■ تقصير الدراسة فى كلية الشرطة شهرا قبل إعلان الحكم فى قضية مبارك والعادلى ومساعديه ■ هايدى اشترت 600 ألف سهم من حصة بنك مصر فى البنك الذى اشتراه الكويتيون وكسبت 35 مليون جنيه أسرار لم تنشر من قبل عن الساعات الأخيرة للتنحى.. ■ وافق حسين طنطاوى وعمر سليمان وأحمد شفيق على تشكيل مجلس رئاسى يدير البلاد فى الفترة الانتقالية.. وفى اليوم التالى قال لهما المشير: قفلنا القصر الجمهورى ■ مبارك طلب من سليمان إقناع سوزان بالسفر إلى شرم الشيخ لكنها قالت له: « أنا مش حاسيب بيتى.. انتوا وظيفتكم تحمونا» ■ المشير جهز لنائب الرئيس مكتبا فى الأمن الحربى خلال ساعتين لكنه فضل الذهاب إلى الحرس الجمهورى ■ مندوب من القذافى يقدم لمدير المخابرات فيديو عن عملية كنيسة القديسيين قبل ثلاثة أشهر من تنفيذها.. ومبارك لم يبلغ وزير الداخلية بالمعلومات يقع مكتب مبارك على اليمين فى الدور الثانى من القصر الجمهورى.. المعروف بقصر الاتحادية.. وعندما عين عمر سليمان نائبا للرئيس اختير مكتبه على الناحية الأخرى.. كى يكون تحت الأنظار طوال الوقت. وهناك مصعد مخصص للرئيس.. وآخر مخصص لكبار الشخصيات.. أما أطقم السكرتارية والحراسة فيستخدمون السلم صعودا وهبوطا. فى صباح يوم جمعة الرحيل (11 فبراير) رفع أحد مديرى المكاتب الرئاسية شيش نافذة غرفته ليجد على مرمى البصر مشهدا أثار فزعه.. كانت جماعات من الشباب الغاضب تجلس على سور نادى هليوبوليس المواجه للقصر.. وافترشت أعداد أخرى منهم الأرض وتربعت أمام الأسلاك الشائكة وأكياس الرمل ودبابات الحرس الجمهورى التى سدت الطريق المؤدى إلى بيت مبارك المعروف بالمقر. كان متوقعا حسب تهديدات الثوار أن يأتوا إلى هنا ويحتلوا المكان حتى يرحل مبارك ويعلن تنحيه عن الحكم واعتزاله العمل السياسى تماما. وما أن انتهى عمر سليمان وزكريا عزمى من صلاة الجمعة حتى عرفا بما يجرى.. فاتصل عمر سليمان بمبارك طالبا منه الذهاب إلى شرم الشيخ خوفا على حياته.. فاستجاب له دون تردد.. على أن يلحق به ولداه وزوجته. فى الوقت نفسه أجرى اتصالا بالمشير حسين طنطاوى لتجهيز مقر آمن لنائب الرئيس بعيدا عن القصر الجمهورى الذى بات الهجوم عليه وشيكا.. ووقع الاختيار على مبنى «الأمن الحربى» الذى تشغله إحدى إدارات المخابرات الحربية.. وسبق أن اقترح مبارك أن يكون مقرا لوزارة الدفاع.. لكن.. المشير عبد الحليم أبوغزالة رفض بحجة أن المقر الحالى للوزارة هو مقر تاريخى مميز.. وكان الرفض بداية لمشاكل راحت تتصاعد بينه وبين الرئيس. لم يستغرق تجهيز مكتب جديد للنائب أكثر من ساعتين.. خرج بعدها عمر سليمان ومدير مكتبه حسين كمال من إحدى البوابات الجانبية للقصر الجمهورى..