الذهب يسجل مكاسب للأسبوع الثاني.. والأسعار تقترب من 2400 دولار    أسعار السمك اليوم السبت 6-7-2024 بالأسواق.. السردين المجمد ب87 جنيها    «المركزي للتعمير» ينفذ 1642 مشروعا بتكلفة 142 مليار جنيه خلال 10 سنوات    «الري»: بدء إنشاء الثوابت الأفقية والرأسية لمسار القطار السريع    أيمن الجميل: نجاح المشروعات الزراعية الجديدة بالأراضى الصحراوية يفتح الباب لمضاعفة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى    طهران: مراسم أداء اليمين الدستورية للرئيس الإيراني المنتخب بعد التأكد من صحة العملية الانتخابية    وزير الخارجية: مشاهد الدمار والقتل اليومية فى السودان تدمى قلوبنا جميعا    قائد القوات الجوية الأوكرانية: إسقاط 24 مسيرة روسية من طراز شاهد    شابانا محمود وزيرة العدل البريطانية الجديدة.. المسلمة الوحيدة في حكومة ستارمر    مارتينيز: البرتغال كانت تستحق الفوز ويجب على اللاعبين الشعور بالفخر    «رحل في السادسة».. تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة أحمد رفعت    مدير المنتخب الأولمبي: هذا ما يحدث في حال تعرض لاعب لإصابة خطيرة.. ووفرنا طلبات ميكالي    «التعليم» تحقق في مزاعم تداول امتحان الجغرافيا للثانوية العامة    «الأرصاد» تحذر المصطافين من حالة البحر اليوم وغدا.. الأمواج مرتفعة    وزارة التعليم تضبط طلابا حاولوا الغش بامتحانى الكيمياء والجغرافيا للثانوية    وزير التعليم يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة العمليات المركزية    أسرة الطفلة السودانية جانيت تصل لمحكمة التجمع    فيلم أهل الكهف يواصل تذيل قائمة الإيرادات في شباك التذاكر    تفاصيل العروض المسرحية والحفلات الموسيقية في مهرجان العلمين    أول جولة تفقدية بعد إعلان الحكومة الجديدة.. رئيس الوزراء يتفقد عددا من مشروعات القاهرة التاريخية يستهلها بحديقة تلال الفسطاط ويوجه بالإسراع فى معدلات تنفيذ المشروع ودراسة طرح بعض مرافقه    وفاة أحمد رفعت.. الضغوط النفسية سبب الوفاة المفاجئة للاعب مودرن سبورت    نظام جديد لإدارة العمليات المالية إلكترونيا بالمنشآت الصحية    ملك تايلاند: الأزهر منارة علمية عالمية لنشر الفكر الوسطي المستنير    متى يعلن البرلمان خلو مقعد عبلة الألفي بعد توليها منصب نائب وزير الصحة    أسعار البيض ترتفع اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    غارات جوية تستهدف المناطق الشمالية من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    ب«18 وحدة على 1400 متر».. افتتاح مقر المنطقة الطبية الجديد بالحي السابع في بدر    تفاصيل مصرع عامل سقط عليه رمال في الواحات البحرية    هل التهنئة برأس السنة الهجرية الجديدة بدعة؟.. دار الإفتاء تجيب    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 6 يوليو    زور توكيل.. تفاصيل القبض على شقيق عصام صاصا في الهرم    سرايا القدس: عدم قدرة جيش الاحتلال على مواصلة الحرب ستجبر حكومة نتنياهو على قبول أي اتفاق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-7-2024    انتظام طلاب الثانوية العامة في دمياط لأداء امتحان الكيمياء والجغرافيا    شاهد.. أخر لقاء قبل وفاة أحمد رفعت (فيديو)    هيثم عرابي ينعى أحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    عاجل.. الزمالك يرد على أنباء حرمانه من الجماهير أمام الأهلي بالسوبر الأفريقي    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    