يلقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الأربعاء، كلمة مصر أمام اجتماعات الدورة 69 للجمعية العامة للأمم المتحدة فى الجلسة الصباحية. ويبدأ الرئيس كلمته بتوجيه التحية ودعمه للسكرتير العام فى سعيه لتحقيق مقاصد ومبادئ الميثاق، مؤكدا تأييد مصر لاختيار أجندة التنمية فيما بعد 2015 كموضوع رئيسى لهذه الدورة لما يمثله تحقيق التنمية بمفهومها الشامل من أولوية رئيسية للأمم المتحدة ولجميع الشعوب.
وينقل الرئيس رسالة من الشعب المصرى الذى وضع أساس الحضارة الإنسانية وأَلهم شعوب العالم حديثا، ويتحدث عن مكانة مصر المتميزة فى تاريخ وحاضر البشرية مكانة وتأثير تنطلق في المقام الأول من رصيدها الثقافى والحضارى، مشيرا إلى أَنه من الصعب أن تظل إرادة شعب مصر مقيدة أو أَن يسلب من شبابها حقهم في صياغة مستقبلهم لذا كان من الطبيعى بأبناء مصر أَن يخرجوا في الخامسِ والعشرين مِن يناير عام 2011 ليعلِنوا عزمهم على بناء دولة ديمقراطية حديثة تحقق لأبنائِها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
ويؤكد الرئيس ملايين المصريين صمموا على هذه المبادىء، لذلك خرجوا فى الثلاثين من يونيو من العام الماضى، ليثبتوا للعالم أن إرادة الشعوب لا تنكسر وهى قادرة على منح السلطة وأيضا على نزعها ممن يسيئون استغلالها.
ويضيف أن لدى المصريين رؤية مستقبلية طموحة تتسق في مبادئِها وممارساتها مع القواعد الأساسية التي تحكم الحياة الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم وأهمها سلمية الحوار ونبذ العنف وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
ويتطرق الرئيس إلى خريطة المستقبل التى تسير مصر عليها منذ الثالث من يوليو من العام الماضى منهجا وطنيا واضحا لبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية في إطار زمنى محدد مع دعوة جميع أبناء الوطنِ للمشاركة في العملية السياسية بكل مراحلها طالما التزموا بنبذ العنف والإرهاب والتحريض عليهما.
ويشير الرئيس في كلمته إلى أنه اتساقا مع تلك الخريطة يتواصل العمل بالفعل على عدة مسارات أثمرت حتى الآن عن ترسيخ العدالة والحرية والديمقراطية كأساس للحكم على أَن يلى ذلك انتخاب مجلس النواب نهاية العام الجارى مستعرضا التجربة الفريدة للشعب المصرى الذي قام بثورتين لإقامة دولته المدنية الحديثة.
ويوضح ما حققته مصر منذ الثلاثين من يونيو 2013 وحتى الآن من خطوات حقيقية وفاعلة نحو الديمقراطية المنشودة والدولة الحديثة ومنها إقرار الدستور الجديد، وإجراء الانتخابات الرئاسية بمتابعة دولية.
ويتطرق الرئيس إلى تأكيد أن الشعب المصرى العظيم الذي نجح في فرض إرادته قادر على القضاء على الإرهاب في إطار سيادة القانون.
كما تحتل محاربة ظاهرة الإرهاب والتطرف جانب مهم من كلمة الرئيس السيسي، ويشدد على ضرورة عدم اختزال المواجهة على تنظيم بعينه أو منطقة محدودة في العالم، مؤكدا عزم مصر الصادق في الحفاظ على الأمن وإنفاذ القانون والتصدى لمحاولات الترويع والترهيب التى تهدف إلى إعاقة مسار تنفيذها.
ويعرض الرئيس في كلمته بعض نماذج من أعمال العنف فى بعض الأنحاء فى مصر مؤخرا والهجمات الإرهابية اليائسة والبائسة التي لم تفرق في ضحاياها بين رجل وامرأة شيخ وطفل مسلم وغير مسلم من أبناءِ الوطن إرهاب كشف عن وجهه القبيح يهدف إلى تقويض العملية الديمقراطية وتدمير اقتصادِنا.
ويؤكد الرئيس في كلمته أن الشعب المصرى العظيم الذي نجح فى فرض إرادته قادر على القضاء على الإرهاب في إطار سيادة القانون منوها عن ثقته في أَن المجتمع الدولى بأَسره سيقف بحزم إلى جانب الشعب المصرى فى معركته لدحر العنف والداعين إليه ولن يتقبل محاولات تبريره أو التسامح معه.
