أخبار مصر: أول صور للضحايا المصريين بعد مقتلهم بالمكسيك، حقيقة وفاة جورج قرداحي بقصف إسرائيلي، قفزة بسعر الفول وعودة جنون السكر    "زلازل سماوية" تحدث في جميع أنحاء العالم تحير العلماء    8 شهداء فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على مخيم النصيرات    حالة الطرق اليوم، اعرف الحركة المرورية بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    أسعار اللحوم والدواجن بسوق العبور اليوم 5 أكتوبر    الجيش السوداني يغير معادلة الحرب.. وترحيب شعبي بتقدم القوات في الخرطوم    بفعل الهجمات الإسرائيلية.. الصحة العالمية: لبنان يواجه أزمة    «مبقاش ليك دور».. هجوم ناري من لاعب الزمالك السابق على شيكابالا    تشكيل مانشستر سيتي المتوقع أمام فولهام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 5 أكتوبر    حالة الطقس في مصر ليوم السبت 5 أكتوبر 2024: تحذيرات من الأرصاد الجوية    حقيقة وفاة الإعلامي اللبناني جورج قرداحي نتيجة الغارات الإسرائيلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    مباراة الزمالك وبيراميدز بكأس السوبر المصري.. الموعد والقنوات الناقلة    ابنتي تنتظر اتصاله يوميا، عارضة أزياء تطارد نيمار بقضية "إثبات أبوة"    بعد عودة تطبيق إنستا باي للعمل.. خبير مصرفي يكشف سبب التحديثات الجديدة    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    تشكيل الهلال ضد الأهلي في الدوري السعودي    28.4 مليار جنيه قيمة أرصدة التمويل العقارى للشركات بنهاية يوليو    إطلاق مشروع رأس الحكمة.. بوادر الخير    حريق فى عمارة سكنية بدمياط والحماية المدنية تكثف جهودها للسيطرة    اليوم.. محاكمة إمام عاشور في الاعتداء على فرد أمن بالشيخ زايد    تعرف على مواعيد قطارات الصعيد على خطوط السكة الحديد    ضبط المتهم بالاستعراض بسيارة في مدينة 15 مايو    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    بلومبيرغ: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار على الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    رئيس شعبة الدواجن: مشكلة ارتفاع أسعار البيض ترجع إلى المغالاة في هامش الربح    ترامب يطالب اسرائيل بالقضاء على المواقع النووية الإيرانية    سهر الصايغ "للفجر": بحب المغامرة وأحس إني مش هقدر أعمل الدور...نفسي أقدم دور عن ذوي الاحتياجات الخاصة    عاجل - حقيقة تحديث « فيسبوك» الجديد.. هل يمكن فعلًا معرفة من زار بروفايلك؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    حرب أكتوبر.. أحد أبطال القوات الجوية: هاجمنا إسرائيل ب 225 طائرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    الكشف ب 300 جنيه، القبض على طبيبة تدير عيادة جلدية داخل صيدلية في سوهاج    أعراض الالتهاب الرئوي لدى الأطفال والبالغين وأسبابه    الكويت.. السلطات تعتقل أحد أفراد الأسرة الحاكمة    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    تناولتا مياة ملوثة.. الاشتباه في حالتي تسمم بأطفيح    بعد تعطله.. رسالة هامة من انستاباي لعملائه وموعد عودة التطبيق للعمل    لمدة 12 ساعة.. قطع المياه عن عدد من المناطق بالقاهرة اليوم    الحوار الوطني| يقتحم الملف الشائك بحيادية.. و«النقدي» ينهي أوجاع منظومة «الدعم»    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    معتز البطاوي: الأهلي لم يحول قندوسي للتحقيق.. ولا نمانع في حضوره جلسة الاستماع    البابا تواضروس الثاني يستقبل مسؤولة مؤسسة "light for Orphans"    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل عامر يكتب " اتركني أعيش يا أبي "
نشر في الفجر يوم 18 - 03 - 2012

قد يرى البعض في هذا العنوان شذوذًا عن ماجرت العادة عليه وخروجًا عن المألوف. لكن من ينظر بعين العقل في ما آلت إليه الأمور والممارسات الإجرامية التي يمارسها بعض الآباء بحق أبنائهم دون أدنى رحمة أو إحساس بالمسؤولية سيرى أن الوضع تفاقم حتى ليكاد أن يصبح ظاهرة في مجتمع من المفترض أن يكون الإسلام رادعه
