نشرت صحيفة فورين بوليسي مقالا اوردت فيه ان الامر بالنسبة للمعارضة في مصر اصبح مسألة حياة أو موت: فقد وجدوا أنفسهم يتعرضوا لهجوم رئيس معادي لهم، و مهددين من قبل مشروع الدستور يؤمنون انه لا يحمي حقوق الإنسان الأساسية، كما انهم معرضين لخطر التهميش من الحياة السياسية إذا لم يتمكنوا من المنافسة على صناديق الاقتراع.
و لا يبدوا ان محمد البرادعي، الحائز على جائزة نوبل, و المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ،و زعيم المعارضة غير رسمية في مصر ، لا يعرف كل ذلك. لكنه يرى شيئا آخر، أيضا - أن لديه أخيرا الرئيس محمد مرسى في المكان الذي يريده. في مقابلة واسعة النطاق مع مجلة فورين بوليسي في منزله خارج القاهرة، انتقد الولاياتالمتحدة لأنها التزمت الصمت في مواجهة النزعات الاستبدادية المتنامية في المنظمة الإسلامية.
كما يقول " يستخدم [مسؤولين الإخوان] نفس لغة مبارك – الاستقرار. هؤلاء ايضا بلطجية .على الأقل بحسب ما تقرأ، يقتل بعض الميليشيات [الإخوان] بعض من هؤلاء الرجال [في اشتباكات في الشوارع] - أنهم يستخدمون نفس التكتيكات. يكمن الاختلاف في انهم ملتحين ".
وجاءت المقابلة مع انغماس مصر في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، الذي كتب في المقام الأول من قبل الإخوان المسلمين وحلفائها المتشددين والسلفيين. يقول البرادعي، الذي حاول حشد التصويت "بلا"، ان الدستور "يخلط بين القانون والأخلاق". وأظهرت نتائج غير رسمية من الجولة الاولى من التصويت يوم 15 ديسمبر أن 56.5٪ من المصريين قد صوتوا لصالح الدستور - ولكن يستنكر البرادعي هذه الأرقام و يري انها نتيجة ل"تزوير ضخم"، مدعيا انه اذا كانت الانتخابات حرة ونزيهة, كانت ستسود "لا" في التصويت.
كما يحمل البرادعي، ادارة الرئيس الامريكي باراك أوباما، المسؤولية لإدانة هذه الانتهاكات لتجنب التواطؤ مع النظام المصري الاستبدادي. مضيفا "خصوصا في الولاياتالمتحدة، بصراحة، ما تراه هو رد فعل صامت للغاية"، كما يقول ان "الناس هنا يشعرون بخيبة أمل بالغة ... يريدون الأمريكان، والجميع، ان يضعوا أموالهم مع افواههم، وهذا لا يحدث."
و يصف البرادعي السياسة الأمريكية تجاه مصر ب " أنها تذكرني برؤية أشياء حدثت بالفعل، تحدث مرارا وتكرارا". فانها تذكره بموقف الولاياتالمتحدة عندما اعطت نظام مبارك حرية التحكم في حقوق الإنسان طالما يحمي مصالح واشنطن في المنطقة. وقد جمعت المعارضة أدلة على أن بعض القضاة الذين قاموا بالإشراف على عملية التصويت كانوا محتالين، و انه تم ابعاد المسيحيين عن مراكز الاقتراع. ومع ذلك، تجنبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند تقديم رأي بشأن مخالفات مزعومة في إحاطة الصحافة 17ديسمبر ، مكتفية بالقول ان الولاياتالمتحدة "لن ترى فريق آخر" حتى تنتهي العملية.
يقول البرادعي "نعم، انتخب [مرسي] ديمقراطيا, ولكن هل هذا يعطيه الحق في تحويل نفسه الى الدكتاتور؟"
حتى لو تنجح المعارضة في هزيمة الدستور، فقد حققت بعض الزخم السياسي من خلال حشد أكثر من 40 في المئة من الاصوات في الجولة الاولى وتنظيم أغلبية التصويت "بلا" في العاصمة القاهرة. يعزو البرادعي هذه المكاسب لاتخاذ مرسى خطوات خاطئة – بإصدار المرسوم الدستوري الذي أعطاه سلطات واسعة.
و يضيف " يصوت الناس ضد مجموعة يشعرون انها تستولي علي السلطة، و لم تقدم حلولا لاي من القضايا التي تهم 90٪ من المصريين، كالطعام ، والرعاية الصحية والتعليم والإسكان - وأنهم لم يروا اي من هذا"
لكن المسألة الأكثر إثارة للجدل هو مشروع الدستور، الذي يظل محتواه مصدرا للنزاع على الرغم من حقيقة أنه متاح للجمهور لأي شخص يرغب في قراءتها. يشيد به الإخوان بأنه "أعظم دستور تشهده مصر"، ونتاج لتوافق في الآراء، في حين انتقدت شخصيات وجماعات المعارضة مثل هيومن رايتس ووتش اللغة الفضفاضة المبهمة وعدم توفير الحماية لحقوق الإنسان، لا سيما بالنسبة للمرأة.
ومع ذلك، يري البرادعي، ان الخطر الدستور الرئيسي يكمن في عدم تمكنه من إيجاد أرضية مشتركة بين الجماعات المختلفة في مصر - وبالتالي ضمان عدم الاستقرار في المستقبل. و قد دعي تحالف المعارضة إلى احتجاجات يوم 18 ديسمبر و قاطع أكثر القضاة الاستفتاء، مما ادي الي مزيد من التعقيد.
يقول البرادعي, انه بدلا من الاسراع في كتابة الدستور بأغلبية قليلة، كان ينبغي أن تحاول جماعة الإخوان المسلمين بناء توافق في الآراء حول مجموعة من المبادئ التي يشترك بها جميع المصريين. انها المنطقة التي يمكن أن تقدم بها الولاياتالمتحدة بعض التوجيهات الديمقراطية: " يؤمن الناس بدءا من حزب الشاي (اليمني المتطرف) وصولا إلى الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (قمة الليبرالية) بوثيقة الحقوق".
هناك أكثر من فرصة في الأفق للبرادعي وأنصاره للحد هيمنة الإخوان المسلمين: ستجرى الانتخابات البرلمانية في غضون شهرين اذا تم تمرير الدستور. السؤال الآن هو: هل يمكن ان تعتمد المعارضة علي تنظيمها في الوقت المناسب للاستعداد لهذا التصويت ؟
و يختتم حديثه قائلا "انه تحد كبير. ... يقع الكثير من ذلك علي الإدارة، و الهيكل، وكيفية الوصول إلى القاعدة الشعبية، وكيفية الحصول على المال". و بالسؤال عما اذا كان يعتقد أن المعارضة يمكنها أن تكون أغلبية، قال: "نعم نستطيع."