محافظ البحيرة تعقد أول اجتماع مع رؤساء المدن لمناقشة آليات العمل    جامعة المنيا ضمن أفضل الجامعات المصرية بالتصنيف الهولندي للجامعات    وزير الصحة يستقبل وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية لمتابعة الخطة التدريبية للمسعفين المصريين    قريتان للسياحة العلاجية والذكية أبرز مشروعات تخرج طلاب هندسة سوهاج    تحرك من محافظة الجيزة لإنهاء مشكلة انقطاع المياه بمنطقة الطوابق    وزير التموين الجديد: المواطن سيشعر قريبا بتحسن الأسعار    مظاهرات بأوروبا تطالب بوقف الحرب على غزة (فيديو)    اليمن: ميليشيات الحوثي تقصف مناطق سكنية غرب تعز    12 صورة ترصد افتتاح وزير الشباب منشآت رياضية جديدة بالجيزة    من الاتجار في الدولار.. «الداخلية»: القبض على متهم بغسل 30 مليون جنيه    الأمن يكشف تفاصيل مشاجرة داخل مستشفى بأكتوبر    قرار قضائي بشأن «سرقة تمثال أوزوريس من المتحف المصري الكبير»    ابدئي صفحة جديدة، مى كساب توجه رسالة مؤثرة لشيرين عبدالوهاب    زيارة مفاجئة من «الصحة» لمستشفى عين شمس العام للتأكد من جودة الخدمات الطبية    بهذه الطريقة.. نجوم الفن يودعون اللاعب أحمد رفعت    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    «حياة كريمة» تطلق مبادرة «أنت الحياة» في القنطرة بالإسماعيلية (صور)    مسؤول سابق بجيش الاحتلال: إسرائيل فقدت الثقة الدولية    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس في القاهرة والمحافظات بالخطوات    استشاري مشروع حديقة الأزبكية: نقل سوق الكتب إلى ساحة سنترال الأوبرا    ميكالى للاعبي المنتخب الأولمبي: سنحارب من أجل الوصول لأبعد نقطة فى الأولمبياد    بعد نجاح فيلم السرب.. عمر عبدالحليم ينتهي من كتابة فيلم الغواصة    الشربيني يتفقد الموقف التنفيذى لوحدات "سكن لكل المصريين" ببرج العرب الجديدة    دعاء استقبال العام الهجري الجديد 1446.. أفضل الأدعية لتيسير الأمور والرزق وقضاء الحاجة    مجلس النواب يعلن تغيير موعد بدء جلسة عرض برنامج الحكومة    الكشف على 706 مواطنين في قافلة علاجية بقرية الحلفاية بحرى في قنا    طلب مفاجئ من ماجد سامي بعد وفاة أحمد رفعت| عاجل    «المشاط»: تطوير سياسات الاقتصاد الكلي بهدف دفع جهود التنمية وزيادة الاستثمارات في قطاعي الصحة والتعليم وتوطين الصناعة    وزارة التموين: تطوير 9 مطاحن وزيادة القدرة الإنتاجية ل1970 طن دقيق يوميا    ستارمر: الدفاع والأمن على رأس أولويات الحكومة البريطانية الجديدة    إصابة شابين بالرصاص الحي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في شرق نابلس    أحدث ظهور ل ياسمين عبد العزيز داخل الجيم..والجمهور: "خسيتي وبقيتي قمرين"    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    مصرع شخص أسفل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    بيع القمامة بدلًا من إلقائها.. بورصة إلكترونية للمخلفات ومصانع التدوير    الحوار الوطني يناقش توصيات المرحلة الأولى ويفتح ملف الحبس الاحتياطي    وفاة عاملان صعقا بالكهرباء داخل مزرعة مواشى بالغربية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    يورو 2024 - ناجلسمان: تعويض كروس سيكون صعبا.. وأقاوم الدموع    جهود التحالف الوطني في الدعم الاجتماعي والصحي خلال أول 6 أشهر من 2024    للاستشارات الهندسية.. بروتوكول تعاون بين جامعتي الإسكندرية والسادات- صور    عاجل | ننشر أسماء المحكوم عليهم بالإعدام شنقًا في "حرس الثورة"    رئيس الوزراء يوجه بالإسراع في تنفيذ مبادرة «100 مليون شجرة»    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    الصحة تطمئن على جودة الخدمات المقدمة بمستشفى عين شمس العام    يورو 2024| تشكيل منتخب إنجلترا المتوقع لمواجهة سويسرا    وفاة اللاعب أحمد رفعت إثر تدهور حالته الصحية    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    الداخلية الإيرانية: تقدم بزشيكان على جليلي بعد فرز أكثر من نصف الأصوات    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    قوات الدفاع الجوي الأوكرانية تسقط 4 صواريخ روسية موجهة شرقي البلاد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عماد أبو غازي يكتب: من الاحتلال إلى الثورة.. مصر تحكمها القوانين الاستثنائية
نشر في الفجر يوم 24 - 06 - 2012