الأول . لم يعد يمضي يوم دون أن تطالعنا الصحف أو نسمع بجريمة شنعاء ضد طفولة بريئة مرتكبها الأب أو الأم ! هذان اللذان من المفترض أن يكونا الحصن المنيع الذي يحمي هؤلاء الأطفال.. أب مجرم أقدم على طعن أطفاله بسكين لينتقم من والدتهم التي تركت المنزل ذاهبة لبيت أهلها ثم يكون المبرر الذي أصبح كشماعة تعلق عليه جرائم هؤلاء الآباء المرض النفسي !! ألم يكن مريضا عندما تزوج وعاش ليالي طويلة يستمتع بحقه الزوجي ؟؟أم أن المرض لم يصبه إلا عندما رزق بأطفال وهجرته زوجته تاركة المنزل وفقد تلك المتعة التي نعم بها في ليالي مضت لينقلب بعدها وحشا كاسرا ينهش أطفالا أبرياء لاحول لهم ولاقوه .. طبعا ليست هذه الجريمة الأولى فقد سبقتها جرائم عدة لم نرها إلا بعد أن يفقد الأطفال حياتهم على يد أب قاتل أو أم مهملة أو زوجة أب أعطت الأب اللعين مايحتاج في الفراش ليبيح لها قتل أبنائه كما تشاء .. وكم من الأبناء الذين لايزالون يعانون من التعذيب النفسي والجسدي دون أن يلتفت إليهم أحد ولا يجدون من ينصفهم إلا بعد أن يدفعون حياتهم ثمنا .. أين من يضمن لهم حقوقهم ؟ ومن ينصف هؤلاء الأبناء من المجرمين من الآباء ؟ثم نجد بعض هؤلاء الآباء المتنصلين من المسئولية يشتكون عقوق أبنائهم لهم ويطالبون الأبناء ببرهم لأنهم هم من أتوا بهم إلى هذه الحياة دون أن يفهم هؤلاء أن الولادة وإنجاب الأطفال ليست بالأمر المعجز في حد ذاته ، حتى الحيوانات تفعل ذلك بكل سهولة بل وقد يكون تعامل هذه الحيوانات مع أبنائها أفضل بكثير من تعامل البشر. قبل أن يكون للآباء حقوق على أبنائهم هناك حقوق للأبناء على آبائهم ، فهم ملزمون بحسن تربيتهم ورعايتهم والاهتمام بهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم ثم بعد ذلك تأتي حقوقهم . والجميع يعرف قصة الأب الذي قدم إلى عمر بن الخطاب يشكو عقوق ابنه له وأحضر عمر هذا الابن وسأله عما قال أبيه فقال: وما هي حقوقي عليه ؟ فقال عمر أن يختار لك أما صالحة ويسميك اسما حسنا فقال الابن : فإن أبي قد أتى بي من امرأة مملوكة وسماني جعران وهو يشتمني بأمي فقال عمر للأب : قم فقد عققته قبل أن يعقك فليوقن مثل هؤلاء الآباء أن الجزاء من جنس العمل وما قدموه لابناءهم سواء كان خيرا أو شرا سيرد إليهم ومن الواجب الآن أن يسن قانون لحماية الأطفال من جرم آبائهم ، ومن لم يكن جديرا بأبوة أطفاله يجب أن تلغى وصايته عنهم ويسلم هؤلاء الأطفال لمن يهتم بهم قبل أن يلقوا حتفهم على يد مجرمين متخفين تحت ستار الأبوة .. هل الفقر والجوع دافع لقتل الآباء لأبنائهم....هل من السهل التخلي في لحظة عن فلذة أكبادنا....هل الشك دافع قوي يجعلنا نقتل أبناءنا....أو نحرقهم...أو نسممهم....وكيف نستطيع فعل ذلك...وكيف يكون شعور الإنسان وقتها...هل ينسي في لحظة أن هذا ابنه الذي تمناه من الدنيا...فرحة عمره التي ليس لها مثيل...هل من السهل عليه أن ينسي كلمة بابا أو ماما عندما نطق بها طفلة لأول مرة؟؟؟؟؟ والسؤال الأهم هل أحد من هؤلاء الآباء والأمهات فكر في يوم من الأيام أنه سيكون في هذا الموقف؟وما الحالة التي من الممكن أن تنتاب الإنسان ليقدم علي مثل هذه الجرائم؟كل هذه التساؤلات وغيرها تجول بخاطرنا عندما نقرأ كل يوم في الجرائد عن جرائم القتل التي يرتكبها الآباء أو الأمهات ضد أبنائهم. فجميع الآباء والأمهات يتشوقون لرؤية أبنائهم أحسن منهم ويفوقونهم في الحياة لذا فمن الطبيعي أن يعطي أبنائهم خبرتهم في الحياة والتي اكتسبوها من الصعاب التي مرت عليهم ولحظات النجاح التي عاشوها وغيرها , ومن حقهم أيضاً تأديب أبنائهم في حال الغلط لأنهم المسئولون عن إخراجهم للمجتمع بسلوك سوي ونفسية سليمة , ولكن مع كل هذا ليس من حقهم أن يصبوا جام غضبهم علي أبنائهم ويحملوهم مسؤولية كل ما يحدث في هذه الحياة ولا حتى أن يقوموهم بالعنف والذي