بمناسبة مرور الذكرى الثامنة والخمسين لبدء العدوان الثلاثى على مصر فى مثل هذا اليوم التاسع والعشرين من شهر اكتوبر 1956، قال اللواء محمد الغباشى الخبير العسكرى وعضو الهيئة العليا لحزب حماة الوطن، أن هناك الكثير من أوجه الشبه بين العدوان الثلاثى وبين السياق الزمنى الذى نعيش فيه من حيث التجربة المصرية الناهضة التى استفزت وتستفز القوى المعادية لمصر وتدفعها إلى الاتحاد من أجل اجهاض تلك التجربة، لكن وفق الادوات الجديدة التى تتسق والألفينات وتعكس الآليات الجديدة غير العسكرية التى عرفتها المجتمعات الحديثة. واضاف الغباشى: كان الظرف السياسى لمصر عام 56 ايجابى جدا حيث اعقب تأييد شعبى جارف لحركة الجيش التى مثلت اكثر صور تلاحم الشعب والجيش قوة وتماسك الجبهة الداخلية بخلاف التوجهات السياسية للسلطة الجديدة التى كانت قد ابرمت صفقات اسلحة مع تشيكسلوفاكيا فى اطار الاتجاه إلى الشرق والاعنتاق من النفوذ الإنجليزى الأمر الذى فتح المجال واسعا للنفوذ السوفيتى علاوة على تلاحم الجبهتين المصرية والجزائرية، اضف إلى ذلك البدء فى مشاريع اقتصادية عملاقة على رأسها تأميم شركة قناة السويس وبناء السد العالى، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل مثلت الدافعية لدى الدول المعادية لمصر ممثلة فى ذلك الوقت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بتوجيهات أمريكية إلى الاتحاد فى صورة العدوان الثلاثى استشعارا منها للدور الريادى الكبير الذى تلعبه مصر وفق امكاناتها التاريخية والجغرافية.
واكد الغباشى على أننا نعيش ظروف سياسية مشابهة من حيث تلاحم الشعب والجيش وتماسك الجبهة الداخلية وانتهاج سياسة خارجية اكثر انفتاحا وتوازنا مع كل الاطراف الفاعلة فى المجتمع الدولى علاوة على التلاحم القوى بين مصر والسعودية وضلوع مصر فى ادوار اقليمية فاعلة تجلت فى المبادرة الناجحة التى قدمتها مصر لوقف اطلاق النار بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ووقف العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة رغم المحاولات القطرية والتركية والحمساوية الفاشلة لاجهاض الدور المصرى وانعقاد مؤتمر غزة فى القاهرة اعقبه زيارة ناجحة إلى الأممالمتحدة للمشاركة فى فعاليات الدورة التاسعة والستين، بخلاف مشروع قناة السويس الجديدة التى تمثل مشروعا اقتصاديا عملاقا، الأمر الذى مثل انطلاقة سياسية واقتصادية للبلاد لم تنظر الدول المعادية لمصر بعين الارتياح وقامت بعمل التحالفات لاجهاض التجربة المصرية الصاعدة عقب الثورة الشعبية فى 30 يونية .
كما اكد الغباشى على أن السياق الزمنى الحالى اختلف فيه نمط وآليات الصراع عن الخسينات وتراجعت فى اطاره الآلة العسكرية لتحل محلها وسائل أخرى اكثر نعومة ولكنها تحمل ذات القدرة على التهديد تتمثل فى الاعلام والأفلام السنمائية ووسائل الاتصالات التى تؤثر على الادراك بخلاف الوسائل الخشنة التى يمثلها الإرهاب وتنظيم داعش، موضحا أن الولاياتالمتحدة التى تمثل اكبر القوى المعادية لمصر تسيطر على مجموعة من الادوات على رأسها جماعة الإخوان الإرهابية بخلاف اثارة التوترات على كافة المناطق الحدودية وذلك من اجل شغل مصر فى شئونها الداخلية وقطع الطريق عليها للقيام بادوار اقليمية واجهاض تجربتها الناهضة.
واختتم الغباشى حديثه قائلا: اختلفت الولاياتالمتحدة التى قادت العدوان الثلاثى وقت الخمسينات عن امريكا اليوم التى تقود الدول المعادية لمصر حيث اختلف السياق الزمنى ولم نعد نعيش ذات القواعد الدولية التى تمثلت فى الثنائية القطبية بين الاتحاد السوفيتى والولاياتالمتحدة التى لم تعد على ذات القوة عقب سنوات من الهيمنة وظهرت اقطاب دولية وتكتلات اقتصادية وسياسية خصمت كثيرا من النفوذ الأمريكى الأمر الذى سيكون له كبير الاثر الايجابى على قدرة الدولة المصرية على تجاوز المحنة التى نعيشها الآن كما تجاوزتها مصر وقت العدوان الثلاثى وعلمت الإنسانية درسا فى تغلب شعب اعزل على ثلاثة من اعتى جيوش العالم.