من المقرر أن ينطلق السبت المقبل حوار التوافق الوطني في البحرين، في وقت أفرجت فيه السلطات البحرينية عن بعض المعتقلين، وسط أنباء عن تطورات على المستوى السياسي قد تؤدي لانفراج الأزمة التي تعيشها المملكة منذ فبراير/شباط الماضي. رئاسة الحوار التي دعت مختلف مؤسسات المجتمع المدني وبعض الشخصيات للمشاركة فيه، تسلمت -حسب ما تقوله- أغلب موافقات المشاركين في محاور الحوار الأربعة وهي السياسي والحقوقي والاجتماعي والاقتصادي.
وتحاول الحكومة جاهدة إنجاح الحوار، فلغة الإعلام الرسمي بما فيها الصحف القريبة من الحكومة تغيرت وأصبحت تدعو للتوافق في الحوار، وأهمية العيش المشترك بين أطياف المجتمع البحريني، بعدما واجهت اتهامات المعارضة بالتسبب في تفاقم الأزمة.
فالحوار الذي أعلنت معظم الجهات - التي دعيت للمشاركة فيه بما فيها جمعية وعد المعارضة التي هددت بالانسحاب إذا لم تجد أي نتيجة إيجابية- يبقى أمام تحد كبير بسبب عدم إعلان جمعية الوفاق -كبرى الجمعيات السياسية- المشاركة فيه، إذ ترى أن الأجواء غير مهيأة للحوار.
هذه الأجواء التي تتحدث عنها الوفاق - التي طلبت في بداية الأمر حوارا مع النظام الحاكم مباشرة- ربما تمثل أهم اعتراضاتها على آلية التمثيل في الحوار الذي أعطاها نسبة 1.7% من التمثيل في الحوار، في حين ترى أنها تمثل أكثر من 60% من الشارع، إلى جانب الأسئلة التي طرحتها على رئاسة الحوار وتبحث عن إجابات لها قبل قرار المشاركة.
وهي إجابات ربما ينتظرها آخرون أيضا من خارج المعارضة لكنهم أعلنوا مشاركتهم في الحوار الذي لم تحدد له نهاية، وسترفع مرئياته النهائية للعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي دعا له لإصدار القرار المناسب لتنفيذه عبر المؤسسات الدستورية.
وترى الوفاق أيضا أنها تجاوزت موضوع الضمانات منذ عشر سنوات بعد تجربة ميثاق العمل الوطني، وباتت لا تثق كثيرا في الحكومة بسبب عدم تنفيذ الوعود التي وردت في بنود الميثاق بعد التصويت عليه بثقة غالبية الشعب.
ويرى مراقبون أن نجاح الحوار مرهون بمشاركة الوفاق أكبر الأطراف المعنية بالحوار، وأن عدم مشاركتها قد يضطر الحكومة لتنفيذ مطالبها أو يعاد النظر في مصير الحوار الذي ما زال أنصار المعارضة يرفضونه بسبب عدم شعورهم بتغير الوضع العام منذ انتهاء قانون الطوارئ نهاية الشهر الماضي.
فنقاط التفتيش ما زالت تراوح مكانها إضافة إلى استمرار الوجود الأمني الذي يمنع أي محاولة لخروج مسيرات احتجاجية، إلى جانب استمرار فصل بعض الذين شاركوا في حركة الاحتجاجات من أعمالهم.
لكن بين هذه الدعوات وتلك المقاطعات يبدو -حسب المراقبين- أن الأطراف كلها متفقة على ضرورة خروج البلد من أسوأ أزمة أمنية مرت به.
ويدعو هؤلاء إلى تهيئة أجواء الحوار من خلال إطلاق كافة المعتقلين، وإيقاف المحاكمات العسكرية، وإرجاع المفصولين لأعمالهم، فضلا عن إزالة المظاهر الأمنية عن البلاد.
هذه المطالب وغيرها ترغب الحكومة في أن تكون ضمن نتائج طاولة الحوار التوافقي، وهو ما ترفضه المعارضة التي تعتبر أن هذه المطالب جاءت بعد احتجاجات 14 فبراير/شباط الماضي. وترى أن طاولة الحوار يجب أن تناقش موضوعات أهمها انتخاب حكومة وبرلمان كامل الصلاحيات وتفعيل بنود المملكة الدستورية.
وفي الوقت الذي يدرك فيه الجميع أن الأزمة التي تعيشها البلاد كبدتها الكثير وخصوصا على المستوى الاقتصادي وحقوق الإنسان، فإن البحرينيين يعتقدون أن حل هذه الأزمة لابد من أن يعقبه تنفيذ الوعود التي أطلقت منذ عشر سنوات، كما يقولون.