البابا تواضروس الثاني يترأس القداس الإلهي وسيامة آباء كهنة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الأونروا تحذر من خطر القنابل غير المنفجرة بين البيوت في غزة    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    مؤلف ففرقة العمال المصرية: أمضيت 7 سنوات في توثيق مشاركة نصف مليون مصري في الحرب العالمية الأولى    «بايدن» يعلق على حالته الصحية: لا يمكنني الركض 100 متر في 10 خطوات    تشكيل فنزويلا الرسمي ضد كندا في كوبا أميركا 2024    6 أعمال احرص على فعلها قبل صلاة الفجر.. تغفر ذنوبك وتوسع رزقك    حظك اليوم برج العذراء السبت 6-7-2024، على الصعيدين المهني والعاطفي    قصة تاريخ العام الهجري الجديد.. داعية يوضح    رأس السنة الهجرية 1446.. أجمل التهاني والأدعية    بعد دقائق.. ثروت سويلم ينفي نفسه بسبب الأهلي وبيراميدز (فيديو)    اتهام محامِ شهير بالتعدي على «فتاة» داخل مكتبه في الهرم (تفاصيل)    يقلل الاكتئاب ويحسن صحة العقل.. فوائد مذهلة للحليب الذهبي    تحمي القلب وتعزز الإبداع.. 7 فوائد صحية لنوم القيلولة يوميا    الأنبا إغناطيوس برزي: الأسرار المقدسة منها خمسة عمومية    قداسة البابا فرنسيس يبعث برسالة إلى شباب مؤتمر اللاتين بمصر    «هنمنع عنكم طائرات الأباتشي».. نبيل فهمي يكشف تهديد أوباما بعد ثورة 30 يونيو (فيديو)    الصحة العالمية تحذر من مادة مسرطنة يستخدمها الملايين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسم الحرية.. السلفيون يعلنون الحرب على الحريات فى تونس!
تحت رعاية وتواطؤ الحزب الإسلامى الحاكم:
نشر في الفجر يوم 30 - 05 - 2012

السلفيون فى تونس عددهم محدود ولكنهم يتسمون بالعنف الذى يظهرهم بمظهر الأقوياء المؤثرين
من السعودية إلى السودان، ومن أفغانستان إلى إيران، ومن الإسكندرية إلى أسوان، فى كل مكان يوجد فيه أصحاب العقل المغلق، والقلب المصمت، فهم يسلكون نفس الطرق، ويتبعون نفس السلوك، وينطقون بنفس الأفكار، يكفرون خلق الله، ويروجون للكره والعنف، يطاردون كل صاحب فكر، يضطهدون النساء، ويلاحقون كل طيف جنسى فى الواقع أو الخيال.
ولكن من بين كل البلاد تأتى تونس كنموذج مجسم مصغر لما يفعله «المتأسلمون» بالأوطان. والمتأسلمون هنا مقصود بهم من يستخدمون الدين لأغراض سياسية ومن يروجون للهيمنة السياسية والاقتصادية باسم الدين.
تونس مثال صارخ لأنها كانت آخر بلد عربى ينتظر له أن يسقط فى التطرف، وكنا نحسدها أحيانا على ما تتمتع به من اعتدال وحريات، رغم الديكتاتورية البوليسية لنظام بن على. وانطلق ربيع الثورات من تونس مطالبا بالحرية الكاملة لشعوب أضناها القمع والقهر، ولكن سرعان ما سعت جحافل الظلام الآتية من الشرق إلى القضاء على هذه الثورات قبل أن تنتشر عدواها.
فجأة، اتشحت تونس الخضراء بالرايات السوداء، التى اعتلت بعض المبانى الجامعية والحكومية بدلا من العلم الأحمر المميز. وفجأة، افترشت الأرصفة بكتيبات عذاب القبور وخطر «الكوافيرات» – صالونات تزيين شعر النساء- وأهمية أن يكون المرء مجاهدا مقاتلا لأهل بلده فى سبيل الله.
ومع أن حزب النهضة الإسلامى فى تونس، والذى حظى بأغلبية البرلمان، قدم نفسه كتيار وسطى معتدل يؤمن بالديمقراطية والعلمانية، إلا أن الممارسات على أرض الواقع، وفى الدهاليز السرية، تكشف أن المسألة بالنسبة لأكثرهم هى مجرد توزيع أدوار، وتكتيكات مرحلية ووقتية، وتقية أحيانا، انتظارا للحظة الاستيلاء الكامل والنهائى على السلطة.
