في أول بادرة لوجود عقبات أمام جماعة الاخوان المسلمين، بعد ثورة "25 يناير" أبدت قيادات بالمجلس العسكري ومجلس الوزراء للمرة الأولى إمكانية تأجيل الانتخابات البرلمانية إلى ما بعد وضع دستور جديد للبلاد، وهو ما تعارضه بشدة الأحزاب والقوى الإسلامية، في وقت يخشى فيه أنصار هذا التيار من تفتيت أصواتهم بعد أن أصبح لديهم ثلاثة إسلاميين يعتزمون الترشح في الانتخابات الرئاسية، وهو ما باتت معه حظوظ مشاركتهم بقوة في السلطة محل شك. وبعد أن كان واضحا للمراقبين وجود توافق بين رؤية القيادة السياسية والقوى الإسلامية بشأن عبور المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة للمدنيين، كشفت تصريحات لقيادات بالمجلس العسكري ورئيس الوزراء ونائبه عن متغير جوهري، بشأن خارطة الطريق التي خطها إعلان دستوري جرى الاستفتاء عليه قبل شهرين.
وتتشبث القوى الإسلامية بالإعلان الدستوري الذي نص على إجراء الانتخابات البرلمانية في سبتمبر القادم، على أن يشكل البرلمان بعد ذلك لجنة لوضع دستور جديد. وتقول القوى الإسلامية إن أي تراجع عن هذا الطرح يعد انقلابا على شرعية الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي جرى في 19 مارس الماضي.
لكن القوى الليبرالية واليسارية ترد في المقابل بقولها إن الاستفتاء كان على تعديلات في دستور سنة 1971 الذي ظل يحكم البلاد حتى تخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير الماضي، قائلين إن دستور 1971 سقط بصدور الإعلان الدستوري نهاية مارس الماضي.
وفي غضون ذلك، تلقت الأوساط الدينية صدمة جديدة بعد قرار جماعة الإخوان المسلمين فصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي ينسب له الفضل في ما يسمى ب"التأسيس الثاني للجماعة" في سبعينيات القرن الماضي.
وقرر مجلس شورى جماعة الإخوان في جلسته "زوال عضوية" أبو الفتوح من الجماعة، و"ذلك لإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية بالمخالفة لقرار مجلس الشورى العام"، وكذلك بسبب "الخروج على نُظم وقواعد الجماعة".
وقال الدكتور محمود حسين أمين عام جماعة الإخوان إن قرار الجماعة فصل أبو الفتوح جاء على خلفية تصريحات نسبت له تخالف أعراف وقواعد الجماعة وليس فقط لمخالفته قرارها بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية، لافتا إلى أن تراجعه عن الترشح لن يغير موقف الإخوان منه.
وشدد حسين على رفض الإخوان لما وصفه ب"الالتفاف على شرعية الاستفتاء"، قائلا إن "الجماعة ترى أن هناك قوى ترغب في فرض وجهة نظرها.. وعلى كل من يتشدق بالديمقراطية أن يحترم إرادة الشعب"، مشيرا إلى أنه ليس من حق رئيس مجلس الوزراء ولا المجلس العسكري التراجع عما تم إقراره في الاستفتاء الدستوري.
وتابع حسين بقوله إنه "لا بديل عما طُرح في الإعلان الدستوري إلا بإجراء استفتاء جديد.. لن تجدي الدعوات إلى مظاهرات مليونية في هذا الأمر".
وتتحفظ جماعة الإخوان بشأن إعلان موقفها من المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة من غير الإخوان، وتقول إنها ستدرس برامج المرشحين وقدرتهم على إنفاذها قبل اتخاذ قرار بتأييد أي منهم.
وتنامى قلقٌ بين أنصار الإسلاميين من تفتت أصواتهم في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها نهاية العام الجاري، بعد أن أعلن المفكر الإسلامي محمد سليم العوا، عزمه الترشح للرئاسة، لمنافسة القطبين الإخوانيين حازم أبو إسماعيل والدكتور أبو الفتوح.
وأعلن العوا وسط حشد من أنصاره عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية، وشن هجوما على رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف ونائبه الدكتور يحيى الجمل، بعد تصريحات نسبت لهم قالوا فيها إنهما يؤيدا وضع الدستور قبل الذهاب للانتخابات البرلمانية. ويشغل العوا موقع الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضوية المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران.
ورغم إعلان أبو الفتوح في وقت سابق عن نيته التنازل عن الترشح إذا ما قرر العوا خوض المنافسة في انتخابات الرئاسة، قال أبو الفتوح عقب وصوله إلى القاهرة بعد جولة أوروبية إنه مصمم على خوض المنافسة مؤكدا أن يثق في أنه سيحصد أصوات الإخوان المسلمين.