شهد عصر السادات فى أعقاب ما سماه «ثورة التصحيح» انفراجة ديمقراطية اتسعت بعد حرب أكتوبر 1973، فتم تعديل قانون الطوارئ وقانون الإجراءات الجنائية بما يحقق مزيدا من الضمانات للمعتقلين والمحبوسين احتياطيا، وهى تعديلات ألغيت عقب اغتيال الرئيس السادات فى أكتوبر 1981، لكن النظام كان يعطى بيد ويأخذ ما يعطيه تشريعيا باليد الأخرى، خاصة مع استمرار حالة الطوارئ حتى مايو 1980.

لم تنته حكاية مصر مع القوانين الاستثنائية بصدور تصريح 28 فبراير 1922 وإعلان استقلال مصر، وتحول مصر إلى ملكية دستورية، ففى أعقاب صدور دستور 1923 بدأت الحكومات التى أدارت البلاد قبل إجراء أول انتخابات نيابية على أساس الدستور الجديد فى إصدار تشريعات تحاصر الحريات التى نص عليها الدستور، فصدر قانون الاجتماعات فى 30 مايو 1923 ليقيد حق الاجتماع والتظاهر، كما صدر قانون الأحكام العرفية فى 26 يونيو 1923 ليضع فى يد الحكومة سلطات لا حدود لها فى حالة إعلان الأحكام العرفية التى تغير اسمها سنة 1958 لتصبح حالة الطوارئ، وقد وضعته الحكومة قبل انتخاب البرلمان بشهور قليلة حتى تتجنب رفضه من البرلمان المنتخب.

وعندما وقع الانقلاب الدستورى الأول سنة 1925 أصدرت وزارة زيور باشا مرسوما بقانون فى يوليو 1925 بتعديل قانون العقوبات فى المواد الخاصة بجنح الصحافة والنشر بقصد تشديد العقوبات وإفساح المجال لإغلاق الصحف، ووسع دائرة الاتهام فيما ينشر بالصحف بالنص على عقاب كل من «يعمل على تضليل الرأى العام فى أعمال السلطات العامة أو بأى طريقة أخرى»، ليدخل على النظام القانونى المصرى نصوصا غامضة فضفاضة لا تعرف الجرائم تعريفا جامعا مانعا.

وفى أكتوبر من نفس العام استصدرت حكومة زيور باشا مرسوما بقانون الجمعيات والهيئات السياسية جعلت به الجمعيات والأحزاب واقعة تحت رحمة الحكومة، كما عدلت الحكومة قبل نهاية عام 1925 قانون الانتخابات فضيقت فيه حق الانتخاب.

وفى عهد حكومة محمد باشا محمود التى عرفت بحكومة القبضة الحديدية 1928/ 1929، تم تعديل لائحة المحاماة بسبب تبرئة نقابة المحامين لمصطفى النحاس وويصا واصف وجعفر فخرى من تهم الفساد، وكان هذا التعديل نموذجا لشخصنة القوانين، ثم أصدرت الحكومة مرسوما بقانون فى مارس 1929بفرض عقوبة الحبس والغرامة أو كليهما على كل من حرض على كراهية نظام الحكم أو الازدراء به، وهذا أيضا تعبير مطاط غير واضح يجرم إبداء الرأى ما زالت تأثيراته قائمة إلى الآن، كما أصدرت مرسوما آخر بتشديد العقوبات فى مخالفة قانون الاجتماعات للتضييق على حق المواطنين فى الاجتماع والتظاهر.

جاءت الموجة التالية من موجات العدوان على الشرعية القانونية فى العصر الليبرالى فى ظل حكومات إسماعيل صدقى، ففى الانقلاب الدستورى سنة 1930 تعرضت الحريات الديمقراطية كلها لمحنة شديدة، وفى فبراير 1931 عدلت الحكومة قانون العقوبات لتستحدث نصوصا تعاقب على التعبير عن الرأى من خلال الصحافة، ومن تلك النصوص التى ما زالت آثارها قائمة إلى يومنا هذا، عقاب من ينشر أخبارا بشأن تحقيق جنائى قائم، ومن ينشر أمورا من شأنها التأثير فى القضاة أو رجال النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بالتحقيق، أو التأثير فى الرأى العام!.

