أكد مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية أن الرئيس أوباما قرر الاستعانة بالجنرال المتقاعد جون ألن (61 سنة) الذي كان يشغل منصب قائد القوات الأميركية في أفغانستان ليتولى مهمة تنسيق الجهود الدولية في الحملة الجديدة ضد الإرهاب وتنظيم داعش في العراقوسوريا. وقال مسؤول كبير، رفض نشر اسمه نقلا عن الشرق الأوسط، إن الجنرال ألن سيتولى تنسيق الجهد الدولي ضد «داعش»، ليس فقط في المجال العسكري، ولكن أيضا في جهود قطع تمويل «داعش» وشبكاتها المالية وقطع الطريق على قدراتها لجذب المقاتلين الأجانب من الخارج.
ويعد اختيار الجنرال بمشاة البحرية الأميركية جون ألن خطوة مدروسة من جانب الإدارة الأميركية، إذ يملك الجنرال ألن خبرة طويلة بالمنطقة وبصفة خاصة أفغانستانوالعراق. وقد عمل الجنرال ألن في محافظة الأنبار في العراق من 2006 إلى 2008 ولعب دورا مهما في تعزيز العلاقات مع القبائل السنية وحركة الصحوة العراقية. وكان قادرا على حشد القبائل السنية في العراق ضد تنظيم القاعدة في ذلك الوقت.
وقبل تقاعده العام الماضي، بعد 38 سنة في الخدمة العسكرية، عمل الجنرال ألن في منصب نائب قائد القيادة الأميركية المركزية التي أشرفت على العمليات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط من عام 2011 إلى عام 2013، وقاد تنسيق الجهود العسكرية الأميركية مع الحلفاء في أفغانستان، مما أتاح له العمل والاتصال الوثيق مع حلفاء إقليميين ودوليين، كما عمل بشكل وثيق مع معظم القادة العسكريين والدبلوماسيين، بمن في ذلك الجنرال لويد أوستن الرئيس الحالي للقيادة المركزية الأميركية، التي من خلالها سيشرف على الحملة العسكرية ضد «داعش».
ويملك ألن خبرة دبلوماسية أيضا من خلال عمله مستشارا لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، حيث قام بتطوير خطة أمنية في الضفة الغربية عززت جهود وزير الخارجية كيري في التفاوض مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للتوصل إلى اتفاقية سلام شامل. وبعد تقاعده انضم الجنرال ألن إلى مركز بروكينغز للأبحاث في العاصمة واشنطن.
وفي كتاباته بمعهد بروكينغز، هاجم الجنرال ألن تنظيم داعش بشدة بعد مقتل الصحافيين الأميركيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف. وشدد على أن تنظيم داعش هو خطر واضح وقائم ضد الولاياتالمتحدة، وأن أميركا هي القوة الوحيدة القادرة على تنظيم وتشكيل ائتلاف إقليمي ودولي لضرب «داعش».
وفي مقاله بتاريخ 20 أغسطس (آب) الماضي، قال الجنرال ألن إن القتل الوحشي للصحافيين وقدرة «داعش» على القيام بأعمال مماثلة جذبت الاهتمام الأميركي للتركيز على الخطر الحقيقي الذي تشكله هذه الجماعة على العراق وعلى دول المنطقة العربية وعلى الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة، مشددا على أن «داعش» يشكل خطرا واضحا وقائما ضد الولاياتالمتحدة.
وأشاد الجنرال ألن في مقاله بقيام إدارة الرئيس أوباما بشن غارات جوية على عناصر «داعش» في شمال العراق وتقديم المساعدات الإنسانية للإيزيديين والمسيحيين والأقليات الفارة من هجمات «داعش» في العراق، داعيا أن تقوم الولاياتالمتحدة بالقيادة واستغلال نفوذها لضرب «داعش» بوصفها القوة الوحيدة القادرة على تنظيم ائتلاف لهذا التهديد الإقليمي والدولي. وقال: «أستطيع أن أقول بيقين إن ما نواجهه في شمال العراق هو جزء من الأزمة الخاصة بالعراق ومنطقة الشرق الأوسط، وربما العالم كله».