وسار الموكب مسرعا مخترقا الشوارع الخلفية المغلقة فى المنطقة.. وعندما مرا على بيت مبارك وجدا علاء وجمال يقفان على الرصيف وهما يرتديان الجينز.. علاء يضع يده فى جيبه.. وجمال يضع يده فى وسطه.. وكان واضحا أنهما فى دهشة مما يجرى أمامهما.. خاصة جمال الذى كان مصرا على أن هناك مؤامرة لتخويف «الرئيس» ينفذها أقرب رجاله إليه للتخلص منه كى يبتعد عن السلطة فيستولون عليها. لقد بدأ الشك يساور جمال مبارك منذ اليوم الذى تقرر فيه تفويض النائب فى بعضٍ من صلاحيات الرئيس.. وفى هذا اليوم جلس عمر سليمان وحسين طنطاوى أربع ساعات مع مبارك (من الثانية عشرة ظهرا إلى الرابعة عصرا) وانتظر الرجلان أن يكتب الخطاب الذى سيعلن فيه مبارك هذا التفويض حتى الساعة الخامسة.. لكن.. الخطاب لم يكن قد كتب.. فاستأذن المشير متجها إلى مكتبه فى وزارة الدفاع.. منتظرا مكالمة من النائب يخبره فيه بما حدث. ظل جمال مبارك يماطل فى كتابة الخطاب.. مؤكدا أن ما يجرى فى التحرير أقل من أن يسمح بتنازل الرئيس عن صلاحيات ينفرد بها.. وفى هذا الوقت كانت شاشات داخلية تنقل مظاهرة تأييد مبارك فى ميدان مصطفى محمود ونظر جمال مبارك إلى الدكتور إبراهيم كامل الذى كان يقود المظاهرة وقال فى خبث: «مش ده برضه الدكتور إبراهيم كامل ما هو الشعب عايز الرئيس آهه».. ثم قال إنه اتصل بمكتب وزير الداخلية اللواء محمود وجدى وسأله عن خطورة الموقف فأجابه بأن الأمور كلها تحت السيطرة ولا تحتاج إلى أن يتنازل الرئيس عن شىء.. لكن.. عندما اتصل أحد رجال عمر سليمان به أنكر أن جمال اتصل به. وعندما خرج مبارك ليلقى خطابه ليلا (فى الساعة الحادية عشرة مساء) بدا واضحا أن الذين صاغوا الخطاب أظهروه فى صورة المتحدى لإرادة الشعب.. فقد كانت كلمات التهديد والوعيد أكثر من كلمات التهدئة والاستيعاب.. ومن ثم لم يأت تفويض النائب فى صلاحيات الرئيس بالأثر المطلوب. وصل موكب عمر سليمان إلى مبنى الأمن الحربى.. لكنه.. لم يدخله.. وفضل أن يواصل السير إلى مبنى الحرس الجمهورى.. وعندما وصل إلى هناك وجد زكريا عزمى وعلاء مبارك وأحمد شفيق (رئيس الحكومة) وأحمد أبوالغيط ومصطفى الشافعى (المساعد الأول لرئيس الديوان). وجه عمر سليمان كلامه إلى علاء مبارك منتقدا سلوك شقيقه جمال.. وأضاف إن عليه التحدث مع والدته بناء على نصيحة والده بأن تسافر مع ولديها إلى شرم الشيخ ليكونوا جميعا فى أمان. وبالفعل اتصل عمر سليمان بسوزان مبارك طالبا منها أن تغادر بيتها لتركب الطائرة من مطار ألماظة إلى شرم الشيخ.. لكنها رفضت قائلة: «انا مش حاسيب بيتى».. وأضافت فى غطرسة واضحة: «انتوا بتعملوا إيه.. مفروض تحمونا».. فاستطرد النائب المشهور بتماسكه قائلا: «يا فندم الموقف شديد الخطورة.. ومحدش يعرف حيحصل إيه بعد ساعة واحدة.. والرئيس ما يستحقش البهدلة».. وطلب من علاء أن يذهب لمساعدة والدته.. ويقنعها باللحاق بوالده. وبالفعل ركبت سوزان مبارك الطائرة.. وما أن دارت محركاتها حتى طلبت إيقافها والنزول منها بحجة أنها نسيت حاجة فى البيت.. ثم رفضت ركوب الطائرة مرة أخرى.. مصرة على البقاء فى القاهرة.. وهو ما جعل علاء وجمال يدفعانها إلى داخل الطائرة. اتصل عمر سليمان بالمشير وطلب منه الانضمام إليهم.. لكنه.. فضل أن يذهبوا هم إليه.. وقام عمر سيلمان وأحمد شفيق ليستقلا سيارة أخذتهما إلى وزارة