البرنامج النووي الإيراني .. حرمه الخميني .. ودعمته روسيا وأنهكته العقوبات أصبح الحديث عن القنبلة النووية أو الطاقة الذرية أمر يشغل العالم أجمع منذ خمسينات القرن الماضي ، وقد احتلت ايران بجدارة صدارة مشاهد اليورنيوم ليرتبط اسمها دائماً بمفعلات التخصيب ،أو الصواريخ ذات الرؤوس النووية، أو الاستخدام الغير سلمي لليورانيوم، ويتفرغ لها مجلس الامن ليفرض عقوبات متوالية عليها ، واليوم وبعد أن عاد الحديث عن ايران وليكن بشكل اخر في التلفزيون العربي عن مساندتها للحوثيين في اليمن.
نرصد تاريخ البرنامج النووي الايراني منذ ان بدأت فكرته الي أخر قرار بشأنه ،،،
النووي حرام شرعاً
أطلقت ايران فكرة انتاج "النووي" منذ خمسينيات القرن الماضي ولعل الغريب في الامر أن من قام بمساعدتها في تلك التجربة هي الولاياتالمتحدةالامريكية والحكومات الأوروبية الغربية .
ولكن بعد قيام الثورة الايرانية عام 1979 لتطيح بشاه ايران ، ثم يتولي روح الله الموسي الخميني ،الذي أمر بحل أبحاث الأسلحة النووية السرية للبرنامج، فقد كان يعتبر هذه الأسلحة محظورة بموجب الأخلاق والفقة الإسلامي.
ولكن عند قيام "الحرب الباردة" مع العراق سمح الخميني باعادة تشغيل البرنامج النووي ،ليخضع البرنامج بعد وفاة آية الله في عام 1989 لتوسع كبير ويصبح اسم ايران مرتبطاً بالتجارب النووية.
البرنامج ومحطات التخصيب
شمل البرنامج النووي الإيراني عدة مواقع بحث، اثنين من مناجم اليورانيوم ومفاعل أبحاث، ومرافق معالجة اليورانيوم التي تشمل محطات تخصيب اليورانيوم الثلاثة المعروفة.
و يعتبر مفاعل بوشهر أول محطة للطاقة النووية في إيران، وقد اكتمل بمساعدة كبيرة قدمتها وكالة روساتوم الروسية. وتم افتتاحه رسمياً في 12 سبتمبر 2011.
فقد أعلنت إيران أنها تعمل على إنشاء مصنع جديد للطاقة النووية في دارخوين قدرته 360 ميجاوات، هذا بجانب ما أعلنته "Atomenergoprom" الشركة الهندسية الروسية المقاولة، بأن محطة بوشهر للطاقة النووية والتي استطاعتها الاسمية في 30 أغسطس 2012، وأوضحت إيران وقتها بأنها ستسعى لتصنيع محطات متوسطة الحجم لإنتاج الطاقة واستكشاف مناجم اليورانيوم في المستقبل.
رحلة النووي في التسعينات
بعد موافقة الخميني في يوليو سنة 1988 على وقف إطلاق النار مع العراق وبالتالي إنهاء الحرب ، مما ادي الي اعادة نظره بشأن البرنامج النووي الايراني والذي بدأت اولي الخطوات تتحقق بعدما أجرت إيران أولى مفاوضاتها الجدية مع جارتها باكستان.
وبعد رحيل الخميني ومع بداية التسعينات شكلت روسيا منظمة بحثية مشتركة مع إيران بإسم "برسيبوليس" والتي أمدت إيران بخبراء الطاقة النووية الروسية، والمعلومات التقنية. ساعدت خمس مؤسسات روسية، بما في ذلك وكالة الفضاء الإتحادية الروسية طهران لتحسين صواريخها.
وفي عام 1990، بدأت إيران أن تنظر إلى الخارج نحو شركاء جدد لبرنامجها النووي، ولكن نظراً للمناخ السياسي المختلف جذريا والعقوبات الاقتصادية الأمريكية العقابية، وُجِد عدد قليل من المرشحين.
