فيما يبدو أنه محاولة لتطهير نفسها من العناصر المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنتها السلطات تنظيما إرهابيا، وبعد أحداث عنف وتخريب ضارية شهدتها العام الماضي من قبل هذه العناصر، قالت مصادر مسؤولة في جامعة الأزهر أمس إن «الجامعة تدرس بجدية استبعاد الأساتذة وعمداء الكليات المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين»، نظرا لما قالت إنهم «تورطوا في أحداث العنف والتحريض والتخريب التي شهدتها الجامعة العام الماضي»، لافتة إلى أن «جامعة الأزهر سوف تبدأ خطوات فعلية في ذلك الأمر، ويوجد حصر بعدد هؤلاء الأساتذة وأدلة التحريض». وأوضحت المصادر المسؤولة أن «عددا كبيرا من أساتذة الجامعة تقدموا بمذكرات تطالب بفصل هؤلاء الأساتذة وخصوصا الذين زاروا غزة أيضا في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، بسبب دعواهم الباطلة للطلاب والتي من شأنها أن تؤدي إلى تعكير صفو المصريين وتكدير الرأي العام».
وكشفت المصادر المسؤولة عن «تعليمات صدرت لعمداء الكليات بعدم السماح لأي قيادة إخوانية بتقلد أي منصب في الكلية»، مضيفة أن «قيادات الجامعة أكدوا أنه لن يتم الإبقاء على كل من يحرض الطلاب على التظاهر، ومن يدخل في سيارته شماريخ للحرم الجامعي، أو يشارك في أعمال العنف، سواء كان من قام بهذا من أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب أو الموظفين». وأوضحت المصادر أن «الجامعة اتخذت قرارا بفصل كل من سيثبت تورطه في التخريب والتدمير في أثناء العام الدراسي، حيث سيتم تطبيق القانون على الجميع».
في غضون ذلك، طالب مجلس جامعة الأزهر أمس، النائب العام المصري المستشار هشام بركات، بالإفراج عن طلاب الجامعة الذين تم القبض عليهم في أحداث العنف التي وقعت العام الماضي، وتحديد موقفهم القانوني قبل بداية الدراسة المقرر لها 11 أكتوبر (تشرين أول) المقبل.
وتضم جامعة الأزهر أكثر من 77 كلية، وبها نخبة من الأساتذة والعلماء تصل إلى نحو 11 ألف عضو هيئة تدريس ومعاونيهم. وأضافت المصادر المسؤولة ل«الشرق الأوسط»، أن «مجلس الجامعة الذي عقد أمس قرر بدء الدراسة 11 أكتوبر المقبل وعدم تأجيلها، وبدء التقديم للمدن الجامعة للطلاب يوم 13 سبتمبر (أيلول) الحالي».
وأرجعت المصادر المسؤولة صدور قرار بتحديد موعد الدراسة أمس إلى أن مجلس الجامعة أراد توصيل رسالة بأن الأوضاع الأمنية آمنة داخل الجامعة، وأنه لن يتم تأجيل بدء الدراسة.
وسبق أن أجلت جامعة الأزهر الدراسة العام الماضي لأكثر من ثلاثة أسابيع، خوفا من مظاهرات قام بها طلاب «الإخوان» لاعتراضهم على بدء الدراسة.
وشهدت الجامعات خلال العام الماضي مظاهرات نظمها طلاب «الإخوان» للمطالبة بوقف الدراسة وعودة شرعية مرسي، والإفراج عن الطلاب المقبوض عليهم في الأحداث التي شهدتها البلاد منذ عزل مرسي عن السلطة في يوليو (تموز) من العام المنصرم، ووقعت أحداث مؤسفة في جامعة الأزهر شملت إحراق عدد كبير من المباني والكليات، فضلا عن وقوع عشرات القتلى والمصابين من الطلاب. وقال مصدر أمني في وزارة الداخلية ل«الشرق الأوسط»، إن «أغلب المظاهرات التي شهدتها الجامعات وقعت من داخل المدن الجامعية واستخدمت فيها الشماريخ (نوع من الألعاب النارية قوية الانفجار) والمولوتوف الذي كان بحوزة الطلاب والطالبات داخل المدن الجامعية».
في سياق آخر، قررت جامعة الأزهر التي تضم نحو 400 ألف طالب وطالبة يمثلون نحو خُمس طلاب التعليم العالي بمصر، فتح باب التنسيق للمدن الجامعية، (السبت) المقبل؛ ولمدة شهر بنظام المظاريف الورقية. وسبق أن أجلت الجامعة فتح باب القبول للمدن الجامعية على خلاف الجامعات المصرية، لأسباب أمنية، على حد وصف أحد الطلاب.
وتعد جامعة الأزهر من أكثر الجامعات المصرية التي مثلت أرقا للسلطات الحاكمة في البلاد، خصوصا العام الماضي، ويقول مصدر أمني في وزارة الداخلية إن «الجامعة قد تمثل تحديا جديدا أمام السلطات الأمنية خلال العام الجديد».
وكشفت المصادر المسؤولة في جامعة الأزهر، أنه «جرى وضع شروط صعبة للقبول بالمدن الجامعية هذا العام تنص على ألا يكون الطالب قد تعرض لعقوبات بسبب أحداث العنف التي جرت خلال العام الماضي، أو فصل من المدينة في الأعوام السابقة، أو أن يكون رهن التحقيقات من قبل السلطات القضائية»، لافتة إلى أن الضوابط الجديدة تشمل أيضا «عدم التظاهر داخل المدينة أو المشاركة في فعاليات سياسية أو توزيع منشورات».
وأشارت المصادر إلى أنه سيتم إخلاء أي طالب من المدينة فور مشاركته في أحداث سياسية أو توزيع منشورات أو أحداث عنف أو تحريض، موضحة أن «الطلاب الذين تم طردهم العام الماضي من المدن الجامعية أو مجازاتهم لن يسكنوا دون رفع الجزاء من مجلس الجامعة في هذا العام أو الأعوام القادمة».
وتضع السلطات إجراءات استثنائية لمواجهة أي أعمال عنف على أبواب الجامعات والمدن الجامعية التي تقع غالبا داخل مقرات الجامعات، وقال المصدر الأمني نفسه، إن «من الإجراءات الجديدة تفتيش الطلاب والطالبات ذاتيا، لمنع دخول أي أدوات تستخدم في تعطيل الدراسة».
وسمحت وزارة التعليم العالي لقوات الأمن بدخول الجامعات من جديد، لحماية وحراسة المنشآت، بعد ثلاث سنوات من إبعاد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية عن الجامعات، واستبدال الأمن الإداري به.. لتحقيق الاستقرار ومنع الفوضى بين الطلاب.
وقالت المصادر المسؤولة في جامعة الأزهر، إن «هناك توجها لاستبعاد طلاب جماعة الإخوان من المدن الجامعية خلال العام الدراسي المقبل»، لافتة إلى أنه «سيجري التحري بكل دقة عن الطلاب المتقدمين للإقامة في المدينة حتى لا تتكرر أحداث العام الماضي».
ويشار إلى أنه «لا يوجد رقم حقيقي لعدد الطلاب الذين جرى فصلهم من المدن الجامعية في مصر أو الطلاب المحبوسين على ذمة قضايا عنف وتخريب». لكن المصادر في جامعة الأزهر أكدت أن «هناك ما يزيد على ألفي طالب محبوسين، سواء من المعتقلين سياسيا على ذمة قضايا أو ممن لم تثبت إدانتهم منذ فض اعتصامي (رابعة) و(النهضة) في أغسطس (آب) من العام الماضي».