الدفاع.. أما زكريا عزمى وأحمد أبوالغيط ومصطفى الشافعى فقد فضلوا الانسحاب.. من باب مسك العصا من نصفها. انضم رئيس الأركان سامى عنان إلى اللقاء الثلاثى الذى جمع بين حسين طنطاوى وعمر سليمان وأحمد شفيق.. وطلب المشير من قائد القوات الجوية التأكد من أن مبارك استقل الطائرة إلى شرم الشيخ فأكد ذلك.. بعدها كان التقدير بأن مبارك يمكن أن يستجيب إلى طلب التنحى لو جرى الحديث معه فورا.. وقبل هبوط طائرة زوجته وولديه.. فمن المؤكد أن جمال ووالدته سيؤثران على مثل هذا القرار. وما أن أبلغ قائد القوات الجوية بهبوط طائرة مبارك إلى شرم الشيخ.. وتأكد أنه وصل إلى مستعمرته فى موفنبيك الجولف.. قام عمر سليمان بالاتصال به للاطمئنان عليه.. ثم أبلغه بأن الوضع خطير.. ويجب السيطرة عليه.. وكان الاقتراح أن يتنحى عن السلطة.. والغريب أنه وافق على ذلك وطلب سماع البيان الذى سيعلن على الشعب.. وبعد عدة دقائق أخرى قرأ عمر سليمان البيان الذى صاغه المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا.. فطلب مبارك تغيير كلمة تنحى إلى تخلى. واللافت للنظر أن مبارك كان مستسلما لكل مطالب عمر سليمان.. مستجيبا لها دون مقاومة.. فهو لم يعترض على سفره بصورة عاجلة إلى شرم الشيخ.. ولم يتردد فى قبول التنحى.. وهو ما يعنى أنه تخلى عن عناده الشهير.. وخشى على حياته وحياة عائلته من أن تلقى نفس مصير شاوشيسكو الذى حذره منه حسام بدراوى فى اللقاء الذى استمر بينهما خمس دقائق.. خرج بعدها ليجلس فى الصالون القريب من مكتب النائب فى انتظار توصيله تليفونيا بالدكتور فتحى سرور والمستشار سرى صيام بناء على تعليمات مبارك كى تحدد المواد التى ستتغير فى الدستور.. لكن.. ما حدث هو أن ضابطًا من الحرس الجمهورى جاء هو وأمين عام الرئاسة وطلبا منه مغادرة المكان.. وعندما قال لهما إنه ينتظر بأمر الرئيس قالا له إن لا أحد يبقى بعد أن يقابل الرئيس.. فكتب ورقة وتركها على مكتب حسين كمال مدير مكتب النائب.. قال فيها: «لقد طردت». ووصلت الورقة إلى عمر سليمان الذى كان يجلس مع المشير وجمال مبارك.. فعرضها على جمال مبارك الذى أبدى دهشته مما جرى.. وإن كان هو المتهم الوحيد بالتحريض على كتابتها.. فأمسك بالموبايل واتصل بحسام بدراوى وطلب منه أن يرجع مرة أخرى. كان واضحا أن مبارك قد فقد اهتمامه بكل شىء بسبب الشيخوخة والأزمة النفسية التى ظلت تصاحبه بعد وفاة حفيده.. وهناك دليل مهم على ذلك يستحق أن نكشفه ونسجله لأول مرة. سر تفجير كنيسة القديسين فى خريف عام 2010 جاء مندوب من عند معمر القذافى لمقابلة عمر سليمان بصفته رئيسا للمخابرات وحمل معه تسجيلا بالصوت والصورة لشخص ما يعترف بأن تنظيما متطرفا سيقوم بعملية تفجير كنيسة بالإسكندرية فى فترة أعياد الميلاد ورأس السنة.. وهى العملية التى نفذت فيما بعد فى كنيسة القديسين. قبل أن يذهب رجل معمر القذافى قام عمر سليمان واتصل بمبارك عارضا عليه المعلومات الخطيرة التى وصلت إليه.. على أساس أن مواجهة العملية المزمع