كلف الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي الجمعة رسميا مهدي جمعة بتشكيل حكومة مستقلين وذلك غداة تقديم الإسلامي علي العريض استقالة حكومته إلى المرزوقي.
ويفترض ان تخرج حكومة جمعة البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو 2013 وذبح 8 من عناصر الجيش في جبل الشعانبي من ولاية القصرين، في عمليتين نسبتهما وزارة الداخلية الى "تكفيريين" قالت انهم ينتمون الى جماعة "انصار الشريعة بتونس" التي صنفتها تونس والولايات المتحدة تنظيما "ارهابيا".
وقال جمعة للصحافيين عقب لقاء مع الرئيس التونسي "كلفني رئيس الجمهورية (..) بتشكيل الحكومة وفق القانون المؤقت لتنظيم السلط العمومية (الدستور الصغير) ومبادئ خارطة الطريق" التي طرحتها المركزية النقابية لاخراج البلاد من أزمة سياسية مستمرة منذ أشهر.
ومهدي جمعة (51 عاما) مهندس ليست له انتماءات سياسية معلنة. ولم يكن جمعة شخصية معروفة في تونس قبل أن ترشحه أحزاب سياسية بينها حركة النهضة منتصف كانون الاول/ديسمبر 2013 لرئاسة الحكومة المستقلة.
ولم يشغل جمعة مناصب سياسية قبل أن يتم تعيينه وزيرا للصناعة في حكومه علي العريض، القيادي في حركة النهضة الاسلامية الذي قدم الخميس استقالته الى الرئيس التونسي وفقا ل"خارطة طريق" طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) لإخراج البلاد من الأزمة السياسية الحادة.
وأضاف رئيس الحكومة المكلف انه شرع في إجراء اتصالات مع المرشحين لعضوية حكومته التي قال انها ستكون "حكومة كفاءات وطنية ... من المستقلين.. والمحايدين الذين ليس لهم عداء لاي تيار ولأي حزب سياسي".
وتابع "يجب أن تتوفر في الوزراء.. (المرشحين لعضوية الحكومة الجديدة) النزاهة والمصداقية".
وقال انه "سيبذل كل جهده" لتشكيل الحكومة "في أقرب وقت".
وأفاد "أتمنى أن يكون للحكومة فريق يرفع تحديات هذه المرحلة ويستطيع إعادة الثقة لأن الصعوبات التي تمر بها البلاد لا نستطيع حلها إلا بالتواصل.. والثقة".
وقال "سأبذل كل ما في وسعي، لست صاحب معجزات ولكن سأقوم بوضع تجربتي ومجهودي وكذلك الفريق (الحكومي).. الذي ستكون فيه كفاءات لم تتوفر لها حتى الان فرصة خدمة البلاد".
ويتعين على حكومة مهدي جمعة تطبيق خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية على اساس "مبادرة" نشرتها في 29 تموز/يوليو 2013.
وحكومة جمعة مطالبة بحسب نص "المبادرة" ب"إشاعة مناخ من الأمن والثقة والاطمئنان لدى المواطنين بما يمكّن من إجراء انتخابات شفّافة حرّة وفي ظروف عادية وملائمة".
كما يتعين عليها "حلّ ما يسمى +روابط حماية الثورة+ ومتابعة من اقترف منهم جرما أو اعتداء".
وتقول المعارضة ان هذه الروابط المحسوبة على حركة النهضة الاسلامية هي "ميليشيات اجرامية" تحركها حركة النهضة ضد معارضيها في حين تنفي الحركة ذلك.
وفي 18 تشرين الاول/اكتوبر 2012 قتل نشطاء محسوبون على الرابطة وعلى حركة النهضة في مدينة تطاوين (جنوب) لطفي نقض المنسق الجهوي لحزب "نداء تونس" العلماني المعارض.
وعلى الحكومة أيضا "إيجاد آليات لتحييد الإدارة والمؤسسات التربوية والجامعية والفضاءات الثقافية ودور العبادة والنأي بها عن كل توظيف وعن السجالات السياسية والتجاذبات الحزبية وسنّ قوانين رادعة تحقق هذه الغايات" وفق نص "المبادرة".
ودعت المركزية النقابية في هذا السياق الى "تشكيل هيئة عليا مهمّتها مراجعة كلّ التعيينات في أجهزة الدولة والإدارة محلّيا وجهويا ومركزيا وعلى المستوى الديبلوماسي".
وتتهم المعارضة حركة النهضة بإغراق الادارة التونسية بآلاف من الموالين لها.
ومؤخرا اعلنت وسائل إعلام محلية ان الحكومة التي تقودها الحركة عينت منذ وصول النهضة الى الحكم نهاية 2011، أكثر من 6 آلاف موال للحركة في مختلف مفاصل الدولة بينهم حوالى الف في وزارة الداخلية.
وتطالب المركزية النقابية في "مبادرتها" الحكومة الجديدة "تشكيل هيئة وطنية للتحقيق في الاغتيالات وفي جرائم الإرهاب والعنف وكشف الحقيقة في اغتيال القادة السياسيين وجنودنا ورجال أمننا البواسل، وذلك برفع العراقيل أمام البحث في هذه الجرائم السياسية والإرهابية" وب"سنّ قانون مكافحة الإرهاب وتشريك النقابات الأمنية في إصلاح المنظومة الأمنية".
وفي 2013 قُتِل حوالي 20 من رجال الأمن والحرس الوطني في هجمات نسبتها الحكومة الى جماعة "أنصار الشريعة بتونس" التي صنفتها الحكومة في آب/أغسطس 2013 تنظيما "إرهابيا" وأصدرت بطاقة جلب دولية ضد مؤسسها سيف الله بن حسين الملق ب"أبو عياض" الهارب في ليبا بحسب وزارة الداخلية.
وسيتسلم مهدي جمعة مهامه في وقت تشهد فيه البلاد منذ مدة تحركات اجتماعية وإضرابات عامة على خلفية تردي ظروف المعيشة وغلاء الاسعار وارتفاع البطالة.
والجمعة شرع المجلس الوطني التأسيسي في مناقشة الباب الثالث من الدستور المتعلق ب"السلطة التشريعية" بعد ان أتم المصادقة على بابَيْ "المبادئ العامة" و"الحقوق والحريات".
ودعت محرزية العبيدي نائبة رئيس المجلس التأسيسي النواب الى احترام تدابير امنية اتخذتها السلطات داخل المجلس "حرصا على سلامتهم وأمنهم". كما طلبت منهم عدم اصطحاب زوار من غير النواب الى المجلس بعدما حذر النائب المعارض سمير الطيب من وجود "غرباء" داخل المجلس.
وأعلن الطيب انه وجد اليوم صورة لدراجة نارية من نوع "فيسبا" على مقعده الخاص في المجلس التاسيسي. وكان مسلحون يمتطون "فيسبا" قتلوا في 6 شباط/فبراير 2013 المعارض اليساري شكري بلعيد المعروف بانتقاداته الشديدة للاسلاميين.
واعتبر نواب ان وضع صورة "فيسبا" على مقعد سمير الطيب هو رسالة تهديد بالاغتيال لهذا النائب المعروف أيضا بانتقاده الشديد للاسلاميين.
وسبق للطيب الذي تخصص له وزارة الداخلية حراسا شخصيين، أن تلقى تهديدات بالقتل.