حصل قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري عقابا على استخدامه السلاح الكيماوي في الغوطة، على دعم قوي لإقراره عندما اعلن كبار زعماء الكونغرس تأييدهم للضربة. وقد وضعت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ مسودة مشروع القرار الذي يفوض أوباما ضرب النظام خلال 60 يوما قابلة للتمديد 30 يوما. وقد أعرب أوباما أمس في طريقه إلى موسكو لحضور قمة العشرين عن امله في أن يتراجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن دعمه لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدا ثقته بأن هذا الأخير هو من استخدم السلاح الكيماوي. وحذر العالم من إمكانية تكرار الهجوم الكيماوي في حال لم يعاقب الأسد.
في المقابل أعلنت الحكومة السورية أنها حشدت حلفاءها في المنطقة لمواجهة الهجوم وأنها لن تتراجع و«لو أدى ذلك إلى حرب عالمية ثالثة»، لكن المفاجئ أمس ان بوتين أرسل إشارة الى استعداده لدعم العمل العسكري ضد النظام السوري في حال ثبت استخدامه للسلاح الكيماوي، وفي اطار الاممالمتحدة.
وجاءت اجتماعات لجنة الشؤون الخارجية بعد مداولات مماثلة لأوباما مع زعماء الكونغرس في البيت الابيض. ويعود مجلسا النواب والشيوخ من عطلتهما الصيفية في التاسع من سبتمبر.
وبعد الاجتماع قال اثنان من أبرز القادة الجمهوريين في مجلس النواب وهما جون بينر رئيس المجلس واريك كانتور زعيم الأغلبية بالإضافة إلى زعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي انهم سيدعمون التدخل العسكري ضد النظام السوري.
وقال بينر للصحافيين «الولاياتالمتحدة هي وحدها التي تمتلك القدرة على وقف الأسد وتحذير الآخرين في انحاء العالم من ان انتهاج مثل هذا السلوك لن يتم التغاضي عنه». وأضاف «أظن أن زملائي سيدعمون دعوة التحرك هذه».
وتضع مسودة القرار حدا زمنيا 60 يوما للعمل العسكري الأميركي في سورية مع جواز مده مرة واحدة 30 يوما بشروط معينة. ويتضمن المشروع كما ورد في مسودة الوثيقة بندا يحظر اي استخدام للقوات المسلحة الأميركية على الأرض في سورية.
وقد توصل السيناتور الديموقراطي روبرت مننديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والسيناتور الجمهوري بوب كوركر إلى مشروع القرار.
ويلزم مشروع القرار اوباما بالتشاور مع الكونغرس وان يعرض على مجلس الشيوخ ولجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إستراتيجية للتفاوض بشأن تسوية سياسية للصراع في سورية تتضمن مراجعة كل أشكال المساعدات المقدمة الى قوات المعارضة التي تكافح للاطاحة بالأسد.
وكان هذا البند قد طلبه بعض اعضاء مجلس الشيوخ ومنهم الجمهوري البارز جون ماكين.
ومن المتوقع ان يجري التصويت في مجلسي الشيوخ والنواب الاسبوع القادم ويمثل مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون التحدي الأكبر للرئيس الأميركي الديموقراطي. وقال زعماء مجلس النواب ان التصويت سيكون «تصويتا متسقا مع الضمير» اي انهم لن يسعوا للتأثير على النواب حتى يصوتوا بما يتفق مع رأي الحزب في قرار توجيه ضربة للأسد.
وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال في مرافعته أمام اللجنة قد فتح الباب لفترة وجيزة أمام احتمال استخدام قوات برية أميركية في سورية قبل أن يستدرك ويقول للكونغرس إن أي قرار بالموافقة على استخدام القوة العسكرية سيمنع نشر «قوات على الأرض».
وقال كيري في البداية للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ انه يفضل عدم منع استخدام القوات البرية في سورية للحفاظ على خيارات الرئيس باراك أوباما إذا «انهارت» سورية أو كان هناك خطر أسلحة كيمياوية حصل عليها متطرفون. وأبلغ كيري اللجنة «لا اريد أن نسحب خيارا من على الطاولة قد يكون أو لا يكون متاحا لرئيس الولاياتالمتحدة لتأمين بلادنا».
وإلى جانب كيري شارك بالمرافعات وزير الدفاع تشاك هاغل والجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأميركية، كجزء من مساعي الحكومة الأميركية لإقناع الكونغرس بدعم خطة أوباما لتوجيه ضربات محدودة لسورية لاستخدامها المزعوم للأسلحة الكيماوية الشهر الماضي.