أحياناً يصل للقتل! تعدد الأسباب والموت واحد تعدد الأسباب والموت واحد ففي كل حادثة من هذه الحوادث يكون الدافع مختلف والضحية في النهاية الأبناء وفي بعض الأحيان الأسرة بالكامل, وإليكم نماذج من هذه الأحداث التي حدثت مؤخراً واقشعرت منها الأبدان... ففي أحدي الحوادث أشعل أب النار في زوجته وأولاده لعدم قدرته علي تدبير مصاريف العيد لهم. وأخر يقتل طفلته البريئة التي لم يتعدى عمرها الستة شهور ب8 طعنات في رقبتها لبكائها المستمر. أما الثالث فيضع السم لأولاده في الطعام بسبب عدم قدرته علي الإنفاق عليهم. وهناك أب أقدم علي ذبح زوجته وأولاده ولم يذكر السبب وبعد فترة قيل أنه مختل عقلياً. وأخر قتل طفلته الصغيرة البالغة من العمر 7 سنوات وقال لإخوتها أنه فعل ذلك لكي تدخل الجنة. ولا ننسي الجريمة التي وقعت منذ عدة أيام وهزت الرأي العام بأكمله والتي قام فيها مهندس كمبيوتر بقتل أبنائه وزوجته بسبب خسارته لأكثر من مليون جنيه في البورصة فقام بضربهم "بالبلطة"علي رأسهم وهم نائمين وعندما استيقظ أبنه وحاول مقاومته قام بتوجيه أكثر من ضربة إليه ثم قام بعد ذلك بتقطيع شرايين يده ورجله ولكنه لم يموت. ومهندس أخر هشم رأس ابنه بشومة ثم مزق جثته إلي 4 أجزاء ب"بلطة" وذلك بسبب فشل أبنه في الدراسة ورسوبه. وأحدث هذه الجرائم كان لأب أحتضن طفلته البالغة من العمر 3 سنوات وقفز بها من الطابق الرابع بسبب فشله في إنهاء خلافاته مع زوجته وإعادتها للمنزل والذي تركته بعدما زادت خلافتهما علي مصروف المنزل. وأب أخر بسبب حب ابنته لوالدتها قرر حرق جسدها بعدما زارت والدتها في منزل أهلها دون علمه. وليس الآباء فقط هم القتلة ولكن هناك أمهات أيضاً يتجردن من مشاعرهن ويقدمن علي قتل أطفالهم فهناك الأم التي خنقت طفلتها بمساعدة صديقها لأن بكائها يمنعها من قضاء وقتها معه. وأم تساعد أبنها علي قتل شقيقته وتقطيعها إلي أجزاء وذلك لشكها في سلوكها. وليس القتل فقط هو الغلطة التي يرتكبها الآباء في حق الأبناء ولكن تركهم أمام المساجد وفي صناديق القمامة وفي الشوارع يكاد يكون أبشع من القتل. رأي القضاء في مثل هذه الجرائم
أن القضاء لا يفرق في جرائم القتل بين القاتل سواء كان الأب أو أي شخص أخر فقتل النفس ليس فيه تمييز،وقد حدث وحكم علي أب بالإعدام في أوائل السبعينات جراء قتله لابنه وبنته. أن هناك قضايا يفقد فيها الشخص السيطرة علي أعصابه مثل" مهندس الكمبيوتر فور علمه بخسارته في البورصة " ففقد الرجل السيطرة علي أعصابه وأقدم علي قتل عائلته ليحميهم من الفقر، ففي هذه الحالة أو أي حالة مماثلة لها تقوم المحكمة بتحويله أولا إلي مستشفي أمراض عقلية لتحديد مدي قدرته العقلية ثم بعد ذلك يصدر الحكم وفي الغالب لا يصل إلي الإعدام لعدم توفر شرط الإصرار والترصد.
رأي الطب النفسي في مثل هذا النوع من الجرائم أن ما يحدث في هذا الزمن من قتل الآباء لأبنائهم يعد عكس الطبيعة البشرية، ولا نستطيع حتى أن نقول أن الإنسان تحول لحيوان لأن الحيوان لا يفعل ذلك. وتضيف:الأسباب السابق ذكرها أو الأسباب التي يذكرها هؤلاء لا يمكن أن نعتبرها مبرر أبداً ،كما أن الشخص الذي يقدم علي فعل مثل هذه الجرائم لابد وأن يكون لديه استعداد للاضطراب من قبل وعند ظهور أي سبب حتى وأن كان بسيط يقدمون هؤلاء علي ذلك ,معربين عن خوفهم من الزمن علي أولادهم،وبالتالي لايمكن أن نقول أن شخص سوي وغير مضطرب ممكن أن يفعل هذا.
مسئولية الآباء تجاه الأبناء
حرص الإسلام علي إرساء الأسس الكفيلة ببناء الأسرة من الهدم والتخريب فجعل بناءها قائما علي أساس متين ونظام سديد فبين الحقوق والواجبات لكل من الآباء والأبناء، وطبيعة العلاقة بينهم وكيفية التعامل فيما بينهم بيانا واضحاً لا يسوغ إنكاره، وأقوي هذه الأسس الأساس التعبدي وطاعة الله سبحانه فكل من الآباء والأبناء يؤمن - كمسلم - بأن هذه الحقوق فريضة إلهية يجب الوفاء بها وأنه مسئول عنها يوم القيامة، ومجازي بما يناسب عمله من الثواب والعقاب.
