تتكىء فتاتان احداهما فلسطينية والاخرى يهودية على عارضة حديدية مطلة على البحيرة الصناعية لمشاهدة قرود من فصيلة الغيبون تقفز في استقبال زوار "حديقة حيوانات القدس التوراتية" بالصراخ والايماءات. وبعد توقف القرود عن الصراخ تركض زينب (7 اعوام) الى والديها شريهان ومحمد ابو سبيتان من حي الطور الفلسطيني في القدسالشرقية بينما تذهب تالي (6 اعوام )الى شقيقتها الكبرى شيرا كلوبر من حي جائولا لليهود المتشددين في القدسالغربية والتي تشرف على اخوانها الخمسة.
تمتد حديقة الحيوان "التوراتية" على مساحة 25 هكتارا في واد جنوبالقدس وهي من الاماكن الترفيهية القليلة في المدينة المقدسة التي تمكن السكان العرب واليهود الذين يعيشون في احياء منفصلة مع بعض الاستثناءات من التقاء عائلاتهم.
وتشرح سيغاليت دفير-هيرز المسؤولة في حديقة الحيوانات لوكالة فرانس برس "نسعى جاهدين إلى أخذ زوارنا العرب بالاعتبار. كل التوجيهات مترجمة الى العربية ولدينا عدد من الموظفين العرب في الحديقة خصوصا بين المرشدين".
وتقف الفتاة المحجبة الفت ابو قطيش (20 عاما) على المدخل لتستقبل الزوار بابتسامة وهي ترتدي اللباس الاخضر الخاص بموظفي الحديقة.
وتقول ابو قطيش التي تزود زوار الحديقة بالمعلومات "يختلط اليهود والعرب هنا ويعملون معا. هنا ننسى السياسة لبعض الوقت على الرغم من ان كلا منا لديه افكاره التي ليس مستعدا للتخلي عنها".
وتعد الحديقة متشبعة بالافكار الصهيونية إذ إنها انشئت عام 1993 باسم "حديقة الحيوان التوراتية" بهدف جمع كل الحيوانات المذكورة في الكتاب المقدس اليهودي.
وبفضل الحديقة، تم حفظ بعض الانواع المهددة بالانقراض واعادة اطلاقها الى البرية مثل الاسد الاسيوي والدب السوري البني والفهد الصياد وتمساح النيل والايل الاسمر الفارسي.
وفي الحديقة اليوم "عشرات الفصائل" من بين أسماء الحيوانات المئة والعشرين المذكورة في التوراة، على حد قول دفير-هيرز التي تشير الى انه من الصعب اعطاء رقم دقيق لان بعض الاسماء المستخدمة في الكتاب ليست دقيقة.
لكن الزهور والشلالات والمروج المنسقة في الحديقة غير كافية لكسر الحواجز بين العائلات الفلسطينية واليهودية الزائرة.
وتقول شيرا كلوبر (16 عاما) التي تجلس على بطانية مع اخوتها "عائلة عربية؟ أين"، متظاهرة بانها لا ترى عائلة ابو سبيتان الفلسطينية التي تجلس تحت شجرة على بعد امتار قليلة.
أما محمد ابو سبيتان فيقول وهو يحضن ابنته زينب "الحديقة لطيفة،آتي إلى هنا كي تتمكن ابنتي من اللعب على العشب ورؤية الحيوانات. ان تكلم معي اليهود فانا اجيبهم ولكن الحديث ينتهي هنا".
ويتابع "لكل منا جهته مع عائلته، ليس هناك اي اتصال حقيقي بيننا".
ويبدو التوتر ظاهرا ايضا بين موظفي الحديقة، ويقول احد البستانيين العرب الذي طلب عدم الكشف عن اسمه "لا يوجد صراع ظاهر بين اليهود والعرب ولكن كما في الكثير من الحالات في اسرائيل، يعاني الموظفون العرب من التمييز في الرواتب".
ويتابع "عندما يكون هناك سلام، سيعامل العرب مثل اليهود".