سوف نلاحظ أن هذه المظاهر، وغيرها مما سنتعرض له هنا، هى بالنص والحرف ما حدث فى كل مكان يتسلل إليه الناطقون باسم الفاشية الدينية، من الخليج إلى لندن وباريس.. فى تكرار قهرى مرضى لسيناريو يبدأ بالتحريمات الجنسية وينتهى بالعنف والانفجارات الدموية ثم البكاء على اللبن المسكوب، والوطن المهدور!
لن نروى الحكاية من أولها، ولكن لنتتبع مظاهر المد الدينى فى تونس ما بعد الثورة. كالعادة انضم السلفيون و«النهضويون» إلى الثورة بعد انتصارها، وبدأوا «كفاحهم» بالحديث عن الحريات.. ومن العجيب أن لديهم ولعًا باستخدام كلمة «الحرية» من أجل تخريبها من فحواها، فالحزب الدينى الأكثر تطرفا وفاشية، والممنوع بحكم قوانين العمل السياسى، يحمل اسم «حزب التحرير».
الحديث عن الحريات يبدأ بالمناداة بحق النساء فى ارتداء الحجاب والنقاب – وكلاهما كانا شبه ممنوعين فى تونس- ويصل إلى المطالبة بحق دخول الامتحانات بالنقاب، وينتهى بتحريم الاختلاط والتعليم، وينتهى كما حدث خلال الأسابيع الماضية بالاعتداء على المعلمات وأستاذات الجامعة لأنهن يرتدين ملابس مكشوفة!
الحديث عن الحريات بدأ أيضا بالمطالبة بالحق فى أداء الصلوات وممارسة النشاطات الدينية فى الشوارع، وانتهى أيضا إلى الاعتداء على الشباب الذى يخرج للاستمتاع بالإجازة الأسبوعية.. مما أدى إلى تحول مدينة مثل «القيروان» إلى ساحة حرب مفتوحة بين السلفيين والليبراليين على مدار الأسابيع الماضية.
حرية المتأسلمين تبدأ بالمطالبة بحق تكفير الآخرين، ثم تنتهى بحق استخدام القوة لمنع المختلفين من الكلام، مثلما حدث مع الكاتبة ألفة يوسف التى منعها سلفيون من إلقاء محاضرة فى قصر ثقافة محافظة قليبية فى إبريل الماضى ولاحقوها بالشتائم والأوصاف النابية، أو كما حدث مع المفكر يوسف الصديق المتخصص فى «أنثروبولوجيا القرآن» الذى منع من إلقاء محاضرة أخرى عن التعصب الفكرى، ومحاولة الاعتداء عليه بسكين.. أو أخيرا الاعتداء بالضرب الوحشى على المخرج نورى بوزيد، مفكر السينما التونسية ومبدعها الأكبر وصانع أجمل أفلامها!
قبل الاعتداء على الدكتورة ألفة يوسف والدكتور يوسف صديق بأيام، ورفع الراية السوداء فوق قصر ثقافة قليبية، كان السلفى المصرى وجدى غنيم يجول ويصول فى أنحاء المدن التونسية ومساجدها، يدعو لختان النساء وضربهن وفرض النقاب ومحاربة العلمانيين، ويحرم الديمقراطية ويسخر من النشيد الوطنى، ويعتبر سيادة الشعب كفرا والحرية الشخصية ضلالة، وعندما اعترض البعض على كلامه ووجوده كان رد الحكومة «النهضوية» أنها تسمح لكل التيارات والأفكار بالتعبير عن رأيها! ولكن هذه الحكومة أصدرت حكما منذ أيام بمعاقبة نبيل القروى مدير قناة «نسمة» التليفزيونية وإحدى العاملات فيها بالغرامة لقيام القناة بعرض فيلم إيرانى فرنسى حاصل على جوائز من أكبر مهرجانات العالم، وهو فيلم «بيرسوبوليس» الذى يدور عن «أسلمة» إيران عقب ثورتها، والذى قمنا بعرضه فى «الفجر» منذ عدة أسابيع!
ملاحقة المفكرين والإعلاميين بالدعاوى القضائية والتهديدات الشخصية جزء أساسى من نشاط المتأسلمين، وقناة «نسمة» لم تكن الوحيدة، فبعدها بأيام أخرى تم القبض على الصحفى نصرالدين بن سعيدة لنشره صورة عارية للاعب التونسى الألمانى سامى خضيرة مع زوجته العارضة الألمانية لينا كارك، كانت قد نشرتها الصحف العالمية ومواقع الإنترنت قبله، ومن الغريب أن اعتقاله جاء وفقا لقانون العقوبات القديم الذى تم إلغاؤه بعد الثورة!
