عاش البيت الوفدي أمس أجواء فرحة عارمة بين أعضائه، وتعالت الهتافات ب"عاش الوفد زعيم الأمة، والوفد ضمير الأمة"، إضافة إلى الزغاريد والأحضان بين جميع الموجودين، وهي لم تكن أجواء فرحة بفوز الحزب بانتخابات ما، لكنها فرحة بعد إنهاء أزمة كبيرة استمرت عدة أشهر ووصلت إلى المحاكم بين رئيس الحزب الحالي الدكتور السيد البدوي ومنافسه السابق بانتخابات رئاسة الحزب الأخيرة فؤاد بدراوي.
وعقدت الهيئة العليا للحزب أمس الثلاثاء برئاسة السيد البدوي اجتماعاً لمناقشة قرار عودة بدراوي مرة أخرى للحزب، ورصدت "الفجر" الاشتباك الذي حدث داخل الاجتماع بين كلاً من أنصار بدراوي وبعض الرافضين لعودته، ووصل الاشتباك إلى حد السباب، وكان الخلاف حول التصويت على عودته أو رجوعه بقرار من الحزب، حيث طالب أنصاره برجوعه بقرار وليس تصويت، ولكن سرعان ما تم تدارك الموقف وتم إنهاء الاشتباك وعاد الهدوء مرة أخرى إلى الاجتماع ليكون القرار هو التصويت السري على عودة بدراوي، وهنا طلب بدراوي الدخول للاجتماع وحضوره وعرض وجهة نظره، حيث كان يجلس في غرفة مجاورة لقاعة الاجتماع.
وبعد أن انتهى التصويت وابتسمت الوجوه قليلاً، قام أحمد عز العرب، نائب رئيس الحزب، بالخروج من قاعة الاجتماع ليأخذ بدراوي من يده ويدخل به الاجتماع، وهنا قام جميع الموجودين بالتصفيق ليعود الوفديون يداً واحدة مرة أخرى وتنتهي الأزمة.
وتعود أزمة البيت الوفدي إلى ما بعد انتهاء انتخابات رئاسة الوفد، والتي شكك فؤاد بدراوي في نزاهتها، وذلك بعد توجيه رئيس اللجنة المحايدة للإشراف على انتخابات رئاسة الحزب الدكتور إبراهيم درويش، والقيادي بحزب التجمع حسين عبد الرازق رسالة إلى كل من السيد البدوي، وفؤاد بدراوي، المتنافسين في انتخابات رئاسة الحزب التي أجريت في 25 أبريل الماضي، ورئيس لجنة الانتخابات مصطفى الطويل، تفيد ببطلان عملية التصويت نتيجة زيادة عدد من أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التي فاز بها البدوي عن عدد الذين وقعوا في كشوف حضور الجمعية العمومية "الهيئة الوفدية".
وأوضحت الرسالة الموجهة للبدوي وبدراوي، أن عدد الموقعين بلغ 2205 ناخبين، فيما كان عدد من أدلوا بأصواتهم 2308 بزيادة 104 أصوات، وكانت اللجنة قد أعلنت فوز الدكتور السيد البدوي شحاتة لرئاسة حزب الوفد لفترة ثانية بعدد أصوات 1183 صوتًا، بينما حصل منافسه السكرتير العام السابق للحزب فؤاد بدراوي على 956 صوتًا بفارق 227 صوتا، فيما حصل المرشح الثالث يحيى محمود رشاد على 3 أصوات فقط.
وطالب بدراوي وقتها بإعادة الانتخابات إلا أن البدوي رفض ذلك، مؤكداً على نزاهة العملية الانتخابية، ما دعا السكرتير العام المستقيل برفع دعوى قضائية أمام محكمة جنوبالجيزة ضد رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي، للمطالبة ببطلان انتخابات رئاسة الوفد الأخيرة، واستند في دعواه إلى تقرير اللجنة المشرفة على انتخابات الحزب.
وترتب على الدعوى القضائية التي أقامها بدراوي ضد البدوي، بإصدار الهيئة العليا في 24 يونيو الماضي قرارًا بفصل فؤاد بدراوي، من حزب الوفد وكافة تشكيلاته، واعتبرت الهيئة وقتها أن بدراوي ارتكب تصرفات تهدد كيان الحزب بخطر جسيم وداهم لا يمكن معه تداركه خاصة بعدما أعلن عن إنشاء جبهة "إصلاح الوفد".
