يلاحظ زائر معرض باريس الدولي للسيارات ندرة الموديلات المعروضة من سيارات الصالون الفاخرة أو الموديلات السوبر رياضية؛ لأن الشركات العالمية تخشى من حدوث أزمة في المبيعات، وبالتالي لم تجرؤ على تجريب بعض الأفكار الجديدة، حيث انصب تركيز الماركات العالمية في المقام الأول على الموديلات الصغيرة والمدمجة التي يتم إنتاجها بأعداد كبيرة لمخاطبة الشريحة العريضة من العملاء. ولم تقدم شركة أوبل الألمانية سوى سيارة واحدة، خلال مشاركتها في معرض باريس الدولي للسيارات، المستمر حتى 14 تشرين أول/أكتوبر الجاري، حيث تم تركيز الأضواء على السيارة الصغيرةAdam. ويختلف الأمر كثيراً في أجنحة الشركات المنافسة لأوبل؛ حيث ركزت شركة فولكس فاغن على السيارة Golf الجديدة، في حين لم تقدم سكودا سوى الموديل Rapid الجديد. وفي جناح شركة رينو دارت النقاشات والأحاديث حول الجيل الجديد من السيارة Clio. السيارة العملية ومن الملاحظ أن سيارات الأحلام، مثل موديلات الصالون الفارهة والسيارات السوبر رياضية، والنماذج الاختبارية كانت تحتل مكاناً بارزاً في الدورات السابقة لمعرض باريس الدولي، أما الآن فقد انصب تركيز الشركات العالمية بصفة خاصة على الموديلات الأساسية وسيارات الحياة اليومية. وبالرغم من أن الموديلات الجديدة تمتاز بمزيد من السحر والروعة وتعد العملاء بالمزيد من متعة القيادة، إلا أنها تشهد عودة إلى طابع استخدامات الحياة اليومية. ويعلل البروفيسور فرديناند دوندينهوفر من جامعة دويسبورغ -إيسن، ذلك بقوله :''نظراً لكساد أسواق السيارات حالياً، أو بسبب الرغبة في تجاوز الأزمة''. وبالتالي فإن الماركات العالمية لم تعد تهتم بالرؤى المستقبلية البعيدة، لكنها تعمل على تقديم إبتكارات ملموسة قابلة للاستخدام حالياً، مع تعزيز المبيعات من خلال طرح موديلات جديدة للمساعدة على تجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة. ومن الواضح أن جميع الشركات بمعرض باريس تعول على هذه الروشتة للخروج من الأزمة، فإلى جانب سيارة فولكس فاغن Golf وسيات Leon وأوبل Adam ورينو Clio وسكودا Rapid شهد قطاع السيارات التي تلبي الاحتياجات اليومية، ظهور العديد من الموديلات الجديدة، حيث قدمت شركة تويوتا السيارة Auris الجديدة، علاوة على كشف النقاب عن موديل كومبي من هذه السيارة اليابانية المنافسة لفولكس فاغن Golf. وشاركت هيونداي وكيا في هذا السباق من خلال تقديم موديل ثلاثي الأبواب من السيارة i30 و Cee'd مع إضفاء بعض السمات الرياضية. وأجرت شركة داتشيا الرومانية بعد التعديلات والتحسينات على أفضل السيارات مبيعاً لديها Sandero وكذلك الموديل Logan منخفض التكلفة. وشهد جناح شركة فورد الأمريكية تسليط الأضواء على السيارة Fiesta المُعدلة والموديل Mondeo. وحتى شركات السيارات الفاخرة، مثل بي إم دبليو وبورشه، أصبحت تعول حالياً على الموديلات الواقعية التي يمكن طرحها حالياً في الأسواق، ولم تعد تركز كثيراً على النماذج الاختبارية التي تقدم أفكاراً طموحة ورؤى مستقبلية. لذلك قدمت شركة بي إم دبليو النموذج الاختباري Active Tourer القريب من مرحلة الإنتاج القياسي، والمتوقع طرحه في الأسواق في غضون عام واحد. وأوضحت متحدثة إعلامية باسم شركة بي إم دبليو أن هذه السيارة الجديدة لا تمتاز فقط بأنها أول سيارة فان من إنتاج الشركة الألمانية، لكنها تمتاز أيضاً بكونها أول سيارة بي إم دبليو مزودة بمحرك ثلاثي الأسطوانات مع نظام الدفع الأمامي. وبعد أن قدمت شركة بورشه سيارتها Panamera الكوبيه بأربعة أبواب بالإضافة إلى العديد من السمات والخصائص المميزة للشركة الألمانية، فإنها تقدم حالياً