قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن استثمارات الصين النفطية الأخيرة، والتي تمثلت في إعلان مجموعة الصين الوطنية للنفط والغاز البحرى (كنوك) شراء شركة نكسن الكندية للغاز والنفط بمبلغ 1ر15 مليار دولار أمريكي في يوليو الماضي، قد لا يشكل تهديدا لواشنطن، بل في الواقع قد يكون له أثر إيجابي على مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية. ولفتت المجلة الأمريكية - في سياق تعليق أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم - إلى أن هذا الإعلان اعقبه موجات قليلة من الاستغراب اعترمت الولاياتالمتحدة، نظرا لأنه في حال نجاحها، فإن هذه الصفقة ستكون أكبر عملية استحواذ أجنبية من قبل شركة صينية في العالم، موضحة أن هناك أربعة أسباب قد تكون مدعاة للترحيب من قبل واشنطن حيال شراء الصين شركة نكسن. ويتمثل السبب الأول في أن شراء الصين لشركة نكسن من شأنه أن يدعم نفوذ الولاياتالمتحدة بشأن إيران النووية، وذلك بالنظر إلى أن واشنطن تعمل على فرض عقوبات أكثر صرامة من أجل زيادة الضغط على طهران للحد من طموحاتها النووية، وكثيرا ما وقعت الصين أمام صانعى السياسة الأمريكية كعائق يمنعهم من فرض المزيد من العقوبات على طهران، لذا فدخول شركات النفط الصينية عالم الاستثمار الأمريكي ومع توفير فرص الاستثمار المتنوعة لهم واكتساب الخبرات، من المرجح أن يسهم كل ذلك في منع الصين من ممارسة الأعمال التجارية مع إيران - على حد توقع المجلة -.وتابعت قولها :والسبب الثاني يتمثل في أنه نظرا للاعتقاد السائد بأن خطط كنوك لشراء شركة نكسن من شأنه أن يكسبها المزيد من الخبرات في مجال الحفر في المياه العميقة - التي تنطبق على المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي- ونشر "كنوك" خبرتها المكتسبة حديثا إلى هذه المناطق يمكن أن يزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وربما يدفع ببقية الأطراف المتنازعة لجعل واشنطن طرفا في هذا النزاع الإقليمي ، فإن ذلك سيجعل من شراء كنوك لنكسن بالطبع أمر معادى للمصالح الأمريكية، إلا أن كافة الخبرات التي ستكتسبها كنوك في الخليج المكسيكي لن تعود عليها بالنفع في بحر الصين الجنوبي بسبب الاختلافات الجيولوجية بين المنطقتين. وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن القلق الأمريكي المتصاعد من أن "كنوك" قد تعمل على شحن النفط الخام أولا إلى الصين ليس له أساس، وذلك لأن الناتج الإجمالى كله لشركة نكسن ذات الأصول الأمريكية سيظل تحت السيطرة الأمريكية، وذلك بموجب قانون أمريكي ينص على أن شركات النفط لا يمكن أن تصدر إنتاجها من النفط الخام إلا بموجب تصريح مكتوب من قبل الادارة الأمريكية، ووفقا لذلك يمكن ان تعطى الحكومة الإذن في حال كان تصدير هذا النفط يصب في مصلحتها الوطنية، وبناء على ذلك ستستمر كنوك في بيع إنتاج شركة نكسن إلى معامل تصفية ساحل الخليج،وهذا يعد السبب الثالث. أما السبب الرابع، كما رأت المجلة فسيكون دليلا على أن الأبواب الأمريكية مفتوحة أمام الشركات الصينية للاستثمار، خاصة بعد أن اعتبر العديد من العاملين في الشركات الصينية رفض واشنطن لمناقصة 2005 بمثابة علامة على عدائية الولاياتالمتحدة تجاه الاستثمارات الصينية، مشيرة إلى أن العديد من الشركات الصينية أعربت عن رغبتها في الاستثمار في أمريكا، إلا أنهم يشعرون بالقلق من أن تحبط السياسة محاولاتهم لدخول السوق الأمريكية. واختتمت مجلة "فورين بوليسي" تعليقها مؤكدة أن توفير مناخ استثماري أكثر ترحيبا للشركات الصينية سيصب في مصلحة واشنطن بطريقتين؛ أولا، يمكن أن توفر الشركات الصينية رأس المال لتطوير موارد النفط والغاز الطبيعي، وإعادة بناء البنية التحتية، وتوفير فرص عمل في الولاياتالمتحدة، وثانيا:تشجيع الشركات الصينية على الاستثمار في واشنطن سيجعل الصين ترد بالمثل،في إشارة إلى أن شركة نكسن قد تعمل على دعم المفاوضات الأمريكية في الضغط على الصين لإتاحة مجال أوسع للاستثمار للشركات الامريكية،وذلك بالنظر لحالة الاقتصاد الأمريكي الهش.