ثم يعود التحالف الروسي الايراني لانتاج الطاقة الذرية في عام 1995،بعد أن وقعت إيران عقداً مع روسيا في وزارة الطاقة الذرية لاستئناف العمل جزئياً في محطة بوشهر بالكامل. وتركيب في مبنى بوشهر I الموجودة لإمداد 915 ميغاواط VVER-1000 بمفاعل الماء المضغوط، وتوقع الانتهاء منه في عام 2009.
في 1996، أقنعت الولاياتالمتحدة جمهورية الصين الشعبية على الانسحاب من عقد البناء لمحطة تحويل اليورانيوم. ومع ذلك، فإن الصين قدمت مخططات مرفقة للإيرانيين، والتي نصحت الوكالة بأن تواصل العمل على البرنامج، حتى أن مدير الوكالة، محمد البرادعي، قد زار موقع البناء.
المسار في القرن ال 21
بعد أن انتهي القرن العشرون علي اعادة المفاوضات بين الارجنتينوايران لبحث المشروع النووي الايراني متحدية بذلك الولاياتالمتحده ضغطت على الأرجنتين لإنهاء تعاونها النووي مع إيران ، بدأت الالفية الثالثة واحداثها مع البرنامج النووي.
ففي 14 أغسطس عام 2002، صرح علي رضا جعفر زاده، المتحدث باسم الجماعة الإيرانية المنشقة من المجلس الوطني للمقاومة في إيران، عن وجود موقعين نوويين قيد الإنشاء: منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز، "جزء منها تحت الأرض"، ومرفق المياه الثقيلة في أراك.
وقد شدد علي أن وكالات الاستخبارات تعرف بالفعل عن هذه المرافق إلا أن هذه التقارير تم تصنيفها وحجبها.
و في مايو 2003، بعد وقت قصير من الغزو الأمريكي للعراق، قامت عناصر من الحكومة الإيرانية بقيادة محمد خاتمي أن هناك اقتراح سري عن "صفقة كبرى" من خلال القنوات الدبلوماسية السويسرية. وعرضت بشفافية كاملة برنامجها النووي الإيراني والانسحاب من الدعم لحماس وحزب الله، في مقابل حصولها على ضمانات أمنية من الولاياتالمتحدة وتطبيع العلاقات الدبلوماسية.
وقالت إن إدارة بوش لم تستجب لهذا الاقتراح، كما شكك مسئولون أمريكيون كبار أصالتها. وبورك هذا الاقتراح على نطاق واسع من قبل الحكومة الإيرانية لتتعهد بعد ذلك فرنساوألمانيا وانجلترا "الاتحاد الثلاثي الأوروبي" بمبادرة دبلوماسية مع إيران لحل المسائل حول برنامجها النووي.
وفي 21 أكتوبر 2003 ، أصدرت الحكومة الإيرانية والاتحاد الأوروبي وثلاثة وزراء خارجية بيانهم المعروف باسم إعلان طهران ،وافقت فيه ايران على التعاون مع وكالة الطاقة الذرية، لتوقيع وتنفيذ البروتوكول الإضافي باعتباره طواعية، كما تعلق أنشطة التخصيب وإعادة المعالجة أثناء المفاوضات، في المقابل، وافق الاتحاد الثلاثي الأوروبي صراحة على الاعتراف بحقوق إيران النووية.
في فبراير 2005، ضغطت إيران على الإتحاد الثلاثي لتسريع المحادثات، والتي رفض الإتحاد للقيام بذلك.
في أغسطس 2005، وبمساعدة من باكستان ، قالت مجموعة من خبراء حكومة الولاياتالمتحدة والعلماء الدوليين أن آثار اليورانيوم في صنع الأسلحة عثر عليها في إيران وقد جاءت من معدات باكستانية ملوثة ولكنها ليست دليلا على وجود برنامج للأسلحة النووية السرية في إيران.
