ممدوح نخلة فى تصريح خاص ل"بوابة الفجر": الحديث عن وضع الأقليات بمسودة الدستور الجديد يثير وبحق مخاوفهم المشروعة، فقد نصت المادة الثالثة من مسودة الدستور على أن "مبادىء شرائع المصريين المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية, وإختيار قياداتهم الروحية", وقد وضعت هذه المادة إرضاءً للطوائف المسيحية المُمثَّلة فى اللجنة التأسيسية .
ويضيف نخلة: إن هذه المادة لم تأت بجديد, إذ أنه منذ أول يناير عام 1956, وبعد تطبيق القانون رقم "462 لسنة 1955", الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملَّيَة, فإن أحكام الشريعة المسيحية واليهودية تُطبّق فى مسائل الأحوال الشخصية متى إتحد الزوجين فى الدين والملّة والطائفة .
بينما تبقى مسائل رؤية الصغار وحضانتهم والنفقة والميراث والوصية والوقف خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية, كما أن إختيار القادة الروحانيين المسيحيين واليهود, تنظمها تشريعات متعاقبة منذ عام 1882 وحتى 1971, وعلاوة على ذلك إن هذا النص لن يحمى أصحاب العقائد الأخرى مثل "البهائية" وغيرها, حيث تختلف أحوالهم الشخصية مع المسلمين والمسيحيين واليهود, كما أنه لا يحمى الأجانب (غير المصريين) حتى لو كانوا مسيحيين أو يهود .
وأشار نخلة إلى: إن المادة السادسة التى تنص على أن يقوم النظام الديمقراطى على مبادئ الشورى والمواطنة ولايجوز قيام أحزاب سياسية على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين, فعلاوة على غرابة هذه المادة, فمن الواضح فيها سيطرة الإتجاهات الأصولية داخل الجمعية التأسيسية لفرض مصطلح الشورى بدلا من الديمقراطية .
وأكمل قائلًا: هناك فرق شاسع بينهما فالشورى فى الفقه الإسلامى هى أخذ رأى أهل الحل والعقد, وليس جموع الشعب, كما أنها غير ملزمة للحاكم فله أن ياخذ برأى الشعب أو لايأخذ .
أما الديمقراطية فهى تعنى حكم الأغلبية وملزمة للحاكم الذى يجب عليه أن يلتزم برأيهم كما أن الفقرة الأخيرة التى تحظر قيام الأحزاب على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين, فالمقصود منها إضفاء الشرعية على الأحزاب الدينية التى قامت مؤخرا بعد ثورة 25 يناير, حيث إقتصر الحظر على التفرقة بين المواطنين دون حظر الأحزاب الدينية أو ذات المرجعية الدينية .
ويؤكد نخلة على: أن "المادة 37" نصَّت على أن حرية العقيدة مصونة وتكْفُل الدولة حرية إقامة دور العبادة للأديان السماوية, وكانت قبل صياغتها الأخيرة تنص على أن حرية العبادة مطلقة إلا أن أصحاب التوجهات الدينية الأصولية إستطاعوا الضغط على اللجنه لإخراج النص على هذا النحو وإستخدام لفظ "مصونة" بدلا من "مطلقة" لمنع ظهور عقائد تخالف النظام العام بحسب ماجاء فى مناقشات اللجنة التأسيسية (كالشيعة والبهائيين), كما أن هذا النص لا يحمى أصحاب الديانات غير السماوية من ممارسة شعائرهم الدينية .
ويوضح إن المادة 68 التى كانت مثار جدل كبير بين التيارات التقدمية وجمعيات حقوق الإنسان والمرأة, فقد نصت على أن "تلتزم الدولة بإتخاذ كافة التدابير التى ترسخ مساواة الرجل مع المرأة فى مجالات الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية, وهذا النص يسئ للشريعة ذاتها, لأنه يعطى إنطباعا بأن الشريعة الإسلامية لاتكفل المساواة بين الرجل والمرأة، وتأتى هذه المخاوف المشروعة بتصريحات بعض أعضاء اللجنة التأسيسية ذاتها, والسماح بزواج القاصر متى بلغت .
وكذلك حق الزوج بضرب زوجته تأديبًا لها, ولم يقتصر الأمر على الآراء النظرية فقط, ففى بيان صدر مؤخرا من الدعوة السلفية ونشرته معظم المواقع الإخبارية ردًا على مطالبة الجمعيات الحقوقية بإعادة فتاة مسيحية قاصر قِيلَ أنها تزوجت بمسلم, وأنه سيتصدى بكل حزم لمحاولة إعادة الفتاة لأسرتها لأنها تدرك معنى الزواج وتتحمل تبعاته رغم أن الفتاة لم تتجاوز سن الرابعة عشر من عمرها .