وأكد كيري احد الصقور بشأن سورية في حكومة أوباما للمشرعين أنه سيكون من السهل صياغة قرار بشأن القوة العسكرية لطمأنة الكونغرس والجمهور أن الباب في سورية ليس مفتوحا امام القوات البرية.
لكن كيري حث اعضاء الكونغرس على ألا يقصر التفويض الأميركي على توجيه ضربة الى سورية على «لحظة معينة» قائلا إن الجيش الأميركي لديه خيارات لضربات متابعة لو أن الرئيس بشار الأسد استخدم الأسلحة الكيماوية مرة أخرى.
النظام السوري يحشد حلفاءه في مواجهة واشنطن وحلفائها
بوتين لا يستبعد عملاً عسكرياً في حال تأكيد تورط النظام وحكومة الأسد مصممة على المواجهة ولو أدت ل «حرب عالمية»
في المقابل أكدت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد أمس أنها اتخذت «جميع الإجراءات للرد» على أي ضربة عسكرية غربية محتملة ضدها، فيما اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالكذب على الكونغرس لتمرير قرار الرئيس باراك أوباما بضرب النظام السوري، لكنه لم يستبعد التحرك العسكري في حال ثبوت أن النظام السوري هو من استخدم السلاح الكيماوي.
وفي سياق الاستعدادات السورية رفض نائب وزير الخارجية فيصل المقداد في تصريح لوكالة فرانس برس الكشف عن استعدادات نظامه، وقال «لن نعطي معلومات عن كيفية رد سورية.. وسورية سيدافع عنها شعبها وجيشها، وقد اتخذت جميع الاجراءات للرد على اي عدوان»، على حد قوله.
لا بل ان المقداد أكد ل «فرانس برس» أن نظام الأسد لن يغير موقفه تحت وطأة التهديدات بضربة عسكرية غربية محتملة ضدها، وان ادى ذلك الى اندلاع «حرب عالمية ثالثة»، وأضاف «لن تغير الحكومة السورية موقفها ولو شنت حرب عالمية ثالثة، لا يمكن لأي سوري التنازل عن سيادة واستقلال سورية».
وأكد المقداد أن نظام الأسد يحشد حلفاءه لمواجهة أي ضربة عسكرية محتملة قد تقدم واشنطن وحلفاؤها على شنها.
وقال «ان الولاياتالمتحدة تقوم الآن بحشد حلفائها للعدوان على سورية وأعتقد بالمقابل ان من حق سورية ان تحشد حلفاءها ليقوموا بدعمها بمختلف اشكال الدعم، ولا استطيع ان احدد كيف سيكون هذا الدعم».
من جهته، قال الرئيس الروسي بوتين إنه ليس من حق الكونغرس الأميركي إجازة استخدام القوة مع سورية دون صدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وان ذلك سيكون «عملا عدوانيا».
كما اتهم بوتين وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالكذب على الكونغرس بشأن دور تنظيم القاعدة في الصراع بسورية في غمار سعيه للحصول على موافقة المشرعين الأميركيين على القيام بتحرك عسكري ضد الحكومة السورية.
وحض بوتين الذي تعد بلاده ابرز الحلفاء الدوليين لنظام الرئيس بشار الأسد، الغرب على تقديم ادلة «مقنعة» تثبت استخدام اسلحة كيميائية بسورية، في اشارة الى هجوم مفترض قرب دمشق في 21 اغسطس، تتهم المعارضة والدول الغربية النظام بالمسؤولية عنه.
وشدد على انه في حال ثبوت الجهة التي تقف خلف الهجوم، فإن موسكو ستتحرك «بأكبر حزم ممكن».
وحذر بوتين في مقابلة مع القناة الأولى عشية قمة العشرين التي تنطلق اعمالها اليوم في سان بطرسبرغ الغرب من ان اي عمل عسكري ضد النظام السوري بدون تفويض من مجلس الامن الدولي سيعتبر «عدوانا».
وردا على سؤال حول ما اذا كانت روسيا ستوافق على ضربات عسكرية بقيادة الولاياتالمتحدة اذا ثبت ان نظام الأسد استخدم أسلحة كيميائية في الهجوم المفترض، أجاب بوتين «لا استبعد هذا الأمر».
وقال «اذا كان هناك اثبات على استخدام اسلحة كيميائية ومن قبل الجيش النظامي فيجب تقديم هذا الدليل الى مجلس الأمن الدولي ويجب ان يكون مقنعا»، مضيفا انه في حال وجود هذا الدليل فإن روسيا «ستكون جاهزة للتحرك بأكبر قدر ممكن من الحزم والجدية».