ترجمة - دينا قدري تساءلت صحيفة "لوموند" الفرنسية: هل جاء دور "الصيف العسكري" بعد "الربيع العربي" و"الشتاء الإسلامي"؟ ف"الإنقلاب الديمقراطي" للجيش على الرئيس محمد مرسي سيكون له تداعيات على الشرق الأوسط وعلى العمليات الثورية الحالية. ونظرًا لعدد سكانها الكبير ومحوريتها ومجاورتها لإسرائيل، فإن مصر تعد نموذجًا.
وفي البداية، مصير محمد مرسي – أول رئيس إسلامي مدني يقود البلاد وينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين – يمثل انتكاسة خطيرة للإسلام السياسي. وبعد سقوط الطغاة (بن علي ومبارك و القذافي) الذين قاموا باضطهادهم على مدار عقود، ظهر الإسلاميون على أنهم المعارضين الأكثر شرعية والأقل خطرًا والأكثر تنظيمًا بسبب ضروريات النضال السري.
ونظرًا لقوتهم التي اكتسبوها من عملهم في المجال الخيري ومصداقيتهم الدينية في المؤسسات التي لا تزال محافظة، حقق الإسلاميون بصورة منطقية انتصارات كبيرة خلال أول مشاورات ديمقراطية حقيقة يتم تنظيمها عقب سقوط الأنظمة الاستبدادية، باستثناء ليبيا التي أزاح فيها الليبراليون والقوى القبلية الإخوان المسلمين. وفي سوريا، يسيطر الإخوان على المؤسسات التي تمثل المعارضة.
ولكن، عدم قدرة الإسلاميين على إدارة المواقف الاقتصادية الكارثية ورغبتهم في الحكم دون منازع وعقدة الحصار وأجندتهم الطائفية تسببت في فصلهم عن المجتمع والقوى الليبرالية والثورية أسرع مما هو متوقع، إلى حد أن الغالبية العظمى من المصريين فضلوا اللجوء إلى الجيش بدلًا انتظار تغيير عبر صناديق الاقتراع. ويعد هذا الأمر رهانًا خطيرًا لأنه ينزع الشرعية من العملية الديمقراطية، مثلما فعل الإخوان في مصر من خلال لجوئهم إلى سلطات استثنائية من أجل فرض دستور مليء بالغموض.
وطرحت صحيفة "لوموند" تساؤلًا: هل من الممكن أن يتكرر النموذج المصري في تونس التي يشعر الشعب فيها بالغضب إزاء ارتفاع الأسعار والبطالة والمناقشات التي لا تنتهي حول مشروع الدستور؟ ولكن الجيش التونسي ليس لديه عادة التدخل في الساحة السياسية مثل نظيره المصري – على حد وصف الصحيفة – حتى وإن كانت شعبية قائد هيئة الأركان التونسية المتقاعد رشيد عمار لم تصب بضرر.
وتأتي هذه الانتكاسة بالنسبة إلى الإخوان المسلمين في الوقت الذي قام فيه أمير قطر بتسليم الحكم إلى ابنه، وهو الأمر الذي سيترجم من خلال محو دبلوماسي نسبي ودعم أقل للأنظمة التي أصبحت لا تحظى بشعبية، بعد أن كانت قطر راعي الإخوان المسلمين الإقليمي الرئيسي.
كما أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لا يمكن أن يمثل نموذج نجاح الإسلام السياسي، حيث أضعفته حركة احتجاج داخلية. وفي المقابل، لا يمكن للرئيس السوري بشار الأسد سوى أن يفرح بسقوط نظيره المصري. فقد قال بشار الأسد: "أي شخص يستخدم الدين في الساحة السياسية من أجل تعزيز جماعة على حساب أخرى سيسقط في أي مكان في العالم"، مضيفًا أن "ملخص ما حدث في مصر، هو سقوط ما يطلق عليه الإسلام السياسي". وهناك شيء من السخرية والكارثة في هذا التصريح من جانب شخص لم يتوقف عن إثارة الكراهية الطائفية في بلاده لكي تتحول الثورة السلمية والتعددية إلى حرب عصابات إسلامية.
وشددت صحيفة "لوموند" على أنه إذا كان بشار الأسد وحلفاؤه الروس وأولئك الذين يشعرون بحنين إلى النظام السابق في مصر لا يرون في تدخل الجيش سوى إعادة حكم استبدادي، فهم مخطئون. فالدرس الآخر من الانتفاضة المصرية الأخيرة يتمثل في قوة الحركة الثورية، في مصر وفي مختلف أنحاء العالم. فقد لجأ الثوار إلى أفضل أسلحتهم وهو الشارع الذي لا يجب أن ينساه أيضًا. كما أنه لا يمكن أن نعود إلى فترة الغارات المعادية للإسلاميين والانتخابات المزورة.