كشفت مصادر سياسية دولية مطلعة أن الطرفين السعودى والفرنسى يتجهان للوصول إلى شراكة استراتيجية متميزة، أرست أسسها الزيارات المتبادلة عالية المستوى وأهمها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى باريس سبتمبر العام الماضي، ثم الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا أولوند إلى الرياض في مايو الماضي. وتأتي الزيارة التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد وزير الدفاع إلى باريس حاليا، من أجل تحقيق هذه الشراكة.
وفى سياق متصل غادر الفريق أول صدقى صبحى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى إلي العاصمة الفرنسية باريس، علي رأس وفد عسكري رفيع المستوي في زيارة رسمية تستغرق عدة أيام يجري خلالها العديد من المباحثات الهامة مع كبار المسئولين العسكريين بفرنسا.
فى البداية قال اللواء حسام سويلم رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا، إن مصر والسعودية بينهما تحالف إستراتيجى لا يتوقف على ما يجرى فى اليمن، ولكن هناك مشروع القوة العربية المشتركة، التى تقودها مصر والسعودية، لافتا إلى أنه من الطبيعى أن يحدث تنسيق وتعاون بينهما، وتواصل مع الدول المصدرة للسلاح، وفى مقدمتها فرنساوروسيا، خاصة وأن أمريكا تضع قيود على تصدير السلاح الذى تنتجه للدول العربية .
وأشار الخبير العسكرى إلى إن مصر تواصل تسليح جيشها وتزويده بأحدث وأقوى الأسلحة المتطورة، ومن ثم تعاقدنا على صفقة طائرات الرافال السعودية، كما حصلت عليها الإمارات ودول خليجية أخرى، وهو نفس ما تفعله السعودية حيث لا تدخر جهدا ولا مالا لكى تدعم وتقوى جيشها، فى مواجهة التهديدات الإيرانية المحدقة بها.
وأوضح سويلم أنه فى ظل التحالف الإستراتيجى والمناورات المشتركة بين الجيشين المصرى والسعودى، لابد من إمتلاك الجيشين لأسلحة متقاربة أو متشابهة ومتسقة فيما بينها، حتى تنجح المناورات، فى تحقيق أهدافها.
مشددا على أن العلاقات الثلاثية المصرية السعودية الفرنسية تحقق تطورا وتميزا كبيرا، وهو ما يرسل رسائل لأوباما وإدارته مفادها أن تسليح الجيوش العربية ليس حكرا عليه، خاصة فى ظل الغضب السعودى منه بسبب الإتفاق النووى مع إيران، وإصرار مصر على التحرر من هيمنة بلاده، وتنويع مصادر تسليح جيشها.
ومن جانبه قال الكاتب الصحفى والمفكر السياسى حلمى النمنم رئيس مجلس إدارة دار الكتب والوثائق القومية، أنا منذ عام 2011 كان لدى رأى بأن إيران سوف تمتلك القنبلة النووية، وأن الولاياتالمتحدة سوف تسمح لها بذلك، كما فعلت مع باكستان، ومن ثم فلابد للسعودية أن تمتلك النووى وكذلك مصر، مشيرا إلى أن هذا متاح بمساعدة دول مثل فرنساوروسيا وغيرها.
وأضاف المؤرخ السياسى أن فرنسا تحديدا لا تنافس روسيا على التواجد فى المنطقة وتسليح جيوشها، مؤكدا على أن كل دولة يمكن أن يكون لها دور، وعلى مر التاريخ كانت مصر توازن بين علاقاتها مع تلك الدول، وقد كان للرئيس عبد الناصر علاقات قوية وجيدة مع نظيره الفرنسى شارل ديجول، بالتوازى مع علاقاته المعروفة مع السوفييت الروس.
وأوضح النمنم أن الجغرافيا فى بعض الملفات تتحكم فى التاريخ والسياسة، لأن ما يحدث فى سوريا يؤثر بشكل مباشر على الأمن القومى السعودى وكذلك المصرى، ولنفس السبب تهتم فرنسا بالأزمات السورية واللبنانية؛ لأن تلك الدول هى مستعمراتها القديمة، كما أن فرنسا منشغلة بالملف الليبى، ولديها مخاوف من تصدير الإرهاب إليها من ليبيا أو من سوريا، وهو الملف الذى يحظى بالإهتمام المصرى و تهتم به السعودية أيضا.
مشددا على أن مصر والسعودية متفقتين ولديهما قلق من أن تصل الأمور فى سوريا إلى ما تتعرض له العراق أو ليبيا، وفرنسا تتفق معهما فى ذلك، لافتا إلى أنها تحاول أن تقدم نفسها كقوة أوروبية متميزة فى المنطقة، وأن تتخذ مواقف مختلفة عن أمريكا فى كثير من القضايا، مشيرا إلى أنها تختلف فى ذلك عن بريطانيا.