وقال بعض أهل العلم : إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما للأب علي الابن حق فللابن علي أبيه حق. فكما قال الله تعالي ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)( لقمان:14)، قال تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)(التحريم:من الآية6 )
ومن أهم عناصر هذا الموضوع :
1- حسن اختيار كل من الزوجين للآخر :
من حق الابن علي والديه أن يحسن كل منهما اختياره للآخر. ولهذا وردت الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحض الأزواج علي حسن اختيار زوجاتهم كقوله صلى الله عليه وسلم " اختاروا لنطفكم المواضع الصالحة " فإن حسن اختيار الزوجة ليس حقا خالصا للزوج وإنما هو حق الولد أن تكون له أم صالحة تحسن تربيته، ولاسيما وأن المرأة الصالحة هي خير مكسب للزوج الصالح بدليل تأكيد الإسلام علي اختيار صاحبة الدين ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) « رواه البخاري » ولهذه الأهمية نهي القرآن المؤمنين عن الزواج بالمشركات ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ... ( (البقرة:221) والسبب في ذلك النهي  ... أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ ... ( (البقرة:221) هذا وقد سئل عمر بن الخطاب ما حق الولد علي أبيه؟ فقال: «أن ينتقي أمه ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن» «تربية الأولاد عبد الله ناصح علوان 1/40» ولأهمية حسن اختيار الزوجة أذكر قول أبي الأسود الدؤلي لبنيه: « لقد أحسنت إليكم صغاراً وكباراً وقبل أن تولدوا، قالوا : وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تُسبون بها » بل إن الولد عاب علي أبيه في دفاعه عن نفسه أمام أمير المؤمنين عمر عندما وجه الأمير له اللوم علي عقوقه لوالده، قال الولد: لقد اختار لي أماً حبشية سوداء ذمية تعمل عند مجوسي. (الزواج في الشريعة الإسلامية علي حسب الله) لذا كان حسن اختيار الزوجة والأم حق الولد إذ إن حسن اختيارها يضمن تربية جيل صالح يبني الحياة الفاضلة، بما تزرعه من حميد الأخلاق وكريم الخلاق، وإلاَّ بذرت فيهم بذور الفساد، مما يفضي إلي انحلال الأمة وسقوطها. (نظام الأسرة في الإسلام محمد عقلة). وكما أن الولد بحاجة إلي حسن اختيار الأم فإن من حقه أن يكون له أب صالح يتعهده بالتوجيه والإرشاد، وهنا تقع المسئولية علي أهل الزوجة ووليها ألا يزوجوا ابنتهم لأي خاطب، وإنما لمن تأكدت سلامة معتقده ) ... وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ... ( (البقرة:221) واستقامة فكره وخصوصا في زمن كثرت فيه التيارات المنحرفة والأفكار الهدَّامة، ولهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتزويج الخاطب صاحب الدين والخلق القويم بقوله: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) «رواه ابن ماجه» لذا ضمن حق الولد علي أمه أيضا أن ترفض الزواج إلا من صاحب دين.
(2) حق الابن في الحياة :
لقد كان الولد قبل الإسلام يعتبر من خَلْق والديه، ومن هناك كان للدولة حق قتل الطفل الضعيف مثلما كان في أسبرطة وأثينا، وكان قتل البنات شائعاً عند بعض القبائل العربية، وجاء الإسلام فعاب عليهم ذلك بقوله) وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ( ( التكوير 9:Cool وأبطل الإسلام هذه المعتقدات الفاسدة، وبين أن الله وحده هو المبديء المعيد، وحرم قتل الأولاد بقوله تعالي ( ... وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ... ( (الأنعام:151)
ودون العلماء عن أهل الفقه عقوبة قتل الجنين والولد، هذا لأن للولد حق في أن يحيا الحياة الطيبة ولا يجوز للوالدين حرمانه منها لا بإجهاض ولا بقتل ووأد.
(3) حق الابن في الحب والرحمة :
ليس بالغذاء وحده يحيا الابن فهو يحتاج إلي الحنان والود من الآخرين، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال : قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبَّلت أحداً منهم، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( من لا يرحم لا يرحم ) «تحفة الودود بأحكام المولود لابن القيم) لذا فإن الود والرحمة بالابن تجعله سوي السلوك بعيداً عن العلل النفسية، والأمراض الاجتماعية.
(4) حق الابن في الأمن الاجتماعي والحماية من الظلم :
يحرص الإسلام علي حماية الابن بكل الوسائل المشروعة التي تحقق له الأمن الاجتماعي، ومنها بل وأهمها ألا يكون مسرحاً للصراع بين الوالدين وشقاقهما، قال تعالي (.. لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ... ( (البقرة:233) وللأسف هذا أمر واقع، فالأبناء يساوم بهم في الصراع بين الوالدين والآية حمالة أوجه تبعَا للقراءة (...لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا...( (البقرة:233) أي لا يضر الوالد الأم بولدها حين الشقاق بينهما، كما أنها تحمل أيضا معني لا تضار والدة الوالد بولدها أي تجعل الابن وسيلة من وسائل الضعف والإضرار علي الزوج كذلك يري الإسلام أن الأمن الاجتماعي حق للولد اللقيط أو اليتيم لأنهم أكثر الأولاد تعرضا للإساءة والظلم والقسوة والإهمال، وَسلْ أطفال الشوارع ومن يعيش تحت الكباري ستجد الإجابة علي وجوههم، قبل أن تنطلق بها شفاههم، لذلك ندد القران بمن يسيء للولد اليتيم والضعيف بقوله تعالي) كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ( (الفجر:17)وقوله تعالى (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ( (الضحى:9)
ووجه الإسلام الآباء - عموم آباء الأمة - إلي تأمين هؤلاء اجتماعيا ليعيش الأيتام ومن فقدوا أمهاتهم وآباءهم حياة كريمة بعيدة عن القسوة، ووضح هذا المعني في قول النبي صلى الله عليه وسلم (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشرُّ بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه، أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين يشير بأصبعيه).