الثقافة والفنون هى العدو الأول للمتطرفين، ومن ملاحقة الأشخاص إلى احتلال مراكز الثقافة والكليات الفنية ورفع الرايات السوداء فوقها بديلا عن العلم الوطنى، وقد شاهد العالم كله ما حدث فوق سطح مبنى كلية الآداب والفنون والعلوم الإنسانية عندما صعدت طالبة إلى السطح وقامت بإنزال العلم الأسود وإعادة علم البلاد فما كان من الشباب السلفى سوى الاعتداء عليها بالضرب المبرح. الفتاة اسمها آمال العلوى وهى ناشطة سياسية معروفة ساهمت فى الثورة التونسية فى الوقت الذى كان يختبئ فيه السلفيون ويعلنون حرمانية العمل فى السياسة!
استهداف الفن تمثل أيضا فى التظاهرة المضادة التى نظمها شباب سلفيون واعتدوا فيها على مظاهرة للاحتفال باليوم العالمى للمسرح تحت عنوان «الشعب يريد مسرحا» أمام المسرح البلدى فى شارع الحبيب بورقيبة، حيث قاموا برشق المتظاهرين بالزجاجات والحجارة وتوجيه الشتائم لهم فى ظل غياب أمنى مريب!
السلفيون فى تونس عددهم محدود، ولكنهم يتسمون بالعنف الذى يظهرهم بمظهر الأقوياء المؤثرين، وفوق ذلك تنتشر الشائعات والبراهين حول علاقتهم بالحزب الإسلامى الحاكم، الذى يقال إنه يحميهم ويطلقهم على المعارضين، ومن القصص التى تؤكد ذلك قيام مجموعة من قراصنة الإنترنت – الهاكرز- باختراق البريد الاليكترونى لمسئولين فى الحكومة وعلى رأسهم راشد الغنوشى رئيس الحكومة نفسه ولطفى زيتون المستشار السياسى للغنوشى، ونشر بعض الرسائل التى تشير إلى استخدامهما للسلفيين كذراع مسلحة فى وجه المعارضة.
القصص لا تنتهى أيضا عن الأموال الخليجية التى تتدفق لدعم السلفيين والجهاديين، وقد اضطرت الحكومة مؤخرا إلى الغاء السماح للسعوديين بدخول البلاد بدون تأشيرة.
الاتهامات بالتواطؤ مع السلفيين لا تقتصر على الحكومة، ولكنها تمتد لتطال الأمن، خاصة أن وزير الداخلية على العريضى ينتمى لحزب النهضة الحاكم، ومن الأمثلة الصارخة على غياب الأمن ما حدث فى قرية سجنان شمال غرب العاصمة التى سيطر عليها 500 شاب سلفى وحولوها إلى شبه إمارة سلفية، وانتشروا فى شوارعها وسيطروا على مبنى المحافظة باسم جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وقاموا بإصدار الأحكام وتطبيقها على الناس، وتهديدهم بالقتل فى حالة قيامهم بالشكوى للسلطات.. وفى إطار الاعتداء على الصحفيين أيضا فقد تم الاعتداء بالضرب على رئيس تحرير الصحيفة التى نشرت تقريرا عن «إمارة سجنانستان» من قبل ملثمين لاذوا بالفرار بعدها.
تونس هى نموذج أيضا للكفاح القوى ضد القوى الظلامية، فهى مقارنة بمعظم البلاد العربية تتسم بمستوى تعليمى مرتفع ووجود علمانى قوى، ولذلك فإن حياة السلفيين والمتطرفين ليست سهلة أيضا، والكثير من الشباب بدأوا فى تنظيم ميليشيات مضادة للسلفيين، وحدثت حالات اعتداء على السلفيين، بل شهدت البلاد أيضا مظاهرة ساخرة أمام أحد المبانى الحكومية تطالب الدولة بتوفير الحشيش مجانا للشباب!
فهل ستكون تونس هى الحل مرة أخرى، أم ستنتصر قوى الظلام فيها ولو مؤقتا؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.