الخبر قصير جدا: «هيئة مفوضى المحكمة الدستورية انتهت من إعداد تقرير يقضى ببطلان مجلس الشعب تأسيسا على بطلان النظام الانتخابى الذى جرت به الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث شابه عوار دستورى وبطلان بسبب عدم تحقيق تكافؤ الفرص بين نظام الفردى ونظام القائمة.. وهو ما أخل بحقوق بعض المرشحين دون غيرهم». توابع التقرير الذى من المفروض أن يعرض على أعضاء المحكمة الدستورية العليا خلال أيام سيكون من شأنها حل مجلس الشعب، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا لانتخابات الرئاسة. الخبر القصير يقودنا إلى التفاصيل، فالتقرير الذى لم ينشر بعد تضمن 3 مراحل. المرحلة الأولى عبارة عن مقدمة تم فيها رصد تطورات الطعن على انتخابات مجلس الشعب، الذى قدم إلى المحكمة الإدارية العليا فى البداية، ثم تم تحويله إلى المحكمة الدستورية العليا فيما لا يزيد عن أربع وعشرين ساعة، وتم تقييده فيها مباشرة، وهو ما لم يحدث قبل ذلك، فمثل هذه الطعون وبعد قبولها فى المحكمة الإدارية لا تحول إلى الدستورية إلا بعد أسبوع أو عشرة أيام على الأكثر. طعن مجلس الشعب وصل إلى المحكمة الدستورية بشكل عاجل ومع مخصوص.. وكانت القضية نفسها قد تم التكتم عليها فى مجلس الدولة، حتى لا تتسرب أخبارها إلى جماعة الإخوان المسلمين التى حاول أعضاؤها بشتى الطرق تأجيل القضية أكبر فترة ممكنة، لأنهم كانوا يعرفون أن الحكم لن يكون فى صالح المجلس الذى يشكلون أغلبيته. المرحلة الثانية من التقرير تم فيها استدعاء السوابق التاريخية التى تم خلالها حل مجلس الشعب، وكانت تحت عنوان «قياس السوابق التاريخية على الوضع الحالى» وعاد التقرير تحديدا إلى ما جرى فى مجلسى 87 و90 اللذين تم حلهما بدعوى قضائية رفعها وقتها كمال خالد المحامى. المرحلة الثالثة من التقرير انصرفت إلى أسباب العوار الدستورى الذى شاب انتخابات البرلمان الأخيرة، حيث كان من المفروض أن يترك للمرشحين المستقلين المقاعد الفردية بالكامل، لكن حزب الحرية والعدالة تحديدا أصر على أن يشارك فى هذه المقاعد بممثلين عن حزبه. مناقشات هيئة مفوضى الدستورية ذهبت فى البداية إلى إلغاء المقاعد الفردية فى المجلس وإعادة الانتخابات عليها، والإبقاء على النواب الذين دخلو البرلمان بنظام القوائم، لكن رأت الهيئة التى يرأسها المستشار حاتم بجاتو أن العوار الدستورى الذى شاب قانون انتخابات مجلسى الشعب والشورى ينسحب على القوائم الفردى.. ولذلك لابد من حل المجلس كله، وختمت الهيئة تقريرها بالتوصية بعودة الانتخابات بنظام الفردى والبعد عن نظام القائمة. وطبقا لمصادر مقربة من المجلس العسكرى، فإنه فى حالة حل مجلس الشعب، فإن الانتخابات البرلمانية القادمة لن تتم بأى حال من الأحوال إلا فى أكتوبر القادم. تقرير المحكمة الدستورية ورغم أنه يلعب فى المساحة القانونية، إلا أنه يأتى فى الوقت نفسه يأتى كمرحلة من مراحل الصراع الخفى بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى، خاصة أن الجماعة ترى أن حل مجلس الشعب يمثل خسارة كبيرة لها، فى الوقت الذى لم تتمكن فيه من تشكيل حكومة.. كما أن فرصها فى الفوز بانتخابات الرئاسة – مرشحها محمد مرسى – ليست كبيرة. وقد يكون هذا تحديدا ما يفسر رغبة الإخوان المسلمين فى أن يكون هناك نص فى الدستور على تحصين مجلس الشعب الحالى من الحل، وتمكينه من إكمال دورته تأسيسا على أنه أول برلمان للثورة، وهو ما أشار إليه مبكرا المستشار محمود الخضيرى بأن الدستور الجديد يمكن أن يتضمن مواد استثنائية تمنع حل البرلمان الحالى. ورغم أن الإخوان خضعوا لأن يكون أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور من خارج البرلمان، إلا أنهم حاولوا أن يكون هناك 30٪ من أعضاء البرلمان وأن يكون لهم رأى فى اختيار الأعضاء من الخارج، وكان هدف الجماعة من ذلك أن تسيطر على ثلثى اللجنة، بما يسمح لها تمرير كل ما تريده دون أن يعترض أحد. لكن حلم الإخوان فى ذلك تبخر تماما، لقد قرر العسكرى أن يتولى أساتذة القانون الدستورى وعمداء كليات الحقوق وخبراء القانون الدستورى صياغة الدستور، وحدث أن الجماعة عندما علمت باجتماع سامى عنان مع فقهاء الدستور، حتى عرضوا اسمى المستشار طارق البشرى والمحامى الإخوانى صبحى صالح للمشاركة فى الاجتماع، إلا أن قيادات المجلس العسكرى رفضت تماما حضورهما، فى رسالة واضحة إلى أن الإخوان لن يفرضوا وجهة نظرهم أو وصايتهم على صياغة الدستور. لقد وصلت العلاقة بين المجلس العسكرى والإخوان إلى طريق مسدود.. حتما سيؤدى إلى الصدام.. فيوم الجمعة الماضي وبينما كان الإخوان يحشدون أعضاءهم للمشاركة فى مليونية تسلم السلطة فورا، جلس عدد من قيادات الإخوان فى مقر الجماعة بالمقطم، فى انتظار ما يأتيهم من قيادات المجلس العسكرى ربما للتشاور أو التنسيق، لكن لم يتصل بهم أحد.. وكان قرار المجلس أنه لا رسائل سرية بعد الآن.. فالرسائل لابد أن تكون علنية.. وكان أولها وأهمها ما قاله المشير إن الدستور سيرضى عنه المصريون جميعا، وأنه سيسلم السلطة لرئيس مدنى يرضى عنه الجميع.. فى إشارة واضحة إلى أن الإخوان لن ينفردوا لا بالدستور ولا بالسلطة