(5) حق الولد في التربية والتعليم :
هذا الحق مأخوذ من قوله تعالي ( ... وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ( (الإسراء:24) والمقصود بالتربية هنا : عملية الإعداد والرعاية في مرحلة النشأة الأولي للإنسان وهي مسئولية الوالدين في هذه المرحلة، بل قد ألزم الإسلام الآباء بضرورة تربية أبنائهم وتعليمهم وتأديبهم بقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً ...( (التحريم:6). هذا وقد انتبه المسلمون إلي أهمية التربية للأبناء والتعليم في بناء شخصيتهم ولذا أقرَّ نظام الإسلام الالتزام بالتعليم فأوجب علي الوالد تعليمه (علموا أولادكم الصلاة لسبع) وكذا القرآن فإذا لم يستطع الآباء ذلك أرسلوه إلي من يقوم بتعليمه ونفقته علي أقربائه، وإلا فالمحسنون أولى، وإلا فبيت المال ملزم بذلك. أي برعاية الابن علميا من باب النفقة علي طالب العلم .
(6) حق الابن في العدل في معاملته :
اهتم الإسلام بهذه الناحية إذ نهي عن التفريق في المعاملة بين الأبناء وكانت نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم (اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف) فإن العدل يحمي الولد من كل صور الاضطراب النفسي والاجتماعي ، وكان السلف يستحبون أن يعدلوا بين الأولاد في الصلة . الحمد لله الذي جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات ، واشهد إن الله لا اله إلا هو وحده لا شريك له يعلم ما في الأرض وما في السموات ، واشهد إن محمدا عبده ورسوله وحد الله به الأمة وجمعها من شتات،صلى الله عليه وعلى أصحابه وكل من سلك سبيل النجاة وسلم تسليما، اما بعد فانه من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ويجعل له فرقانا فاتقوا الله عباد الله. عندما يقدم أب على قتل احد أبناءه بسفك دمه ظلما وعدوانا فان ذلك عند الله وعند الناس عظيم ، وحينما يلقي أب ابن من أبناءه في نار تلظى، يصطلي بحرها ويحترق بسعيرها فتلك في ميزان الشرع والعقل وعند الناس إحدى الكبر، وهذه وتلك لا يختلف على شناعتها اثنان ولا ينتصح فيها عنزان، وهي مما اجمع عقلاء البشر عليها ،لكن، لكن الناس يغفلون عن فئة من الإباء القتلة ممن لا يلقون على جرمهم نكيرا ولا يعدون جرمهم خطيرا فئة من الإباء القتلة لم يسفكوا من أبناءهم دما ولم يبخلوا بمال ولم يقصروا في طلب. يلبون لابناءهم ما يريدون ويأتون لهم بما يشتهون ،بهم يرأفون، وعليهم يعطفون، يسهرون على أبنائهم إذا مرضوا، ويقلقون عليهم إذا تغيبوا،ويمنحونهم إذا طلبوا. فلماذا هم قتلة؟ اما أنهم لم يتقلوا نفسا معصومة ، ولم يسفكوا دما حراما،لكنهم قتلوا في أبنائهم ما هو اخطر واكبر. قتلوا في أبنائهم أعظم المعاني وأنبل الخلال وأجمل الخصال. قتلوا إنسانيتهم وعقولهم وسفكوا دم الحياء من وجوههم وسلبوا أرواحهم، وأنت بالروح لا بالجسم إنسان.قتلوا إيمانهم وحيائهم حينما اسلموا تلك الأرواح البريئة والنفوس الطاهرة والعقول الناضجة لتكون فريسة للقنوات الهابطة والأغاني الساقطة تصنع منهم جيلا ضعيف الصلة بالله هامشي التفكير منزوع الإرادة مهزول الكرامة للشهوات يحيا وعليها يموت .لقد ابتلي مسلون بالتساهل بمشاهدة القنوات الفضائية بحجة الإخبار والحوارات وجلبوها إلى بيوتهم لينقلوا داءها وينشروا وباءها في أجواء بيوتهم المعطرة بالمحافظة والاستقامة ويدسوا سمها في قلوب أبنائهم وبناتهم . تلك القلوب المستنيرة ، تلك القلوب المستنيرة بنور الفطرة تلك القلوب المستنيرة بنور الفطرة . قاتل والله ذلك الأب الذي ينصب طبقا فوق سطح بيته، يجلب العار ويقود إلى النار ويقضي على بذرة الحياء وشجرة الإيمان. إنني أسائلكم أيها الإباء ولنكن صرحاء . ماذا تحوي هذه القنوات؟ وماذا تقدم لروادها؟ أليس كثير من برامجها يعد مخالفة صارخة وصريحة لمبادئ الإسلام وعقيدة المشاهد المسلم ؟ أليست تحوي صورا فاتنة وحركات مثيرة وأغاني هابطة ؟ الم تروا إلى أثارها على المجتمع وسلوك إفراده؟ من أين تعلم شبابنا الرقص وأنواع القصات والرقصات؟ من أين جاءت نسائنا بهذه الالبسة الفاضحة والتسريحات المضحكة المبكية؟ الم تروا كيف اشتد سعار الشهوات فكانت النتيجة صورا من الانحرافات الجنسية والمخالفات الأخلاقية ؟ أليست تعلم أولادنا التناقض في حياتهم ؟ الأولاد يعيشون مع إباءهم المتعلقين ببرامج هذه القنوات في حالة من التناقض والفصل الكامل بين القول والعمل ؟إذ يسمع الولد من أبيه عبارات الأمر بالمعروف وحب الفضائل والأمر بها واجتناب الرذائل والنهي عنها ، ثم يراه قد عكف على هذه البرامج يشاهد النساء المتبرجات ويتحدث عن جمالهن وينهمك في متابعة أحداث تلك القصص المثيرة ويستمع إلى غناء خليع فاحش دون إن تصدر منه عبارات التذمر اوعدم الرضا عن هذه المخالفات إن هذا الأب لا يمكن إن يؤثر في أولاده تأثيرا ايجابيا ،يدفعهم إلى الفضيلة ويباعدهم عن الرذيلة، بل ربما فاق الأولاد إباءهم في الانحراف إذا كبروا ، فلا يقبلون منه امرأ ولا نهيا. إن مشاهدة الأبناء لمثل هذه القنوات المترمية إلى الغناء الفاحش وتبرج النساء خاصة في مراحل الطفولة المتأخرة تثيره جنسيا وربما دفعته لممارسة نوع من أنواع الحب أو الغزل مع إحدى قريباته أو جاراته. ومشاهدته لشيء من خفايا علاقة الرجل بالمرأة يدفعه إلى ممارسة ذلك مع اقرب بنت إذا سنحت له فرصة ولا تحتقروا الصغار. وربما دفعته هذه الإثارة في اقل الأحوال إلى ممارسة العادة السرية، فإذا حدث شيء من ذلك فان الأب هو المسئول الأول عن هذه الجرائم قبل الولد لأنه هو موقد النار ومشعل الفتيل. يا معشر الإباء القتلة يوم إن قتلتم إيمان أولادكم وحيائهم وعقولهم بتهيئة القنوات الهابطة لهم ، فإنما تتجهون بهم نحو الانحلال والتميع ، وتهددون الأجواء الأخلاقية بالدمار، وتستثيرون الغريزة الهمجية وتشجعونهم على الهبوط إلى درك الانحراف والشرب من مستنقع الفحشاء فتميتون في داخلهم نبتات الشرف والصيانة وتغلفون ضمائرهم الأخلاقية بادران الخلاعة والإجرام ، ثم يتسع الخرق على الراقع ولا سيما في عصرنا الحاضر الذي نبت في ساحته من يتاجر في الغرائز، ويسابق في انتاج كل هابط من الافلام. واذا كانت هذه القنوات تفتك باخلاق الكبار وتعصف باخلاق الرجال وتذهب بهم كل مذهب مرذول ، فكيف يكون حال المشاهدين من المراهقين والاطفال . ولا مراء ان هذه الصور والحركات المقيتة ستنطبع انطباعا في اذهانهم ، وسيكون لذلك ردود فعل مدمرة للبناء الاخلاقي في المستقبل القريب . اذا كان ديننا امرنا ان نفرق بين الاولاد في المضاجع وهم اخوة واخوات انجبهم صلب واحد فكيف تستسيغ ضمائنا ان ندعهم يشاهدون عبر الفضائيات اوغيرها افلاما ساقطة يتراقص فيها فتيات مدربات على اثارة الرجال في الحركات المغرية والكلمات المتغنجة والعري الفاضح . اذا كان المراهق يستثيره الخيال وتهيجه الامنيات فكيف بمشاهد مرئية مسموعة تغري بهارجها . افلا تتقون لن استرسل معكم ايها الاباء العقلاء في ذكر اخطار هذه القنوات ومن قبلها التلفاز الذي مهد الطريق لها ومن بعدها الانترنت . فان كثيرا من برامج هذه القنوات تتضمن افكارا واراء مخالفة لدين الاسلام حيث تستغل كثير من برامجها ومسرحياتها في نشر وبث هذه الافكار وترويجها باسم الفن ، ومن هذه الافكار التي يروج لها الاعلام بقنواته قضية فصل الدين عن حياة الناس وعن الدولة وجعله قضية شخصية ، او الدعوة الى التاخي بين المسلمين والكفار، او المناداة بتحرير المراة ومساواتها بالرجل في جميع شؤون الحياة ، او مقت مشروعية تعدد الزوجات وقذف المعددين بالجريمة والظلم وغيرها مما لا يخفى على من كان له قلب او القى السمع وهو شهيد الم تسمعوا يا معشر الاباء عن حالات من الشذوذ الجنسي والانحراف الخلقي من تعد على المحارم واغتصاب للقاصرات واختطاف للصغار وتحرش بالخادمات ، كان وقودها فلما هابطا وشرارتها اوقدت في استراحة او بيت تلطخ بهذا الطبق الهابط ،ولولا ان تشمئز قلوبكم وتضيق نفوسكم ولولا الخشية ان اتهم بالتهويل والاثارة لاوردت لكم قصصا من الواقع ولكن المؤمن الحر تكفيه الاشارة ، فهل تغيرون من حالكم وتعتبرون بغيركم ، ام تنتظرون حتى تحل الكارثة ببيوتكم وعلى ايدي ابنائكم وبناتكم . ان المفترض في هذه القنوات ان تتوجه نحو الالتزام بمنهج الاسلام فيما يعرض ويسمع ، وان تتعاضد مع المؤسسات التربوية الاخرى لاخراج جيل يعيش بالاسلام وللاسلام قولا وعملا