لا يساور القيادة الفلسطينية أية أوهام بأن قبول الجمعية العامة للأمم المتحدةبفلسطين كدولة غير عضو يعني إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر أو تغيير الوضع القائم على الأرض جذريا، ولكن القيادة ترى بهذا القبول خطوة كبيرة لاعتراف دولي بأن إسرائيل دولة محتلة للدولة الفلسطينية. ويمثل توجه القيادة الفلسطينية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو نقلة نوعية في العمل السياسي الفلسطيني الذي اعتمد أساسا منذ اتفاق أوسلو على المفاوضات التي يقول المسؤولون الفلسطينيون أنها لم تفضي حتى الآن إلى ما كان يؤمل تحقيقه وهي دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967.
ويقطع ذلك أيضا الطريق على الحكومة الإسرائيلية التي تصف الأراضي الفلسطينية عام 1967 بأنها أراض متنازع عليها.
وتقول وثيقة أعدتها دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية : أن رفع وضع فلسطين في الأممالمتحدة لصفة "دولة مراقبة" لن يغير حقيقة الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وبالتالي لن يكون له تأثير على وضع الأرض كأرض محتلة أو على التزامات وواجبات إسرائيل كقوة احتلال بموجب القانون الدولي، إلا أن الاحتلال في هذه الحالية سيتم النظر إليه من قبل الأممالمتحدة والمجتمع الدولي على انه احتلال لدولة من قبل دولة أخرى عضو في الأممالمتحدة مما سيخلق ديناميكية سياسية وخطاب سياسي مختلفين بين إسرائيل وباقي الدول الأعضاء.
وتضيف: كما أن رفع صفة فلسطين قد يعزز قدرة القيادة على إلزام إسرائيل بتحمل مسؤولياتها وواجباتها كقوة احتلال باستخدام أدوات وآليات دولية قانونية جديدة تصبح متوفرة أمام فلسطين.
وتشير بهذا الشأن إلى أن : الهيئة العامة للأمم المتحدة تعتبر أعلى هيئة مختصة في اتخاذ القرارات في الأممالمتحدة، وبالتالي فإن رفع صفة فلسطين في هذه الهيئة سيكون من شأنه أن يبت بشكل قاطع في السؤال حول إذا ما كانت فلسطين دولة أم لا ويمتد ليشمل نظام الأممالمتحدة بأكمله بما في ذلك وكالات الأممالمتحدة والمعاهدات الدولية (على سبيل المثال، أشار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية في رأيه حول إعلان فلسطين كدولة أن في حال قيام "هيئة مختصة" في الأممالمتحدة مثل الهيئة العامة بالبت في وضع فلسطين كدولة، عندها سيتم حل موضوع الاختصاص والولاية أمام محكمة الجنايات الدولية).
وقد بدأ الرئيس محمود عباس تهيئة الرأي الدولي لقرب تقدمه بطلب إلى رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب حصول فلسطين على اعتراف دولة غير عضو على غرار دولة الفاتيكان.
وإن كانت القيادة الفلسطينية لم تحدد الموعد الذي ستتقدم فيه بهذا الطلب فان المسؤولين في القيادة الفلسطينية أكدوا على أن الرئيس عباس سيطرح الموضوع صراحه في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في السابع والعشرين من أيلول المقبل وسيودع طلب بهذا الشأن لدى رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومع ذلك فان رفع صفة فلسطين لن يؤثر على قدراتها في نظام الأممالمتحدة. على سبيل المثال لن تتمتع دولة فلسطين بالحق في التصويت في هيئات الأممالمتحدة الرئيسية، بما في ذلك في الهيئة العامة، ولن يسمح بانتخابها لمناصب أو أن تتولى مناصب في هذه الهيئات، وبالتالي، لن تستطيع دولة فلسطين الجلوس كعضو غير دائم في مجلس الأمن أو أن يتم انتخابها لتولى رئاسة الهيئة العامة على سبيل المثال، كما تقول وثيقة دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير.
وخلافا للاعتقاد السائد فان قبول فلسطين كدولة غير عضو في الأممالمتحدة سوف لن يعني انضمامها مباشرة إلى منظمات الأممالمتحدة وعددها 16.
ويؤكد المسؤولون الفلسطينيون على أن القيادة الفلسطينية لن تسرع في الحصول على عضوية هذه المؤسسات لتفادي المزيد من الصدامات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي سارعت إلى قطع المعونة عن منظمة (اليونسكو) عندما تم قبول عضوية فلسطين الكاملة فيها.
وتقول وثيقة منظمة التحرير: أن السعي للحصول على العضوية في مزيد من وكالات الأممالمتحدة المتخصصة يجب أن ينطوي على حسابات دقيقة للتكلفة السياسية والفوائد والنتائج المترتبة عن مثل هذه الخطوة.
وأضافت: على سبيل المثال الحصول على عضوية الاتحاد الدولي للبريد لن تؤدي على الأرجح إلى تداعيات وردود سياسية كبيرة من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالمقابل فإن محاولة فلسطين الحصول على عضوية المنظمة الدولية للملكية الفكرية ستؤدي إلى غضب جدي من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية يدفعه ويحركه الصعوبة التي ستجدها أميركا في الحفاظ على تهديدها بقطع التمويل عن أي هيئات تابعة للأمم المتحدة تعامل فلسطين كدولة. والسبب في ذلك أن أي احتمال لقطع التمويل عن المنظمة الدولية للملكية الفكرية من شأنها أن يؤثر سلبا على مصالح اقتصادية وصناعية أمريكية حيوية وذات نفوذ في الولاياتالمتحدةالأمريكية.
وتتابع: الولاياتالمتحدةالأمريكية ليست عضوا في منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية أو في المنظمة الدولية للسياحة وبالتالي لن يكون هناك أي قطع للتمويل عن هذه الوكالات في حال انضمام فلسطين لعضويتها.
كما أن رفع التمثيل لصفة "دولة مراقبة" سيمنح فلسطين الشخصية القانونية الكاملة كدولة بموجب القانون الدولي وسيسمح لها أن تكون طرفا في غالبية المعاهدات الدولية التي تكون العضوية فيها مفتوحة لكل الدول.