تنفيذها من اختصاص جهاز أمن الدولة.. ومن ثم كان على الرئيس أن يتولى إبلاغ حبيب العادلى بنفسه.. منعا للحساسية بين جهازى المخابرات وأمن الدولة.. لكن.. الرئيس اكتفى بالقول: « خلاص يا عمر كفاية انك عرفت».. وتوقع عمر سليمان أن يتولى الرئيس توصيل المعلومات إلى حبيب العادلى.. على أن ذلك على ما يبدو لم يحدث.. وربما كان ذلك السبب فى اتهام وزارة الداخلية بالتواطؤ ولو بالإهمال. شروط تنحى الرئيس جاءت موافقة مبارك على التنحى مشروطة بعدم إعلان البيان إلا بعد وصول عائلته سالمة إلى شرم الشيخ.. وهذا هو سر تأخر إذاعة البيان الذى سجله نائب الرئيس فى المجلس العسكرى وبكاميراته. وقبل الإذاعة كان قد اتفق على تشكيل مجلس رئاسى يدير البلاد فى المرحلة الانتقالية يضم رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ونائب الرئيس ورئيس الحكومة وشخصيات أخرى.. واتفق الثلاثة على الاجتماع معا فى اليوم التالى السبت فى الساعة الثانية عشرة ظهرا.. ولكن.. طلب المشير تأجيل الاجتماع.. وعندما التقى بالنائب سمع منه أنه يريد الذهاب إلى مكتبه فى القصر الجمهورى.. لكن.. المشير رد عليه قائلا: «إننا سنغلق الاتحادية».. فقال عمر سليمان مستطردا: «أردت الذهاب إلى هناك كى أجمع حاجاتى الشخصية».. وهو لم يحدث بالفعل.. وكان هذا الحوار يعنى أن فكرة المجلس الرئاسى ماتت فى نفس اللحظة التى ولدت فيها. وأغلب الظن أن هذه الواقعة سببت نوعا من الألم لعمر سليمان.. فكان أن فقد نحو 13 كليوجرامًا من وزنه. وسبق أن فكر عمر سليمان فى الاستقالة من منصبه فى المخابرات العامة عام 2007 حينما تدخلت سوزان مبارك لتلغى قرار الرئيس بتعيينه نائبا له.. وهو المنصب الذى تولاه فى ظروف حرجة.. وكاد يدفع حياته ثمنا له فقد تعرض ل 3 محاولات فاشلة لاغتياله. والمؤكد أن من تولى السلطة بعد مبارك لم يكن فى نيتهم محاكمته.. بل إنه تصور بقاءه لبعض الوقت فى شرم الشيخ ليعود بعد ذلك إلى القاهرة.. ولكن.. ضغوط شباب الثورة أجبرت الجميع على تقديمه للمحاكمة التى ستصدر حكمها قبل انتخاب الرئيس الجديد.. وهو ما جعل كلية الشرطة تنهى امتحانات طلابها قبل موعدها بشهر.. مختصرة المناهج. وحسب ما جمعت من معلومات.. فإن النية تتجه على ما يبدو إلى تقديم مبارك وولديه علاء وجمال إلى المحاكمة بتهمة جديدة هى الاتجار فى ديون مصر.. وهى التهمة التى اعترف مبارك بأن ابنه جمال شارك فيها خلال عمله فى بنك أوف أمريكا فى لندن. وهناك قضية أخرى خاصة ببيع البنك الوطنى المصرى لبنك الكويت الوطنى التى على أثر التحقيق فيها منع ياسر الملوانى من السفر بعد أن اتهم هو وأعضاء مجلس إدارة البنك الوطنى المصرى بتسريب معلومات داخلية أدت إلى دفع هايدى راسخ لشراء أسهم بنك مصر فى البنك الوطنى وعددها 600 ألف سهم بسعر رخيص قبل الشراء ليرتفع السعر بعد الشراء وتحقق مكسبا يصل إلى 35 مليون جنيه.. وهو نفس ما حدث مع صناديق حورس التى كان يشرف عليها جمال مبارك. السنة الخامسة - العدد 349 - الخميس - 5/ 04 /2012