ينصت داروين بيريز إلى توجيهات معلمة اليوغا وعيناه مغمضتان، فينسى في بعض الأحيان أنه فقد رجله في انفجار لغم ضد الأفراد.. ومثله يستفيد جنود كولومبيون معوقون من هذا العلاج الذي تموله المؤسسة العسكرية. ويروي هذا الجندي البالغ من العمر 27 عاما لوكالة فرانس برس، "في البداية كان الأمر يسبب لي ألما كبيرا. لكن مع اليوغا، نتعلم كيف نسترخي وكيف نكف عن التفكير في ما أصابنا". ويتابع داروين بيريز جلسة أسبوعية في بوغوتا مع رفاق سلاح آخرين، غالبيتهم فقدوا أحد أطرافهم أو أصيبوا بالعمى. أحيانا يرافقهم بعض الأقارب الذي قد يشاركون في تلك الجلسات، كما هي الحال بالنسبة إلى هذا الجندي وزوجته اللذين يقومان معا بتمرين للاسترخاء في حين تردد معلمة اليوغا لهما: "علينا القيام بمجهود كبير حتى لا تطال إعاقة الجسد، الروح". وكولومبيا التي تقع ضحية المجموعات المسلحة منذ حوالى نصف قرن، تعتبر أحد أكثر البلدان التي ضربتها الألغام ضد الأفراد إلى جانب أفغانستان، بحسب منظمة الأممالمتحدة التي تحيي في الرابع من نيسان/أبريل اليوم العالمي لمكافحة هذه الآفة. منذ العام 1990، قتلت هذه الألغام 2030 كولومبيا من عسكريين ومدنيين في حين أصيب 7616 شخصا، بحسب الأرقام الرسمية. في العام 2000، وقعت بوغوتا على اتفاقية أوتاوا التي تحظر الألغام ضد اللأفراد، لكن السلطات تشير إلى أن العصابات المسلحة الماركسية "فارك" أو قوات كولومبيا المسلحة الثورية، ما زالت تلجأ إليها. وهي غالبا ما تصنع يدويا. نانسي بيو متخصصة في علم النفس تعمل منذ سبع سنوات مع كتيبة طبية فترافق العسكريين المصابين من خلال برنامج اليوغا هذا الذي كانت قد أطلقته الحكومة في العام 2010 في إطار العلاجات البديلة. إلى ذلك تؤمن الحكومة إلى ضحايا الألغام من المدنيين، مساعدة طبية واجتماعية. وتلفت هذه المرأة الشابة وهي تساعد الجنود على خلع أحذيتهم، حذاء واحد لكل جندي، إلى أن "ما نتعلمه في الجامعة مقتضب مقارنة مع هذا الكم من الألم". تضيف أنهم "يجدون صعوبة كبيرة في تخطي ما أصابهم وتقبل الخسارة. هم لا يعانون فقط من جراء خسارة أعضائهم بل أيضا من خسارة عملهم". أما هي فتحثهم على "تعديل مشاريعهم في الحياة" وتعلم "دورهم الجديد كأزواج وآباء". وتشرح بيو "عندما كانوا عسكريين فاعلين، كان الرجل منهم أشبه بخطيب يلتقي شريكته مرة كل أربعة أشهر خلال إجازته. أما اليوم فهم يوميا وسط عائلاتهم". ويقر داروين بيريز أن زوجته ساعدته على تخطى محنته تلك. قبل عام ونصف العام عندما انفجر اللغم به، لم يكونا قد تزوجا بعد. ويقول "ابنتنا تبلغ اليوم شهرها العاشر. عندما أتقاضى تعويضي، أنوي شراء منزلين.. واحد لنا وواحد لأهلي. وسوف نطلق عملا تجاريا". بالنسبة إلى معلمة اليوغا أدريانا سيلفا، فإن آثار اليوغا مفيدة لهؤلاء الرجال الذين تعرضوا لإصابات بليغة، وهي تهدف إلى "مرافقة كل جندي" بهدف "معرفة ما عاشه". إلى جانب "تدليك المناطق التي تفرغ الضغط"، تعلمهم هذه المعالجة "التأمل" بالإضافة إلى "تقنيات التنفس التي تسمح لهم بالتغلب على الألم". وتقول "هذه التجربة سمحت لنا بلمس واقع الألم وبتشارك لحظات مع هؤلاء الرجال الذي وضعوا أجسادهم في خدمة الحرب".