وطالب الجنرال ألن بأن تقوم الولاياتالمتحدة بضرب «داعش» بشكل سريع وفوري والبدء في تفكيك منهجي لهذا التنظيم المريض، مشيرا إلى أن «داعش» له إمكانيات تنظيمية جيدة، وأن هذا التنظيم لن يختفي ويزول من تلقاء نفسه ما لم تقم الولاياتالمتحدة بذلك.
وأوضح الجنرال ألن أنه من شبه المؤكد أن تنظيم داعش يجد دعما من عناصر نظام صدام حسين السابق، ويجد مساندة من القبائل السنية في سورياوالعراق، والمقلق أن تنظيم داعش يجتذب المزيد من المقاتلين الأجانب من الشيشان إلى الأوروبيين والأميركيين وهؤلاء سيعودون إلى بلادهم بعد سنوات، بغض النظر عما سيحدث ل«داعش» ومصير هذا التنظيم.
وأشار ألن إلى قدرات تنظيم داعش العسكرية وما يملكه من عربات مدرعة وذخائر عراقية وأميركية ومبالغ مالية كبيرة جرت سرقتها من المصارف العراقية. وركز الجنرال ألن بصفة خاصة على قدرة مسلحي «داعش» على استيعاب قدرات عسكرية ثقيلة ومعقدة وتوجيهها ضد خصومهم وقدرتهم على الابتكار على ساحة المعركة القتالية وخفة التحرك.
وحذر الجنرال ألن من أن «داعش» سيركز على أهداف غربية وأميركية إذا ما أتيحت له الفرصة لتعزيز أهدافه فيما يسميه «الخلاقة الإسلامية»، مشيرا إلى أن تنظيم داعش يعد أكثر خطرا من تنظيم القاعدة، وأن الولاياتالمتحدة وأوروبا عليهما الاستعداد لعودة المقاتلين الأجانب إلى أراضيها.
ونصح الجنرال المتقاعد بسرعة التحرك لضرب ما سماه «الجهاز العصبي للتنظيم» وكسر عنقه، والعمل مع الحلفاء والشركاء التقليديين في المنطقة بحيث تعمل الجهود الأميركية والعربية ضد «داعش» بدءا من الموصل في الشرق حتى العمق في غرب سوريا دون النظر إلى حق سوريا وسيادتها على المجال الجوي، وقال: «سوريا دولة فاشلة وليست قادرة على العمل ككيان سيادي، ولا تستحق الاحترام، وما يتعلق بالسيادة على أراضيها ومجالها الجوي ليس شيئا علينا منحه لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، ولا يمكننا ترك مكان ليكون ملاذا آمنا لهم في سوريا أو في أي مكان ليكونوا قادرين على تجميع صفوفهم والتمتع بملاذ عبر الحدود».
ونصح الجنرال ألن بالإسراع في تجديد قوة الأمن العراقية لتعمل إلى جانب القوة العسكرية الأميركية وقوات التحالف، وفتح جبهات ضد «داعش» في الشمال على طول نهري دجلة، وفي الغرب في محافظة الأنبار، وعلى طول نهر الفرات، ويمكن أن تلعب القبائل السنية في سوريا والمقاومة السورية دورا محوريا في تفكيك علاقات «داعش» بالقبائل السنية التي تقاتل معها الآن.
وشدد ألن على أن تكون عناصر الأكراد والسنة والمعارضة السورية لها الوجود الفعلي على أرض المعركة لتقوم بالقتال، وشدد على أنها ضرورية لنجاح الحملة على «داعش»، إضافة إلى التنسيق بصورة شاملة مع هذه القوى المتنوعة في المنطقة، وقال: «لقد فعلت هذا من قبل، ولكن علينا الآن النظر لهذه الأزمة من منظور إقليمي، ولا نقع ضحية التفكير المجزأ والسياسات التي تترك أي حلفاء محتملين خارج اللعبة، أو إعطاء (داعش) أي مساحة للمناورة أو الحصول على ملاذات آمنة».
وقد أعلنت الخارجية الأميركية أن هناك ما يقرب من 40 دولة في جميع أنحاء العالم وافقت على الانضمام إلى القتال وتقديم ما يلزم لمكافحة تنظيم داعش.