رأى محللان فلسطينيان أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل سيعمل - عقب إعادة انتخابه لمنصبه - على "نقل الحركة من مربع الفئوية الفصائلية إلى الوطنية".
واعتمد الخبيران في تبني ذلك الرأي إلى ما يوصف به مشعل من "براغماتية" جعلت إعادة انتخابه لزعامة حماس مطلبًا إقليميًّا، بالإضافة إلى ما وصفاه ب"قدرته الذكية على قراءة متغيرات الواقع وما هب من رياح التغيير بالمنطقة عقب موجة الثورات الشعبية".
وتوقع المحللان، في أحاديث منفصلة ل"الأناضول"، أن يطرأ على البرنامج السياسي لحماس "تغييرات جوهرية بعيدًا عن مشاهد وإفرازات الدورات الانتخابية السابقة".
وكان المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، قد أعاد، أمس الإثنين، انتخاب خالد مشعل رئيسًا له لفترة جديدة تستمر 4 سنوات، بعد تصويت مطول جرى بأحد فنادق القاهرة.
وفي قراءته ل"جديد" حركة حماس، أكدّ الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، "عدنان أبو عامر" أن مشعل بقيادته الحركة وما يملكه من خبرات طويلة وعلاقات عربية ودولية واسعة "سيرسم خارطة الحركة".
وأضاف: "لا شك أن حركة حماس وبإعادة انتخابها لمشعل زعيمًا لها، قرأت وبشكل جيد تحديات المرحلة الراهنة وإفرازات الواقع المعقد، ورأت أن الأكثر ملائمة لقيادة السفينة هو مشعل".
وكانت حركة "حماس"، وفي أكثر من مرة خلال العام الماضي، قد أشارت إلى أن رئيس مكتبها السياسي "خالد مشعل" أبلغ مجلس شورى الحركة أنه لا يرغب في الترشح لانتخابات رئاسة المكتب السياسي للحركة مجددًا.
ولفتت الحركة في حينها إلى أن مشعل يريد أن "يفسح المجال لآخر من أبناء حركة حماس ليتسلم المسؤولية، ويواصل المسيرة، ويتابع العمل".
أبو عامر رأى في عدول مشعل عن رغبته تلك قراءة ذكية من الحركة لمتغيرات الواقع.
واستدرك بالقول إن "هناك رغبة إقليمية غير خفية بأن يبقى مشعل رئيسًا للحركة، وهذه الرغبة ليست تدخلاً في شؤون الحركة، بقدر ما هي اعتراف بوزن الحركة السياسي بقيادة مشعل الذي أسس جسورًا واسعة وشبكة من العلاقات القوية مع صناع القرار في كل مكان".
ويقود مشعل البالغ من العمر 56 عامًا حركة حماس منذ عام 2004، واكتسبت الحركة بقيادته صورة أكثر اعتدالاً خاصة لدى الدول الأوروبية والغربية، بحسب مراقبين.
وأكد أبو عامر أن "حركة حماس لن تتخلى عن ثوابتها، ولكنها في ذات الوقت وبالنهج البراغماتي الذي يتبناه مشعل ستكون وفي أكثر من أي وقت مضى قادرة لأن تتولى زمام المبادرة للاستنهاض بالحركة وطنيًّا وإقليميًّا ودوليًا"، لافتا إلى أن "قيادة المشروع الوطني ستكون من أولويات حماس".
واعتبر الباحث الفلسطيني أن "الربيع العربي وما أفرزته الثورات، من علاقة حماس مع مصر، تركيا، وقطر، والانفتاح الدولي والأوروبي، كل هذه المؤشرات ستدفع بالحركة لأن تنأى وتنسلخ من العباءة التنظيمية الحزبية، وأن تنصهر في البوتقة الوطنية الشاملة، خاصة وأن الحركة باتت لاعبًا أساسيًا في الخارطة الجديدة التي تتشكل في المنطقة".
وفي ترجمته لنتائج انتخابات حركة حماس، رأى الكاتب الفلسطيني والمحلل السياسي "مصطفى إبراهيم"، خلال حديثه للأناضول، أن ما يملكه "خالد مشعل" من خبرات طويلة وعلاقات عربية ودولية واسعة ستساهم في تعاطي حركة حماس مع متطلبات المرحلة الراهنة.
ورأى إبراهيم أن "الحركة تدرك أنها أمام رياح تغيير تعصف في المنطقة"، معتبرًا أن "هذه الرياح تدفع بالحركة إلى دور قيادي يؤهلها لأن تكون المتحدث باسم القضية الفلسطينية".
وعن قادم الحركة بعد انتخاباتها، قال إبراهيم إنّ "مشعل سيعمل على نقل الحركة من مربع الفئوية الفصائلية إلى الوطنية، وسيلمس الشارع الفلسطيني إعادة صياغة للقضية على نحو مختلف بعيدا عن لغة الخطابات.
وسيسعى مشعل بتأكيد إبراهيم إلى "تهيئة المناخ لتحقيق المصالحة وتشكيل أرضية للشراكة الوطنيّة الاستراتيجية"، كما سيلعب "دورًا أساسيًا في رسم الخارطة الجديدة والتي سيكون فيها كلمة السر ‘براغماتية‘ مشعل وما يملكه من احترام دولي".
ويحظى رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" بعلاقات طيبة مع زعماء وقادة عرب وغربيين تجعله أفضل المرشحين، بحسب إبراهيم، لقيادة سفينة حركة "حماس" والعمل على أن تبقى في صدارة المشهد السياسي العربي والدولي.
وفي السنوات القليلة الماضية، نجح "مشعل" في فتح قنوات إقليمية ودولية ما جعل الكثير من المراقبين يؤكدون على الحاجة الماسة لقيادته لحركة حماس، والبقاء على زعامتها.
وكل 4 أعوام، تنتخب حماس قياداتها في ثلاثة أقاليم وهي: "غزة والضفة والشتات"، وتبدأ من المناطق المحلية، وصولاً إلى قيادة المكتب السياسي للحركة، فيما ينتخب أسرى حماس في سجون الاحتلال الإسرائيلي هيئة قيادية عليا خاصة بهم.