اِستقبل الرئيس عدلي منصور، بعد ظهر اليوم بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، وفداً من ممثلي مختلف قوى الشباب المصري، ضم 44 شابا وشابة، وذلك بحضور عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان. وقد جاء لقاء الرئيس بقوى الشباب كجلسة ممتدة للمكاشفة والمصارحة، حيث استغرق أربع ساعات ونصف الساعة، واستهله الرئيس بالإشارة إلى الشعور السائد بين عدد من قوى الشباب بشأن محاولات البعض للنيل من ثورة 25 يناير أو التقليل من شأن من شاركوا فيها من الشباب، مؤكدا أن ثورة يناير ثورة شعبية نزيهة أطلق شرارتها الشباب وشاركت فيها كافة فئات الشعب المصري، وأن ثورة 30 يونيو جاءت كمد ثوري لإعادة ثورة 25 يناير إلى مسارها الصحيح.
وقد تركزت مداخلات الشباب المشاركين في المحاور التالية:
1- الإعلام: انقسمت المداخلات في هذا الصدد إلى شقين، أولهما تركز في محاولات الآلة الإعلامية لتشويه صورة ثوار الخامس والعشرين من يناير، أما الشق الثاني فقد تم خلاله توجيه النقد لأداء التليفزيون المصري الرسمي.
2- جهاز الشرطة: انتقد المشاركون بعض الممارسات الأمنية لجهاز الشرطة، مشيرين إلى أنها تعيد إلى الأذهان صورة جهاز الشرطة قبل ثورة 25 يناير 2011، ومنوهين إلى أنهم يستشعرون أن هذه الممارسات ممنهجة.
3- قانون التظاهر: وجه بعض المشاركين النقد لهذا القانون، معتبرين أنه يقيد الحق في التظاهر ولا ينظمه، مشيرين إلى أن العدالة كانت ناجزة وسريعة في تطبيق هذا القانون، دون غيره، في حين طالب بعض الحضور من المستقلين الذين لا ينتمون إلى توجه سياسي بعينه، أن يتم الاستمرار في تطبيق قانون التظاهر بمنتهى القوة والحزم مراعاةً للأوضاع الاستثنائية للبلاد، والأحوال المعيشية للمواطن المصري البسيط الذي يعاني معاناة حقيقية.
4- عودة رموز النظام الأسبق إلى الحياة السياسية: أجمع المشاركون على رفضهم لعودة رموز النظام الأسبق، مشيرين لما اِستشعروه من إمكانية لعودة هذه الوجوه القديمة إلى دوائر السلطة في مصر.
من جانبه، حرص الرئيس قبل أن يعالج مخاوف القوى الشبابية أن يؤكد على أنه لا عودة للوراء، مشيرا إلى أن الشباب هم عماد مصر التي لن يبنيها سواهم فهي لهم ولأولادهم، وهو الأمر الذي يتطلب منهم أن يعملوا وأن يقدروا أن الوطن أكبر من أن تمثله مؤسسة ما، ومن ثم فإنه الأبقى، وشدد السيد الرئيس على أن التغيير عملية ديناميكية مستمرة لن تتحقق بين عشية وضحاها، ويتعين أن يتم التغيير بالحق وبالوسائل السلمية، وليس من خلال العنف سواء تجاه الأفراد أو إزاء الدولة.
وفيما يتعلق بمخاوف الشباب التي تمت إثارتها، أوضح الرئيس ما يلي:
1- بالنسبة للإعلام، أكد الرئيس أنه في عصر السماوات المفتوحة لا يمكن أن يكون للدولة سلطان على الإعلام الفضائي وإلا اتهمت بتقييد الحريات والرجعية، إلى غير ذلك من قائمة الاتهامات المعروفة والمعدة سلفا والتي لا تراعي في كثير من الأحيان خصوصية الوضع الذي تمر به كل دولة، موضحا أنه سبق أن ناشد الإعلاميين بصياغة ميثاق شرف إعلامي ، وذلك من منطلق اقتناع سيادته بأنهم هم المعنيون بإعداده، وأعرب سيادته عن أمله في أن تتم بلورة ميثاق الشرف الإعلامي على أرض الواقع في أقرب فرصة.
2- أما فيما يتعلق بانتقادات الحاضرين لجهاز الشرطة، استبعد الرئيس أن يكون العنف ممنهجا، موضحا أن ما يشير إليه الشباب قد يكون ممارسات فردية محدودة، وردا على ما أثير من أن هناك حالات من إلقاء القبض العشوائي؛ نفى أن يكون هذا ممنهجا، ووجه الحضورَ بموافاة سيادته بقائمة مفصلة بأسماء من تم إلقاء القبض عليهم للوقوف على أوضاعهم القانونية والتصرف وفقا لكل حالة على حدة دون تعميم، أخذا في الاعتبار ما تنتهي إليه النيابة العامة في تحقيقاتها ذات الصلة.
3- أما بالنسبة لقانون تنظيم الحق في التظاهر، فأكد الرئيس أنه لا يقيد الحق في التظاهر، وأن الأصل في هذا القانون أن التظاهر يتم بمجرد الإخطار، وأن الجهة الإدارية (الشرطة) لا تملك الاعتراض على أي طلب يقدم إليها، إلا في حالة واحدة، ألا وهي اعتراض الجهة الإدارية على التظاهرة من خلال طلب يقدم لقاضي الأمور الوقتية، بإلغائها أو إرجائها أو نقلها لمكان أو خط سير آخر متى وجدت أسباب جوهرية لذلك، ويكون لقاضي الأمور الوقتية الذي يعمل على مدار 24 ساعة رفض طلب الجهة الإدارية بمنع التظاهرة، بشكل فوري لحظة العرض عليه، إذا لم يثبت ما يبرر الطلب.
4- وفي معرض رد الرئيس على عودة رموز النظام الأسبق إلى الحياة السياسية، فقد أشار الرئيس إلى أنه يتعين على الشباب أن يتفاعلوا مع القواعد الشعبية وأن ينتظموا في العمل السياسي والحزبي لملء أي فراغ بما لا يسمح بتكرار تجربة ما بعد ثورة 25 يناير حيث كانت هناك قوة وحيدة منظمة، وسيختار الشعب من يقدر أنهم الأصلح له، أما بالنسبة لما يتردد عن لقاءات وتسهيلات تتم بين مسئولين وبعض وجوه النظام الأسبق؛ فقد وجه السيد الرئيس بموافاة مؤسسة الرئاسة بمعلومات أكثر دقة عن هذا الموضوع.
ورداً على طلب أحد المشاركين برعاية مؤسسة الرئاسة لحوار بين قوى الشباب بعضها البعض وتفعيل مفوضية الشباب، وعد الرئيس بالنظر في تفعيل المفوضية في أقرب فرصة، منوها إلى أنه كان يأمل في رؤية القوى الشبابية أكثر توحداً فيما بينها، وأكثر قدرة على الحوار وعلى الاستماع لبعضها البعض إعلاءً لمصلحة الوطن.
وفي ختام اللقاء، وجه الرئيس رسالة إلى الشباب دعاهم فيها إلى العمل من أجل الحفاظ على مكتسبات الثورة التي لا يتعين أن يجنيها غيرهم من التابعين لأنظمة ثبت فسادها، معاوداً التأكيد على أن الاختلاف فيما بينهم وعدم تنظيم جهودهم وإغفال التواصل مع القواعد الشعبية قد يتيح الفرصة لمن لا يستحق في الانتخابات النيابية المقبلة.