واشتدت وتيرة الأزمة والتراشق الإعلامي بين الطرفان حتى هدأت الأوضاع ونجحت محاولات تقريب وجهات النظر بين "البدوي وبدراوي"، تمهيداً لعودة بدراوي مرة أخرى للحزب في أقرب وقت، وعدول "عليا الوفد" عن .قرار فصله شريطة أن يتنازل بدراوي عن دعواه ضد رئيس الحزب
وبالفعل، اتخذ بدراوي الإجراءات القانونية اللازمة لشطب دعواه التي أقامها ضد السيد البدوي رئيس الحزب بتزوير الانتخابات، وظل بدراوي ينتظر قرار الهيئة العليا حتى اليوم لعودته مرة أخرى للحزب ولكن دون جدوى.
على جانب آخر، وقع بدراوي في أزمة مع أنصاره الذين نصحوه بعدم التنازل عن دعواه والاستمرار فيها، ولكنه رفض الانصياع إليهم، متمسكًا بالاتفاق الذي تم بينه وبين عدد من قيادات الوفد الذين تدخلوا لإنهاء النزاع بين الطرفين، ونجحوا خلال الفترة الماضية بوجود اتصالات مباشرة بين كل من "بدراوي والبدوي".
والتقى "البدوي وبدراوي"، أكثر من مرة ودار بينهم حوارات ومحادثات مباشرة انتهت بتأكيد الدكتور السيد البدوي، بعودة بدراوي مرة أخرى للحزب، بعد عرض ذلك على أعضاء الهيئة العليا للحزب مع أول اجتماع لهم، على أن تشهد الأزمة انفراجة بين الطرفان، و"لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" وتجتمع الهيئة العليا لأكثر من مرة ولم تتخذ قرارا نهائيا بعودة بدراوي، ما دفعه لاتخاذ قرار مفاجئ والدخول في اعتصام مفتوح بمكتب "صلاح توفيق"، داخل مقر الحزب بالدقي منذ أسبوع واستمر هذا الاعتصام ليوم واحد ونهى بدراوي اعتصامه بعد أن تعهد له البدوي عودته للحزب مرة أخرى بعد اجتماع الهيئة العليا، وهو ما قد تم بالأمس.
وقال الدكتور السيد البدوي في تصريح له إن قرار الهيئة العليا للحزب بعودة فؤاد بدراوي كان متوقع، وأن الهيئة العليا للحزب كانت حريصة على تطبيق ثوابت "الوفد"، مؤكداً ان مجرد وجوده ودخوله الاجتماع وكأنه عضو أزال الاسباب التى أدت الى فصله، قائلاً: "دائما نقطة ضعفي تجاه بدراوى حبي له لأنه حفيد فؤاد باشا سرج الدين وهو كان زعيم وأستاذ تعلمت منه الكثير وهكذا قولت في الاجتماع أن لدي نقطة ضعف تجاه بدراوي".
وأعلن البدوى أن "بدراوي" حسم ترشحه للانتخابات البرلمانية المقبلة على قوائم "الوفد المصري" وحسب رغبته، مشيراً إلى أن رغبته في خوض الانتخابات بالنظام الفردي، فيما قال فؤاد بدراوي سكرتير عام حزب الوفد السابق، "سعيد لاستجابة الهيئة العليا للحزب للمبادرة التى تقدمت بها وأكدت خلال الاجتماع على تقديري لها وعدم وجود خصومة بينى وبين أى عضو فيها"، وأكد أن المرحلة الحالية تحتاج لتضافر الجهود وان يعمل الجميع معاً للدفع بمسيرة الوفد وهو ما تحتاجه مصر، مشيراً إلى أن ملف الشباب المفصولين هو محل بحث خلال الأيام المقبلة، قائلاً: "عودتى غير مشروطة ولن يكون هناك أي شروط لعودتى وبالنسبة للدعوة المرفوعة فإنها لن تجدد وسأستمر في موقعي كعضو هيئة عليا وأنا أخدم الوفد في أي موقع".