موديل كومبي من سيارتها الفاخرة في إطار مشاركتها بمعرض باريس الدولي للسيارات. وتطلق شركة بورشه على سيارتها الاختبارية ذات حيز أمتعة كبير اسم Sport Turismo، ويأتي هذا الموديل من السيارة Panamera بخطوط تصميمية أنيقة للغاية مزوداً بمنظومة دفع هجين Plug-in بقوة 306 كيلووات/416 حصان. وتدور تكهنات داخل الشركة الألمانية بأنه من المتوقع طرح هذا الموديل الجديد في الأسواق خلال السنوات القليلة المقبلة. تقليص (SUV) وعلى الجانب الآخر يتزايد حالياً اتجاه الشركات العالمية نحو تقليص حجم الموديلات الرياضية متعددة الاستخدامات (SUV) لتصبح سيارات مناسبة للحياة اليومية، حيث شهد جناح شيفروليه تسليط الأضواء على السيارة Trax المدمجة وقريبة الشبه من سيارة أوبل Mokka. علاوة على قيام شركة فورد لأول مرة في أوروبا بتقديم السيارة EcoSport المعتمدة على قاعدة الموديل Fiesta. وقامت شركة بيجو الفرنسية صاحبة الأرض بتحويل السيارة 208 إلى موديل الكروس أوفر 2008 الصغير. علاوة على اكتشاف شركة أودي الألمانية مدى شغفها بالسيارة الرياضية متعددة الاستخدامات(SUV)؛ حيث قدمت النموذج الاختباري Crosslane، الذي يقل بمقدار 15 سنتيمتراً تقريباً عن سيارة أودي Q3. وأوضح جوزيف شلوسماخر، المتحدث الإعلامي باسم شركة أودي، أن هذه السيارة الاختبارية قد توضح بعض الجوانب التصميمية المستقبلية للسيارة Q2 المرتقبة. الحفاظ على البيئة وبالرغم من استمرار الاهتمام بمسألة الحد من الانبعاثات الضارة، إلا أنها لم تعد هي الموضوع الأكثر أهمية، حيث لم يظهر بمعرض باريس خلال هذا العام سوى عدد محدود من السيارات المستقبلية التي تهدف إلى الحفاظ على البيئة. وأوضح نيك مارغيتس من شركة جاتو دايناميكس لتحليل الأسواق أن الموديلات المقرر طرحها في الأسواق قريباً تمتاز بتفوق واضح في نسبة توفير الوقود. ومن ضمن الموديلات الصديقة للبيئة المخصصة للاستخدامات اليومية سيارة مرسيدس – بنز من الفئة B المزودة بمحرك يعمل بالغاز الطبيعي أو الطاقة الكهربائية، كذلك سيارة رينو Zoe الكهربائية المقرر دخولها مرحلة الإنتاج القياسي خلال الأسابيع القادمة، بالإضافة إلى موديل فولكس فاغن Golf Blue Motion، والذي يحتاج إلى معدل استهلاك يبلغ 2ر3 من وقود الديزل لكل 100 كيلومتر، وهو ما يعادل 85 جم/كلم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتعد الشركة الألمانية عملائها بطرح سيارة Golf اقتصادية للغاية في الأسواق خلال الصيف القادم. الإبداعات الجديدة وبالطبع لا يمر حدث مهم في عالم السيارات، مثل معرض باريس الدولي، دون ظهور بعض الإبداعات الجديدة متمثلة في النماذج الاختبارية وسيارات الأحلام باهظة التكلفة؛ حيث قامت شركة جاجوار على سبيل المثال بإجراء بعض التعديلات والتحسينات على سيارتها الرياضية F-Type ثنائية المقاعد لأول مرة منذ 50 عاماً وتطرحها في الأسواق بأسعار تبدأ من 94 ألف و 400 دولاراً أمريكياً. ومن يرغب في الانطلاق بسرعة أكبر، مع زيادة التكلفة بالطبع، يمكنه اقتناء السيارة السوبر رياضية ماكلارين P1، التي سترث عرش السيارة F1، بعد حياة حافلة بالنجاح امتدت لأكثر من 20 عاماً. وتأتي السيارةP1 الجديدة مزودة بمنظومة دفع هجين مستمدة من سباقات الفورميلا 1 وتولد قوة 721 كيلووات/980 حصان، ويمكنها الانطلاق بسرعة قصوى تصل إلى 380 كلم/ساعة. وبنفس مستوى الرقي في الأداء فإن تكلفة السيارة تبلغ أرقام فلكية، حيث تتوافر نظير 9ر1 مليون دولار أمريكي، ويقول محلل السوق مارجيتس :''يمكن طرح هذه السيارة بأي تكلفة مهما كانت باهظة؛ لأن العملاء في هذه الفئة من الأسعار لا يعرفون الأزمات المالية''.
