تشهد العاصمة الرياض اليوم حدثا تاريخيا سيغير خارطة وآلية حركة النقل بها مستقبلا، وذلك بإعلان الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، تفاصيل مشروع النقل العام ( مترو – قطارات – حافلات )، حيث يكشف سموه خلال حفل سيقام في قصر الثقافة بحي السفارات، تفاصيل المشروع وسط حضور كبير من وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
وسيشهد هذا الحفل الذي يعد إيذاناً ببدء العمل في هذا المشروع الضخم بعد ترسية عقوده على عدد من الائتلافات العالمية الكبرى، عدد من الأمراء والوزراء وكبار مسؤولي المنطقة، وسيتم خلاله تقديم عرض مفصل عن المشروع الذي صدرت موافقة على تنفيذه في العاصمة بكامل مراحله، ومن المتوقع أن يحدث نقله كبرى في منظومة النقل والسير في المدينة بعد الانتهاء منه.
وأخذ المشروع طوال الفترة الماضية الكثير من الدراسات والاجتماعات التنسيقية على مستويات عليا إلى جانب بحث التصاميم ودعوة الائتلافات العالمية التي تضم كبرى الشركات المتخصصة في العالم للمشاركة في تنفيذه ليظهر على أكمل وجه وفق توجيهات واهتمام القيادة الرشيدة.
وقد استعدت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مبكراً لتطوير قطاع النقل العام بالمدينة، من خلال وضعها (الخطة الشاملة للنقل العام بمدينة الرياض) والتي تشمل تأسيس شبكة للنقل بالقطارات الكهربائية، وشبكة موازية للنقل بالحافلات، تعمل على احتواء متطلبات التنقل القائمة والمتوقعة في المدينة من خلال مراعاتها عند تحديد مسارات الشبكتين للمواقع التي تتركز فيها الكثافة السكانية ومناطق الجذب المروري ومناطق المرافق الحكومية والأنشطة التجارية والتعليمية والصحية.
وشملت هذه الاستعدادات إعداد الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لسلسلة من الدراسات المختلفة حول الوضع الراهن للمدينة واحتياجاتها الحالية والمستقبلية من قطاع النقل العام، وأفضل الحلول والخيارات لتأسيس نظام نقل عام مستديم يتلاءم مع واقع المدينة وخصائصها العمرانية والسكانية والمرورية.
فقد أجرت الهيئة في عام 1421ه (دراسة عن وضع النقل العام بمدينة الرياض)، وأكدت حينها على حاجة المدينة إلى تنفيذ مشروع شبكة نقل عام متطورة، وجرى في عام 1424ه إقرار نتائج هذه الدراسة، وشكلت لجنة من أعضائها لدراسة الترتيبات المؤسسية، وسبل توفير المبالغ اللازمة لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، وإنجاز التصاميم الهندسية.
وفي عام 1425ه أنجزت الهيئة التصاميم الأولية والمواصفات الفنية لمشروع القطار الكهربائي بمدينة الرياض، على كل من طريق الملك عبدالله، ومحور العليا – البطحاء، كما أنجزت (دراسة البدائل التمويلية لتنفيذ المشروع) وشرعت حينها في إعداد (الخطة الشاملة للنقل العام بالمدينة)، وفي العام التالي أعدت الهيئة دراسة توضح الجدوى الاقتصادية للمشروع وفوائده على المدينة من جميع الجوانب.
وتابعت الهيئة جهودها في التحضير لمشروع النقل العام بمدينة الرياض، حيث أعدت عام 1427ه (تصوراً أولياً للاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ المشروع والتكاليف التقديرية للتشغيل والصيانة)، كما أعدت الوثائق الفنية والتعاقدية لطرح المشروع للمنافسة بهدف التنفيذ. وفي العام 1428ه، انتهت الهيئة العليا من إعداد (الخطة الشاملة للنقل العام بمدينة الرياض) وشرعت في التباحث مع وزارة المالية حول التكاليف التقديرية لتنفيذ الخطة بمراحلها الأربع، والتكاليف التقديرية السنوية للتشغيل والصيانة.
وتتويجاً لهذه الجهود صدرت في الثاني من شهر جمادى الآخرة من العام 1433ه، موافقة مجلس الوزراء على تنفيذ مشروع النقل العام في مدينة الرياض (القطارات، والحافلات) بكامل مراحله، وفقاً للدراسات التي سبق أن أعدتها والتي ستعدها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، بمشاركة الجهات المختصة لإيجاد الحلول الجذرية والشاملة اللازمة للمشروع، وتخصيص لجنة عليا للإشراف على تنفيذه واستكماله خلال أربع سنوات من تاريخه، برئاسة سمو أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وعضوية كل من سمو وزير الشؤون البلدية والقروية، ووزير المالية، ووزير النقل.
ومنذ صدور القرار، بادرت اللجنة العليا للإشراف على تنفيذ مشروع النقل العام في مدينة الرياض، في التحضير لتنفيذه بهدف توفير خدمة النقل العام لكل فئات السكان، وتنويع أنماط وسبل التنقل في المدينة بطريقة فعالة وملائمة، والحد من الاستخدام المفرط للمركبة الخاصة، والإيفاء بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة، بما يتلاءم مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والمرورية فقد بدأت اللجنة العليا في تحديد خطوات تنفيذ المشروع ووضع برنامج زمني لتنفيذه، على ضوء الدراسات والمواصفات والتصاميم ووثائق الطرح والتنفيذ التي سبق أن أعدتها الخطة لمختلف عناصر المشروع، الذي من شأنه تحقيق عوائد كبيرة على المدينة وسكانها بمشيئة الله، تتجاوز توفير خدمة النقل العام لكافة فئات السكان، إلى الجوانب المرورية والاقتصادية والعمرانية والاجتماعية والصحية والبيئية، إضافة إلى تأسيس نظام نقل دائم يواكب النمو الكبير الذي تشهده المدينة، ويفي بمتطلبات التنقل القائمة والمتوقعة مستقبلاً بعون الله.