رويترز خاضت قوات المعارضة معارك مع القوات الحكومية قرب معبر حدودي تركي يوم الثلاثاء ووصلت بعض الرصاصات الطائشة الى تركيا التي تدعم الانتفاضة المستمرة منذ 18 شهرا ضد الرئيس بشار الاسد. وتحولت الانتفاضة التي بدأت كاحتجاجات سلمية في الشوارع قمعها الأسد عسكريا الى حرب اهلية اودت بحياة اكثر من 27 الف شخص. ويقترب العدد اليومي للقتلى الان من 200 وشهد شهر أغسطس آب سقوط أكبر عدد من القتلى حتى الان. وفي محاولة اخرى لوقف اراقة الدماء ذكر الاعلام الرسمي الايراني ان وزير الخارجية الايراني اقترح تشكيل بعثة مراقبة اقليمية جديدة قبيل ان يجري محادثات مع الاسد في دمشق يوم الاربعاء. وانهارت بعثتان سابقتان للمراقبة. وسمع شاهد عيان من رويترز على الجانب التركي من معبر تل ابيض نيران رشاشات كثيفة على فترات متقطعة ورأى سيارة اسعاف قريبة. وقال مسؤول تركي ان رصاصات طائشة اصابت بعض المنازل في بلدة اكاكالي مما اسفر عن اصابة امرأة. واضاف أن المعارضة المسلحة تحاول السيطرة على تل ابيض الذي كان معبرا رئيسيا للتجارة التركية السورية في وقت السلم وتردد أن المعارضة استخدمته في تهريب السلاح في العام الاخير. وهذه هي اول محاولة فيما يبدو من جانب المعارضة لانتزاع السيطرة على منطقة حدودية في محافظة الرقة التي لا تزال اغلب مناطقها على ولاء شديد للاسد. ويسيطر مقاتلو المعارضة على معبرين اخرين على الحدود الشمالية مع تركيا. ومن شأن السيطرة على معبر ثالث أن يساعدهم على تعزيز سيطرتهم في الشمال وزيادة الضغط على الجيش النظامي وهم يقاتلونه للسيطرة على مدينة حلب. ويقول سكان في محافظة الرقة انه لم يرحب بمقاتلي المعارضة في المحافظة سوى بلدة واحدة قرب الحدود. ونظمت البلدة احتجاجا مناهضا للاسد يوم الثلاثاء مما دفع الحكومة الى قصفها الامر الذي اسفر عن اصابة عدة اشخاص واندلع القتال لاحقا. وبات من السهل اختراق اجزاء من الحدود السورية مع تركيا ولبنان والعراق مع اتساع نطاق الصراع. وتدفق اكثر من 200 الف لاجئ على تركيا والاردن فرارا من قصف القوات الموالية للاسد في اطار ملاحقتها للمعارضة. وعبرت بعض القذائف الحدود احيانا واقترب القتال في بعض الاحيان من الحدود الى درجة تأهب الجيوش في الدول المجاورة. ودمر القتال حلب وحمص ثاني وثالث أكبر مدن سوريا. وسويت احياء كاملة في المدينتين بالارض مع اعتماد الجيش النظامي على القصف بالطائرات المقاتلة وطائرات الهليكوبتر واعتماد المعارضة على القنابل المجمعة يدويا من مواد مختلفة. كما تشهد دمشق التي كانت تعتبر في وقت من الاوقات المعقل المنيع للاسد قصفا شبه يومي واشتباكات على اطرافها. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن ان ما لا يقل عن خمسة من مقاتلي المعارضة واربعة جنود قتلوا في احدث اشتباكات على الاطراف الجنوبية للعاصمة. وتحاول القوات السورية القضاء على موطئ قدم للمعارضة في الضواحي الجنوبية والشرقية لدمشق. ودمر القصف المكثف من جانب الجيش بلدات معارضة في محافظة درعا في الجنوب وهي مهد الانتفاضة ومحافظة ادلب في الشمال قرب الحدود التركية. وقال المرصد ان اكثر من 60 شخصا قتلوا في انحاء البلاد قبل حلول المساء يوم الثلاثاء. وذكرت وكالة الانباء الايرانية الرسمية ان وزير الخارجية علي اكبر صالحي طرح اقتراحه تشكيل قوة مراقبة خلال لقاء "مجموعة اتصال" اقليمية في القاهرة يوم الاثنين. وقال ان المراقبين يجب ان يكونوا من الدول الاربع الاعضاء في المجموعة وهي ايران ومصر والسعودية وتركيا. ونظرا الى الافتقار الى الثقة المتبادلة داخل المجموعة فمن غير الواضح ما اذا كانت هناك فرصة كبيرة لنجاح اقتراح صالحي. ويمثل التجمع الجديد خليطا غير متجانس من المؤيدين والمعارضين للانتفاضة. وتقف ايران بجانب الاسد في حين تطالب السعودية ومصر وتركيا بتنحيه. وقالت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية "اقترح صالحي ارسال مراقبين من الدول الاربع لمراقبة وقف العنف واجراء حوار والتشديد على الحاجة الى احساس بالاندماج والوحدة الوطنية ووحدة الاراضي السورية." وانهارت بالفعل بعثتان سابقتان للمراقبة في سوريا. وغادرت الاولى التي كانت تضم مجموعة من مراقبي الجامعة العربية احتجاجا على استمرار تصاعد العنف مع عدم وجود علامة تذكر على الاصلاح السياسي الذي تعهد به الاسد. وسحبت بعثة الاممالمتحدة معظم مراقبيها لاسباب مماثلة. ويشتد العنف وتتسع رقعته في البلاد وتدفق اكثر من 200 الف لاجئ على الدول المجاورة. وفتح العراق يوم الثلاثاء المعابر الحدودية التي كان اغلقها في أغسطس آب للسماح بدخول 100 لاجئ سوري يوميا. لكن مسؤولين عراقيين قالوا ان العراق لن يسمح بدخول شبان لدواع أمنية حيث يعتقد ان كثيرا من الشبان من مقاتلي المعارضة. وأبدى دبلوماسيون ومسؤولون غربيون تشككهم في إمكان أن تتوصل مجموعة الاتصال الجديدة التي اجتمعت في القاهرة لاي اتفاق من شانه ان يوقف دوامة العنف في سوريا. فالدول الاربع بينها خلافات ذات ابعاد طائفية واستراتيجية لا يمكن تجاوزها على ما يبدو. وتؤيد السعودية وتركيا المعارضة السورية بنشاط ويعتقد انهما تقومان ايضا بتدريب مقاتليها. وتلقي دول سنية اخرى في المنطقة ايضا بثقلها وراء الانتفاضة التي تقودها الاغلبية السنية في سوريا. اما ايران الشيعية فتدعم الاسد الذي ينتمي الى الاقلية العلوية الشيعية المهيمنة على البلاد منذ عقود. واعترفت طهران بوجود أفراد من حرسها الثوري في سوريا لكنها قالت انهم يقومون بدور استشاري. وتقول المعارضة ان القوات الايرانية تساعد الاسد عسكريا. وفيما يبرز التوتر الكامن لم يحضر وزير خارجية السعودية اجتماع القاهرة لمجموعة الاتصال يوم الاثنين. وقال مسؤولون مصريون انه لم يحضر لاسباب صحية لكنهم لم يذكروا سبب عدم حضور احد مكانه. وتبدو القوى العالمية ايضا منقسمة وفق خطوط التماس في الحرب الباردة حيث تساند القوى الغربية المعارضة السورية وتعرقل روسيا والصين اي تدخل عن طريق تفويض من الاممالمتحدة يهدف الى الاطاحة بالاسد. وذكر الاعلام الرسمي الايراني ان صالحي الذي يدعو مثل موسكو وبكين الى حل داخلي دون تدخل خارجي سيجتمع مع الاسد غدا الاربعاء ويقترح سبلا لحل الازمة السورية