في 4 فبراير 2006، صوت 35 من محافظي مجلس أعضاء وكالة الطاقة الذرية 27-3 (مع خمسة أعضاء عن التصويت: الجزائر، وبيلاروس واندونيسيا وليبيا وجنوب أفريقيا) لإحالة إيران إلى مجلس الأمن الدولي.
من النجاح الي العقوبات
بعد أن أعلن الرئيس قام الرئيس أحمدي نجاد بالإعلان أن إيران نجحت في تخصيب اليورانيوم من خلال خطاب تلفزيوني في 11 أبريل 2006 فقد قال في خطابه "إنني أعلن رسمياً في حديثي هذا أن إيران قد انضمت إلى النادي النووي والبلدان التي تمتلك التكنولوجيا النووية،" وقد نجحت في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5٪ باستخدام أكثر من 100 جهاز طرد مركزي، توالت العقوبات علي طهران.
ففي 13 أبريل 2006 ، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أنه على مجلس الأمن أن ينظر في "خطوات قوية" لحث طهران على تغيير مسارها في طموحها النووي؛ من جانبه فقد تعهد الرئيس أحمدي نجاد أن إيران لن تتراجع عن تخصيب اليورانيوم وأن العالم يجب أن يعامل إيران كقوة نووية.
و في 14 أبريل 2006، نشر معهد العلوم والأمن الدولي "آي إس آي إس" سلسلة من صور الأقمار الصناعية التي توضح وجود أنفاق بالقرب من المفاعلات النووية واستمرار البناء في موقع نطنز لتخصيب اليورانيوم. وبالإضافة إلى ذلك، سلسلة من الصور التي يعود تاريخها إلى عام 2002 حيث تظهر مباني تخصيب تحت الارض.
في 31 يوليو 2006 ، وتحت قرار 1696طالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتعليق إيران لجميع الأنشطة ذات الصلة بالتخصيب وإعادة المعالجة.
24 أغسطس 2006، وقدمت طلباً للعودة إلى طاولة المفاوضات ولكنها رفضت إنهاء تخصيب اليورانيوم .
في 26 ديسمبر 2006، تحت قرار رقم 1737 ، قرر مجلس الامن فرض سلسلة من العقوبات على إيران لعدم امتثالها لقرار مجلس الأمن في وقت سابق، وطالب بإتخاذ قرار إيران بتعليق الانشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بدون تأخي، استهدفت العقوبات في المقام الأول نقل التكنولوجيات النووية والصاروخية. واستجابة لمخاوف الصينوروسيا.
فرض حظر التسليح
بعد سلسلة العقوبات التي انهالت علي ايران من مجلس الامن في 2006 توالت تلك السلسلة في 2007 لتصل الي حظر التسليح الكامل عن ايران .
ففي 24 مارس 2007، قد وسعت لائحة عقوبات الكيانات الإيرانية ورحبت باقتراح الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا من أجل حل المسائل المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
3 مارس 2008 ، امتدت العقوبات إلى أشخاص وكيانات إضافية، وفرض قيود على سفر الأشخاص، وشريط الصادرات من السلع ذات الاستخدام المزدوج النووي والمتعلق بالصواريخ إلى إيران .
فرض القرار رقم القرار 1929 الصادر من مجلس الامن في 9 يونيو 2010، بحظر الأسلحة الذي تفرضه كاملاً على إيران، كما منعت إيران من أي أنشطة تتعلق بالصواريخ الباليستية، كما أذنت بتفتيش ومصادرة الشحنات التي تنتهك هذه القيود، وتمديد تجميد الأصول للحرس الثوري الإيراني "الحرس الثوري" وخطوط شحن جمهورية إيران الإسلامية "IRISL".
وبعد جولات اخري منذ ذلك التاريخ الذي مضي عليه 5 سنوات تغير خلاله الحاكم في ايران و خرجت قرارات جديدة ،فالسؤال مازال يطرح نفسه هل سيصبح العالم ذات يوم ليفاجئ بهروشيما جديده ولكن من ايران.