واعتقادا وتطبيقا. ولكن ريثما يحدث هذا التوجه الاعلامي نحو التزام منهج الاسلام فان الحل الامثل والافضل للاب المسلم لحماية اولاده وحراسة اخلاقهم هو اقصاء هذه الاجهزة الفاسدة طاعة لله عز وجل الذي امرنا بقوله (( قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم)) وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم القائل عن نظر الفجاة(( اصرف بصرك)) والبصر هو الباب الاكبر الى القلب واعمر طرق الحواس اليه. وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما يخشى الفتنة من اجله ، واذا تبين ذلك فانه ليس بغريب ان تكثر الفتاوى الصريحة من علماء الامة المخلصين ضد هذه القنوات ومن قبلها جهاز التلفاز، خاصة وان بعض رجال الغرب من العقلاء قد تنادوا بمثل ذلك . فهذا احدهم يقول ربما لا نستطيع ان نفعل أي شيء ضد الهندسة الوراثية او القنابل النيترونية ولكننا نستطيع ان نقول لا للتلفزيون ونستطيع ان نلقي باجهزتها في مقلب الزبالة حيث يجب ان تكون . ان التلفزيون لا يتقبل الاصلاح عادة ان مشاكله كامنة في التقنية نفسها تماما كما ان العنف كامن في البنادق انتهى.
ان الاب الذي يقتنع بوجوب الاستغناء عن هذه الاجهزة الفاسدة والقنوات الهابطة وقد تعلق اولاده بها فانه سيواجه مشقة وعنتا شديدا . ولكن عزاؤه الوحيد استحضار قول الحق (( يا ايها الذين امنوا قو انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة))(( يا ايها الذين امنوا ان من ازواجكم واولادكم عدوا لكم فاحذروهم)) فالازواج والاولاد يمكن ان يكونوا وبالا على الاباء يدفعونهم بعواطفهم الجياشة نحو ارتكاب المعاصي والمحرمات وفي الحديث (( الولد محزنة مجبنة مجهلة مبخلة)) يا معشر الاباء . الوقاية خير من العلاج. وقبل ان تقدم على الخطوة الاخيرة فكر. وقبل ان تقدم على الخطوة الخطيرة فكر في عواقبها على اولادك وبيتك وسمعتك وفي اثارها على دينك وعلاقتك بربك . العاقل هو من اتعض بغيره والمسكين من اصبح موعظة لغيره . وانك لا تجني من الشوك العنب . ومن حام حول الحمى يوشك ان يقع فيه والله خير حافظا وهو ارحم الراحمين ان الحديث عن هذه القضية الخطيرة حديث ذو شجون وما اكثر الهالكين المتبعين لاهوائهم المعرضين عن هدي ربهم ، ورب قائل مسكين هذا المتحدث يتكلم بمثل هذا في زمن الانفتاح والعولمة والتقاء الحضارات في زمن اصبح التلفاز جزءا اساسيا من حياة البيوت . وانا اقول ان الباطل سيظل باطلا والذنب سيبقى ذنبا والحمار سيبقى حمارا ولو طوق بالذهب و الباطل سيبقى باطلا ولو غلف باغلفة براقة وحينما تقف بين يدي الله فردا ويسالك ليس بينك وبينه ترجمان .؟ قدم هذا الاعتذار وانظر هل يغني عنك من الله شيئا . انني لا املك العصى السحرية التي يسوقوا بها الاباء القتلة ليعودوا لرشدهم وينقذوا بيوتهم من حريق مرتقب وانهيار متوقع . ولكنني ابث من قلب محب كلمات تحمل في طياتها النصح وحب الخير . فيا معشر الاباء استمعوا اني لكم من الناصحين . يوم ان تساهلتم بمشاهدة القنوات تحت أي حجة واعتذار فانما تقتلون انفسكم, وتردون بها موارد الهلكة , تقتلون معاني الايمان والغيرة والحمية لدين الله ، اسالوا قلوبكم عن حالها مع خوف الله ورجاءه وعن شانها مع الخشوع والدعاء ، واسالوا انفسكم عن حالها مع الصلاة وقراءة القران . ستجيبكم عيونكم الجامدة وقلوبكم القاسية وهممكم الضعيفة . فلم تقتلون انفسكم؟ لا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما . واذا ابيتم الا ان تقتلوا انفسكم بمشاهدة هذه القنوات وما فيها من هبوط واسفاف فاني اناشدكم الله الا تمتد يد القتل الى ذريتكم، اني اناشدكم الله الا تمتد يد القتل الى ذريتكم البريئة فتحملوا اثقالكم واثقالا مع اثقالكم ، وتنوؤوا باوزاركم واوزار الذين تظلونهم بغير علم الا ساء ما تزرون. يا معشر الاباء والاولياء ان الله سائل كل راع عما استرعاه ، حفظ ذلك ام ضيعه ، حتى يسال الرجل عن اهل بيته فماذا انتم قائلون . يا معشر الاباء ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته الا حرم الله عليه الجنة، واي غش اكبر من افساد الاخلاق والدين ، افلا تذكرون. يا معشر الآباء إننا لا نعدمكم الثقة بأولادكم وانتم الذين تبذلون وتكدحون في سبيل راحتهم وجلب السعادة لهم ، ولكن الثقة لا تعني أبدا فتح الأبواب والدروب دون رقابة أو اهتمام ، ولا تعني أبدا ترك عود الثقاب مشتعلا قرب الوقود، ولا تعني أبدا إثراء المنزل بما يشتهي الأبناء ويطلبونه من ملذات على حساب الجوهر الذي خلقوا من اجله أيها الأب المبارك . هل رأيت يوما قاربا صغيرا تصارعه أمواج البحر في عتو واستكبار؟ وهل أبصرت زهرة ندية تقاوم على ضعفها سطوة إعصار ؟ وهل لمحت طائرا ضعيفا مكسور الجناح تطارده سباع وضباع في نهم وسعار؟ ان ابناءك يا اخي اضعف من هؤولاء جميعا في جو الفتن والشهوات الذي يعيشونه ليلا ونهارا، فالعين لا ترى الا ما يسحرها ، والاذن لا تسمع الا ما يطربها، والجوارح لا تعيش الا ما يغريها، والقلب لا يشعر الا بما يفتنه. عندما ادخلت الى بيتك اجهزة الفساد وقنوات الافساد فانما هيئت لذريتك جو المعصية واحطتهم بسياج الخطيئة ، فتنفسوا رائحة الشهوة في الشهيق فاخرجوا ذلك معصية لله تعالى في الزفير. ان قنوات التلقي عندهم لا تلتقط الا ما يفتن فاصبح البث ممزوجا بالخطايا والرزايا والبلايا . القيت ابناءك في بحر الشهوات ولم تلبسهم طوق النجاة. ثم تريدهم بعد ذلك ان يكونوا بررة اتقياء . هيهات هيهات، القاه باليم مكتوفا وقال له اياك اياك ان تبتل بالماء يا ايها الاب المبارك لا اظنك الا ممن ينشد الولد الصالح الذي يبره في حياته ويدعوا له بعد مماته ، الولد الحافظ للقران ، الذي يلبس والداه تاج الوقار يوم القيامة ، الولد الذي يرفع راس والديه واهليه ويصنع لوحة الشرف والمجد لعائلته . فهل ستجد هذا الولد في اجواء ملوثة بغرقد الشهوات التي زرعتها حينما ادخلت الى بيتك طبقا اطبق على الاخلاق والدين فافسدها ؟ اتريد ان يكون ابناءك خصمائك يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون ؟ وانت الذي تعبت من اجلهم وبذلت لراحتهم يا معشر الاباء والاولياء ابنائكم وبناتكم امانة في اعناقكم، وانت مسؤولون عنهم امام الله ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته، فاعدوا للسؤال جوابا ينجيكم من هول القيامة والشجع بها . يا معشر الاباء والاولياء والله الذي لا رب غيره اني لكم ناصح امين . ها انا ذا احمل يراع التذكير لاسطر لكم ما يدور في خلدي وما يحتبس في اعماقي وما تحتويه جوانحي . يا من تحملتم امانة عظيمة ومسؤولية جسيمة ابت حملها السموات والارض والجبال واشفقن منها ومن تبعاتها . لا تخونوا الله والرسول وتخونوا اماناتكم وانتم تعلمون . يا من اعطاكم الله الزينة فالمال والبنون زينة الحياة الدنيا وابتلاكم بالفتنة انما اموالكم واولادكم فتنة وخصكم بالوصية يوصيكم الله باولادكم وحذركم من العداوة (( ان من اولادكم وازواجكم عدو لكم فاحذروهم)) اتقوا الله في ذريتكم . اتقوا الله في ذريتكم فهم فلذات اكبادكم ومنشا اصلابكم وامتداد انسابكم . هم احلام الماضي الغابر وسعادة الحاضر وامال المستقبل السائر . وانما اولادنا بيننا اكبادنا تمشي على الارض لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمض خذوا بحججهم عن النار ، وغذوهم بالحلال فانهم يصبرون على الجوع ولا يصبرون على النار . وثقوا ان من كان جادا وصادقا في قراره سيلقى من الله عونا وتوثيقا وسيجد من البدائل المباحة ما يغني عن الحرام . اكرر النداء والمناشدة لكل اب تورط في قتل معاني الخير والشهامة والحياء في اولاده عندما ادخل عليهم قاتل الدين وذراع المفسدين، قوا أنفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة، وتداركوا بيوتكم من قبل ان يشتمل الهدم على البناء والكدر على الصفاء، ومن قبل ان تقول نفس يا ليتني قدمت لحياتي ، ومن قبل ان يتعلق الأبناء بالإباء قائلين ربنا هؤلاء اضلونا . يا ايها الاب المتنور قم فقرر وبيتك فطهر والرجز فاهجر ولربك فاصبر وحينها ابشر ثم ابشر . ومن ارضي الله بسخط الناس رضي الله عليه وارضي عنه الناس، ومن اتقى الله جعل له من كل هم فرجا ومن جاهد فانما يجاهد لنفسه ، ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين))


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.