ويتطرق الرئيس فى كلمته إلى تطلع مصر إلى تعزيز ديمقراطية العلاقات الدولية المعاصرة وإلى مد جسور التعاون بين الشعب المصرى وكافة شعوب العالم على أساس استقلال القرار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ووفق علاقات تقوم على الندية وتكون ركيزتها رؤية مستقبلية بناءة وحضارية.
ويشير الرئيس إلى أن سياسة مصر الخارجية أصبحت تعكس الإرادة الشعبية وتصاغ على نحو يتسق مع مصالحِها الوطنية وأمنها القومى بعيدًا عن أية اعتبارات أخرى ولا غلو، لافتا إلى أن مصر مسئولية تامة ارتباط أَمن مصر القومى بقضايا وأَمن أُمتها العربية.
كما تلتزم مصر بحكم الموقع والتاريخ والانتماء بمواصلة الدفاع عن مصالح قارتِها الأفريقية وبالتصدى لقضايا العالم الإسلامى ونشر قيم الاعتدال وسماحة الإسلام وتعزيز الحوار بين الأديان السماوية وبتبنِي التحديات التي تواجه دول الجنوب في عالم تختل فيه موازين القوى.
ويتطرق الرئيس في كلمته إلى عرض الرؤية المصرية فى عدد من القضايا ويطالب التوصل إلى تسوية سياسية عاجلة تحقق للسوريين الحرية والكرامة والديمقراطية التي يصبون إليها وتصون وحدة كيان الدولة ووضع حد للحرب الأهلية وللتدخلات الخارجية التي طالما حذرنا من تداعياتِها كما يتطرق إلى شرح لتدهور الأوضاع في ليبيا والعراق.
كما يتطرق الرئيس أيضا إلى قضية فلسطين مصدر التوتر الرئيسى في منطقتنا التي مازالت تعانى من تداعيات استمرار احتلال إسرائيل للأراضى العربية وتكثيفِ الأنشطة الاستيطانية مشيرا إلى أهمية استمرار المفاوضات الجارية للوصول إلى تسوية نهائية لهذه المشكلة والتي تعود جذورها إلى القرن الماضي.
ويؤكد الرئيس استمرار مصر في دعم حق الشعب الفلسطينى في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدسالشرقية على كامل أراضى الضفة الغربية وغزة وفق مبادرة السلام العربية وتأسيسا على المرجعيات ذاتِ الصلة.
ويعلن الرئيس خلال كلمته إلى وجوب التخلص من التهديدات التي يمثلها وجود الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في منطقتنا بما يهدد مصداقية نظام منع الانتشار بل ومصداقية الأممالمتحدة ذاتها.
ويتطرق الرئيس إلى القارة الأفريقية ويؤكد أن جذور مصر ضاربة فى قارتها الأفريقية وهى تفخر بما شهدته القارة من تغييرات إيجابية عديدة وتطورها نحو مزيد من الديمقراطيةِ والتنمية غير أن أفريقيا مازالت بحاجة لتضافر الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لمساعدتها على مواجهة التحديات والنزاعات المتعددة معلنآ عن إنشاء وكالة مصرية للمشاركة من أجل التنمية والعمل على توجيه معظم موارد هذه الوكالة إلى الدول الأفريقية الشقيقة بما يتيح الاستفادة من الإمكانيات والرصيد المتراكم للخبرات الفنية المصرية.
ويطالب الرئيس خلال كلمته إلى الأممالمتحدة بتعزيز منظومة حقوق الإنسان الوطنية والدولية ومعالجة مشكلة غياب الديمقراطية في إدارة العلاقاتِ الدولية والإسراع بتنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية وتحقيق نزع السلاح النووى ومكافحة الفساد.
ويشير إلى عزم مصر على مواصلة العمل من أجل احترام حقوق الإنسان وتمكين المرأة على المستويين الوطنى والدولى وإفساح المجال أمام الشباب للمساهمة بفاعلية في صياغة رؤيتنا للعالم ولمستقبلِ أوطاننا.
ويشدد الرئيس مرة أخرى على أهمية تضافر الجهودِ الدولية لمواجهة خطر الإرهاب وتطوير دور الأممالمتحدة فى تنسيق جهودِ مكافحته ومعالجة جذوره.