عام 2005، فقد جزء كبير من نجاحه الفني القصير بمثل هذه الفعلة الشيطانية رغم إشادة عدد كبير من النقاد والجمهور بنجاحه فى فيلم "الجزيرة 2" مع النجم أحمد السقا، والفيلم الشبابي الذى قام ببطولته مع مجموعة من الشباب بعنوان "الجيل الرابع"، وبعدها فى فيلم "أهواك" للفنان تامر حسني وغادة عادل، وهدده عدد كبير من كبار النجوم وعلى رأسهم الفنان أحمد بدير بإعلان انسحابه من الفيلم الجديد الذى يجمعه به وهو "هيبتا" بعدما أعلن عدد كبير من الجمهور مقاطعته للفيلم بسبب ما فعله مع الشرطة.
ما فعله مالك وشادى حسين ينصب فى قائمة الانحطاط الأخلاقي بلا شك، ويبعد كل البعد عن حرية الفكر والتعبير أو حتى "الهزار الرخم"، ونحن هنا لسنا مع أو ضد، لأن الأمور واضحة تمامًا، ولكن الذى نرفضه هو التجاوز الذى ظهر من الإعلام المصري والإعلاميين الذين تحولوا فى لحظة إلى سبابين وشتامين وتلفظوا بأسوأ الألفاظ والعبارات التى أساءت للمشاهدين أكثر مما أساء فيديو "مالك وشادى" نفسه لمؤسسة الشرطة، بعدما قام الكثير منهم بعمل أستوديو تحليلي يشبه أستوديو مبارايات كرة القدم حتى الساعات الأولى من صباح هذا اليوم، لمعرفة هل ما فعله "مالك وصديقه" حرية رأى أم سفالة وقلة أدب؟
وأصبح السؤال الذى يطرح نفسه وبشده متى تتوقف المهزلة الإعلامية على شاشات التلفزيون بميثاق شرف إعلامي يحترمه كل الإعلاميين ويعملون به ويقدسون بنوده حتى لا يسوءوا لمشاهديهم، وأتمني من سيادة النائب العام المصري أن ينظر لفيديو "إهانة الشرطة" فى أسرع وقت وأن يأمر بوقف النشر الإعلامي فى هذه القضية حتى لا تأخذ المسألة أكبر من حجمها، والتى تتلخص فى أن ما حدث مجرد "طيش شباب" يجب أن يحاسب عليه المخطئ، وعلى الإعلاميين التوقف عن جرح مشاعر المشاهدين وخدش حيائهم بحجة حرية الإعلام فى سماء الفضائيات المفتوحة. Twitter: @ramadan_ah