في خطوة من شأنها تحريك المياه الراكدة في ملف العلاقات المصرية التركية التي توترت بشدة على خلفية عزل حليف أنقرة، الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، عن سدة الحكم منتصف العام الماضي، قال السفير بدر عبد العاطي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، ل«الشرق الأوسط»، إن بلاده وافقت على عقد لقاء ثنائي بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو، على هامش اجتماعات الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ولم يحدد عبد العاطي موعدا للقاء، لكنه رجح عقده نهاية الأسبوع الحالي، في تحرك عده وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي «جيدا كبداية»، لكنه قال ل«الشرق الأوسط» إنه «لا يجب أن نقفز إلى نتائج.. فالإشارات الصادرة عن تركيا متناقضة حتى الآن».
ويأتي هذا التطور في وقت يقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأول زيارة الى الولاياتالمتحدة منذ أن أصبح رئيسا للبلاد حيث من المرتقب ان يلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما غدا. واجتمع السيسي أمس بالرئيس الاميركي الأسبق بيل كلينتون وزوجته، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون في نيويورك لبحث تطورات المنطقة. وتوترت العلاقات المصرية التركية بشدة عقب عزل مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو (تموز) من العام الماضي. وخفضت القاهرة تمثيلها الدبلوماسي لدى أنقرة إلى مستوى قائم بالأعمال في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام نفسه، على خلفية تصريحات رجب طيب إردوغان، رئيس وزراء تركيا حينها، والذي فاز في أغسطس (آب) الماضي في الانتخابات الرئاسية التركية.
وقال عبد العاطي إن بلاده وافقت على عقد الاجتماع حيث لا توجد أي عداوة أو مشاكل مع الشعب التركي، مشيرا إلى أن اللقاء سيتناول كل القضايا المشتركة بين البلدين.
وتحفظ عبد العاطي، الذي تحدث ل«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من نيويورك، على تقييم الخطوة التركية، قائلا «لن نعلق قبل الاجتماع.. هذا لقاء استكشافي سنطرح خلاله كل القضايا».
وترفض تركيا الاعتراف بشرعية المسار السياسي في مصر منذ عزل مرسي، وهاجم إردوغان، الذي وصل إلى نيويورك أمس (الأحد)، الرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي أكثر من مرة. وتستضيف أنقرة قادة من جماعة الإخوان التي تعتبرها القاهرة «جماعة إرهابية». وخلال الشهور الماضية، استدعت الخارجية المصرية القائم بالأعمال التركي أكثر من مرة لإبلاغه استياء القاهرة من تصريحات إردوغان، كان آخرها في يوليو الماضي، حيث استدعت القاهرة القائم بالأعمال التركي مرتين خلال أسبوع واحد. وبدا أن القاهرة تتجاوب بحذر مع الخطوة التركية.
وقال العرابي «هذا أمر يجب أن نتعامل معه بحرص. لا يجب أن نقفز إلى نتائج.. وزير خارجية تركيا حضر اجتماع جدة (اجتماع إقليمي عقد بمدينة جدة في السعودية بمشاركة 11 دولة لبحث سبل مواجهة الإرهاب والخطر الذي يمثله تنظيم داعش الذي بسط هيمنته على مناطق في العراقوسوريا)، ورفض التوقيع على البيان الختامي الصادر عن الاجتماع، وربما أدركت تركيا أنها باتت تسير منفردة بسياسة خاصة بها، وربما شعرت بتغير الموقف الأميركي أيضا». وتسعى الولاياتالمتحدة لبناء تحالف دولي بمشاركة إقليمية لتقويض تنظيم (داعش). ويرى مراقبون أن دحر داعش يمثل مأزقا للدبلوماسية التركية التي تعتقد أن بقاءه يحول دون تشكل إقليم كردي في شمال شرقي سوريا، مما يعزز طموحات أكراد تركيا في الانفصال، كما يحقق بقاء التنظيم المتشدد توازنا نسبيا في المشهد السياسي الداخلي في العراق، في إطار الصراع بين أنقرة وطهران.