المؤشرات المبدئية لمجلس نواب 2015 تشير إلى أنه «برلمان خال من المعارضة»، بل بالعكس تتسابق فيه القوى السياسية والأحزاب والمستقلون حول إعلان دعمهم الكامل للرئيس عبد الفتاح السيسى تحت قبة البرلمان. ويبدو أن الوضع الراهن فرض على هؤلاء التسابق من أجل تشكيل كتلة كبيرة فى المجلس لتكون الناطقة بلسان الرئيس تحت قبة، نتيجة غياب «الحزب الحاكم»، الذى تحاول أن تحل محله الآن قائمة «فى حب مصر»، التى بدأت قيادتها اتخاذ أولى الخطوات الفعلية نحو تشكيل أغلبية برلمانية، قبل البدء فى المرحلة الثانية من الانتخابات. وهو ما ظهر بشكل واضح فى الاجتماع الذى عقد مساء الثلاثاء الماضى بمقر القائمة بمنطقة التجمع الخامس، والذى أداره اللواء سامح سيف اليزل المنسق العام، وحضره نحو 100 نائب من الفائزين بالمرحلة الأولى من أحزاب الوفد ومستقبل وطن والمحافظين إضافة إلى عدد من النواب المستقلين من المحافظات. ناقش الاجتماع ضرورة دعم الدولة خاصة فى ظل التحديات الداخلية والخارجية التى واجهها، فى ظل تحركات الجماعة الإرهابية سواء بعمليتها الإرهابية بالداخل، أو تشويه صورة البلاد فى الخارج، إضافة إلى أن البلاد تحتاج إلى مزيد من الاستثمار لانعاش الاقتصاد وهو ما يحتاج بالضرورة إلى تشريعات سريعة لخدمة هذا الهدف. المحور الثانى فى الناقش داخل الاجتماع دار حول معضلة حل المجلس خاصة فى حالة عدم توافق الأعضاء تحت القبة، فى ظل التوقعات بحل المجلس فى أقرب وقت إذا تسبب فى إعاقة الرئيس، طبقا النصوص الدستور، خاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، حيث أعطى الدستور الرئيس فرصة اختيار رئيس وزراء، فإذا لم ينل ثقة البرلمان فعلى الرئيس أن يمتثل لاختيار البرلمان لرئيس الحكومة، وإذا لم ينل ثقة البرلمان فإن البرلمان يعد منحلا بقوة الدستور. ولتحقيق ذلك التوافق فلابد أن تشكل أغلبية برلمانية الحكومة وتساعد الرئيس على إنجاز مهامه، ومن هنا جاء الاتفاق –الذى لم يكن مفاجأة للحاضرون- على ضرورة أن يكون الحاضرين النواة الأولى لهذه الأغلبية، وهو ما رحب به كافة الحاضرين خاصة حزبى الوفد ومستقبل الوطن، وانتهى الاجتماع إلى توقيع الحاضرين على «وثيقة تحالف» لدعم الدولة تحت القبة، وهى الوثيقة التى أشرف على إعدادها سيف اليزل نفسه. تحركات سيف اليزل بدأت مبكرا، وقبل بدء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، حيث سبق وصرح بأن قائمته ستنافس على جميع المقاعد الخاصة بالقوائم وسيلجأ للفائزين بالمقاعد الفردية لتشكيل كتلة كبيرة من 250 إلى 300 نائب يمكنها تنفيذ خطتها التشريعية. بعض الحاضرين ذهبوا بعيدا عن الهدف الرئيسى للتحالف بقولهم إن هدفه ضرب سيطرة رأس المال على السياسة التى تسعى لها بعض القوى السياسية على رأسها «المصريين الأحرار» الذى أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، والتى تسعى –بحسب قولهم- إلى تشكيل أغلبية برلمانية بأى ثمن ومغريات تعرضها على النواب الفائزين. ورغم أن «المصريين الأحرار» أحد المكونات الرئيسية لقائمة فى حب مصر، إلا أنه لم يحضر أحد من الحزب أو ممثلى القائمة هذا الاجتماع، ليؤكد أنه لا يزال يعزف منفردا، خاصة فى ظل رغبة «المصريين الأحرار» فى تشكيل أغلبية برلمانية بعيدا عن «فى حب مصر»، خاصة بعد الخلافات بين الطرفين على خلفية استبعاد القائمة لعدد من شباب الحزب الذى طلب ساويرس ضمهم له. ويحاول «المصريين الأحرار» الآن ضم مستقلين للدخول معه فى ائتلاف لتشكيل الأغلبية فى البرلمان، ومن ثمّ التمكن من تشكيل الحكومة، خاصة بعد تصدر المرحلة الأولى ب 41 مقعدًا بينها 5 ضمن قائمة» فى حب مصر» مما وضعه فى صدارة ومقدمة الأحزاب من حيث عدد المقاعد. ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة صراعا بين المصريين الأحرار وقائمة فى حب مصر، على استقطاب الأعضاء المستقلين، تحت شعار ائتلاف مؤيد للرئيس وداعم للدولة، وفى حالة تمكن «فى حب مصر» من ضم الأغلبية، سيجلس سيف اليزل مكان محمد رجب آخر زعيم للأغلبية فى عهد الحزب الوطنى المنحل، ليقود البرلمان نحو دعم الدولة، وفى جميع الأحوال سيكون برلمان 2015 نسخة من برلمان 2010، حيث ستكون الغالبية الساحق فيه لمؤيدى النظام سواء ممثلى القوائم أو الفردى.