من يستمع لآراء حازم أبو إسماعيل السياسية والدينية، يعرف أن الدين أبعد ما يكون عن السياسة. وأنه ينبغى على الرجل الذى يبغى الحفاظ على دينه والفوز بآخرته الابتعاد تماما عن السياسة، حتى لا يتورط فى الكذب والنفاق وهما من العناصر الأساسية فى لعبة السياسة، فآراء الشيخ حازم أبو إسماعيل أو خطبه تصلح للتحول إلى مسلسل كوميدى خلال شهر رمضان الكريم ليعرض بعد أذان المغرب، ولكن أن نأخذها بمحمل الجد فهو ما يسمى بالخيال العلمى، فما الذى دفع الشيخ حازم أبو إسماعيل لأن يخفى مسألة حصول والدته على الجنسية الأمريكية، وفى نفس الوقت يشن هجوما ضاريا على الدكتور البرادعى وزويل بسبب موضوع الجنسية ذاته؟.. بعد ذلك يرفض أبو إسماعيل تأكيد خبر جنسية والدته أو نفيه خوفًا من أن يكون هناك شخص حصل على صورة من زواج سفرها، فيتعرى أمام مؤيديه وأنصاره الذين شبعوا منه خطب تسب وتلعن كل ما هو أمريكى، وليتضح لنا فى نهاية الأمر أن والدة فضيلته حاملة لجنسية أقذر دولة فى العالم على حد وصفه، ولو كان الأمر يتوقف على والدته فقط لكان من الممكن أن يمر مرور الكرام، ولكنه يتعدى ذلك إلى شقيقته التى تعيش بالولايات المتحدةالأمريكية، وتحمل الجنسية الأمريكية، هى وزوجها الطبيب وأولادها، ويتردد أنها تقف فى وجه ما يردده شقيقها من أفكار رغم أنها محجبة، ويتردد أيضا أن الشيخ حازم أبو إسماعيل نفسه يرفض الحديث عنها لأنها تحمل الجنسية الأمريكية، وهو ما يراه فضيلته مخالفًا للوطنية، خصوصًا أن أمريكا لا تريد الخير للعرب والمسلمين، ولكن يبدو أن فضيلة الشيخ يرى أنه محصن هو وأفراد أسرته من هذه النظرية لأنه لا يخشى من فتنة الجواز الأمريكى الذى حملته والدته وبعدها شقيقته، وهو ما يجعلنا نستفسر، هل كان الشيخ حازم يحمل جوازًا أمريكيًا هو الآخر وقرر التنازل عنه من أجل أحلامه السياسية؟، أعرف أن الشيخ لن يجيب، وأنه سيطلق علينا مريديه لاتهامنا بكره الدين والإسلام والخروج على عالم جليل فى قيمة أبو إسماعيل، ولكن كل هذا يهون أمام محاولتنا كشف ما يمكن أن تفعله السياسة برجل دين قرر تغيير مواقفه وآرائه من أجل عيون كرسى الرئاسة، ومن لا يصدقنى يمكن الرجوع لكليبات الشيخ حازم المنتشرة على اليوتيوب، وهو يفتى للناس بمجموعة فتاوى، عندما كان يعمل كداعية سلفى، وأن يراجع كليباته على اليوتيوب أيضًا عندما قرر الترشح للرئاسة، لنتعرف على التناقض الرهيب فى مواقف الرجل، أملًا فى الظهور أمام الناس بشكل الشيخ المعتدل صاحب الآراء المعتدلة، وأملًا فى حصد أصوات الناس داخل صناديق الاقتراع، لأنه يعلم جيدًا أن الشعب المصرى رغم تدينه الشديد، وتعلقه بكل من يتحدث بإسم الدين، إلا أن أغلبية هذا الشعب لا يفضل المغالاة والتشدد، وأننا نميل تجاه الوسطية، وهى أهم ما يميز الدين الإسلامى بين الأديان السماوية.. كنت سأحترم حازم أبوإسماعيل، إذا خرج علينا معلنًا أنه شيخ سلفى لم تؤثر السياسة عليه، وأن آراءه قبل الثورة، هى نفسها بعدها، وأنه متمسك بكل ما قاله وأفتى به قبل أن يلمع كرسى الحكم بمخيلته، ولكنها السياسة التى تفسد النفوس قبل أن تفسد الدين ورجاله، فكيف لنا نقرر أن نمنح أصواتنا لحازم أبو إسماعيل أو لغيره من مرشحى الرئاسة، ومازلنا نجهل العديد من المعلومات الشخصية الخاصة بهم، التى يتعمد بعضهم إخفاءها، حتى لا تؤثر على أصوات الناخبين؟، وكيف لنا أن نعرف أن المعلومات التى يقدمها كل مرشح عن نفسه حقيقية؟ فماذا نعرف كناخبين عن الذمة المالية لحازم أبوإسماعيل؟، ومن أين ينفق على حملته الانتخابية؟ أو حتى عمرو موسى أو حمدين صباحى أو أحمد شفيق، نحن كناخبين سنكون فى عرض أى معلومة سواء كانت حقيقية أو حتى كاذبة لنستطيع أن نحدد من يستحق أن يأخذ فرصة فى حكمنا خلال السنوات الأربع القادمة.. ورغم يقينى بأن هناك من يعتقد بأن الشيخ حازم أبو إسماعيل أصبح قوة لا يستهان بها فى انتخابات الرئاسة القادمة، وأن من يعاديه أو يختلف معه فى الرأى فستحل لعنة الشيخ عليه، إلا أننى على يقين بأن الله لن يقف بجوار من يتاجر باسم الدين، ووقتها سأمد يدى فى الهواء محركًا إياها يمينًا وشمالًا، لمريدى الشيخ، على طريقة حنظلة، صارخًا فيهم. «إنها سليمة ولم تشل» لأننى لم أضع علامة صح على اسمه فى ورقة انتخابات الرئاسة!! السنة الخامسة - العدد 348 - الخميس - 29/ 03 /2012