وبعدها بأشهر قليلة عدلت قانون العقوبات مرة أخرى لتشدد العقوبات على «جرائم» النشر التى تقع عن الطريق الصحف وغيرها من طرق النشر، واستحدثت مصطلحات تحكمنا إلى يومنا هذا مثل «الإضرار بالمصلحة العامة» و«الإخلال بالنظام العام» و«التحريض على قلب نظام الحكومة» و«التحريض على كراهية النظام أو الازدراء به»، كما وضعت الحكومة قانونا جديدا للمطبوعات تضمن شروطا تعجيزيه لإصدار الصحف.

وفى حكومة إسماعيل صدقى الثانية سنة 1946 عدل قانون العقوبات وأضاف المادة 98 أ بالمرسوم بقانون 117 لسنة 1946 من وراء ظهر السلطة التشريعية وفى غيابها، ليجرم قيام الأحزاب على أساس طبقى مستعيرا هذه المادة من تشريعات موسولينى الفاشية بعد سقوط موسولينى وإعدامه.

وفى أعقاب انقلاب يوليو استفاد النظام من التشريعات التى سنها بطرس غالى ومحمد سعيد وزيور ومحمد محمود وإسماعيل صدقى وغيرهم من منتهكى حريات المصريين وأضاف إليها حتى أصبحت مصر تمتلك ترسانة من أكبر ترسانات التشريعات الاستثنائية سيئة السمعة، وفى ظل نظام يوليو تراجعت الحريات العامة ولجأ النظام الجديد إلى التوسع فى استخدام التشريعات الاستثنائية وإنشاء المحاكم الاستثنائية، التى عرفتها مصر مع الاحتلال البريطانى، لكن تحت مسميات محاكم الشعب ومحاكم الثورة ومحاكم الغدر، وهى المحاكم التى لم تلتزم فى عملها بقانون الإجراءات الجنائية، كما لم يلتزم بعضها بقانون العقوبات، وقد استندت تلك المحاكم بما أطلق عليه «الشرعية الثورية»، وكذلك إلى استمرار حالة الطوارئ معلنة لفترات طويلة دون توقف أو انقطاع، وقد كانت هذه المحاكم والإجراءات الاستثنائية سلاحا موجها ضد معارضى النظام كما كانت أيضا سلاحا ضد المنشقين على النظام من داخله، كما توسع النظام بعد يوليو 1952 فى إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، ومحاكمتهم أمام قضاة غير قضاتهم الطبيعيين.

شهد عصر السادات فى أعقاب ما سماه «ثورة التصحيح» انفراجة ديمقراطية اتسعت بعد حرب أكتوبر 1973، فتم تعديل قانون الطوارئ وقانون الإجراءات الجنائية بما يحقق مزيدا من الضمانات للمعتقلين والمحبوسين احتياطيا، وهى تعديلات ألغيت عقب اغتيال الرئيس السادات فى أكتوبر 1981، لكن النظام كان يعطى بيد ويأخذ ما يعطيه تشريعيا باليد الأخرى، خاصة مع استمرار حالة الطوارئ حتى مايو 1980.

ففى عهد السادات صدرت تشريعات استثنائية معيبة مثل قانون حماية أمن الوطن والمواطن وقانون حماية الوحدة الوطنية وقانون الاشتباه وقانون حماية القيم من العيب وقانون المدعى العام الاشتراكى، وكلها قوانين قيدت الحريات العامة للمواطنين وأسست لتغول السلطة التنفيذية، وإذا كانت غالبية هذه القوانين قد ألغيت أو عدلت فى بداية عصر مبارك، إلا أن عصره شهد فى المقابل تعديلات تشريعية أدت إلى أوضاع أكثر سواء للحريات، خاصة التعديلات على قانون الطوارئ وأدت إلى إهدار كل الضمانات التى نصت عليها التعديلات التى أدخلت فى عصر السادات.

ولم يتغير الحال كثيرا بعد ثورة 25 يناير للأسف.

من الجدير بالذكر أن إصدار مثل هذه القوانين كان دائما يأتى بحجة حماية الوحدة الوطنية، ومواجهة الفتنة الطائفية، أو مقاومة الإرهاب، أو التصدى للبلطجة، لكن اللافت للنظر أن أيا من هذه القوانين أو استمرار حالة الطوارئ لم تحم مصر من الإرهاب أو الاعتداءات الطائفية أو البلطجة، بل تفاقمت كل هذه الظواهر فى ظلها، وكانت مثل تلك القوانين وسيلة فقط لحماية النظام الاستبدادى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.