بعد بحث طويل فى التاريخ عن أساليب المقاومة للفساد عثرنا عن عقوبة من ابداع الشعب المصري فى مقاومة كل من اعتدى عليه من الفاسدين. كان (التجريس) عقوبة رادعة لكل من عبثوا بمصالح المواطنين، فهو أشد قسوة من السجن والتعذيب ، فقد كان (المجرس) ينزوي ويختفي عن عيون المواطنين، وأصبحت العقوبة شديدة الردع لكل من يحاول أن يفسد حياة المواطنين بالسرقة والسلب ونهب الأموال ولمحاصيل والممتكات العامة والخاصة. كان توقيع العقوبة يتم وسط أكبر الميادين بأن يأتى المواطنين بحمار ويتم وضع ( المجرس) عليه و وجه بعكس وجه الحمار، و يتم تعليق عدد كبير من الأجراس فى ملابسه مع دهان وجهه بمواد ذات ألوان مختلفة وتبدأ الزفة بالإعلان عن التهم الموجه إليه والعقوبة الموقعة عليه، وسرعان ما تبدأ المسيرة الكبرى حيث يتقدمها الآلاف من الرجال وخلف (المجرس) الصبية وتخترق المسيرة كل حوارى المدينة وتعلو الهتافات منددة بأفعال وأعمال (المجرس)، وتعلو الضحكات مع الهتافات وتشق زغاريد النساء الحوارى والميادين، وبعد المرور فى كافة الحوارى وانتهاء حفل (التجريس) يتم إنزال (المجرس) و تركه ومقاطعته وإنهاء اى علاقة معه حتى الحديث يمتنع المواطنين من التعامل معه. ونحن الآن نعيش فى زمن المعتدى عليه أصبح مدان ويدفع الثمن ومن اعتدى عليه يعيش فى حماية قانونية، لقد انقلب الزمن وتحول الجاني إلى مجنى عليه والمجنى عليه أصبح هو الجاني!! عشنا فى ظل خمسة حكومات وعدد كبير من الوزراء و كلا منهم يأتينا بأرقام غريبة عن أموالنا المختفية فى مقابر الخزانة العامة وبنك الاستثمار وهذه الأرقام الخيالية والمخيفة تجعل كل واحد منا مليونير فى الأحلام! من يصدق أننا نملك بما تعلنه الحكومة وكل الحكومات وكافة انواع الوزارات إننا نملك رسميا 540 مليارا ويعترفون أن نصف هذه الاموال بدون فوائد على الإطلاق و نقول لهم إن الرقم الحقيقى باستعمال العقل فقط قد تخطى ما قيمته 600 مليار جنيه. فهل من يملكون هذا يعيشون فى حالة من الفقر والمرض ؟ لقد تم الاعتداء على تحويشة عمرنا باستعمال القوة والقانون وبطش كافة الحكومات و الوزارء ولا يستثنى منهم أحد. والحقيقة المؤكدة أن الحكومات والوزارات يأتون ويذهبون.. ولكن من اعتدوا على أموالنا هم الباقون!! لقد استمر عدد من الكبار واالنواب واالمساعدين فى المالية والتأمينات وبنك الاستثمار القومى حيث اخذوا يعبثون بأموالنا غير مدركين مما يسببوه لنا من آلام تصل إلى حد الإجرام فقد تواطؤا بالصمت و إخفاء الحقيقة المرعبة عن مصير أموالنا، حيث تم تحويلها من أموال إلى حزمة أوراق وهم يحصلون على المكافآت السخية والبدلات الخيالية مكافأة عما ارتكبه!! لقد دفعنا الثمن و مازلنا ندفعه ، و لكن لا يمكن أن نستمر فى دفع الثمن أكثر من ذلك.
إننا 9 ملايين صاحب معاش و 22 مليونا من المؤمن عليهم أصبحنا ضحية لمن عبثوا بأموالنا ولم يعاقبهم أحد، واستمروا فى الاستمتاع بأموال الارامل و الأيتام!! من يصدق إن من بين أصحاب المعاشات خمسة ملايين معاشاتهم اقل من 500 جنيه حتى 200 جنيه، هل يمكن لمواطن صاحب أسرة يستطيع الاستمرار فى الحياة بهذا المعاش بالإضافة إلى قيمة علاجه؟ وهل يمكن لمن كانوا وكلاء وزارة و رؤؤساء قطاعات ومديرى عموم يتقاضون 1000 جنيه مع إن من كان يغسل سيارتهم يتقاضى أكثر من ذلك مرات عديدة ؟ إننا نرى إن توقيع عقوبة (التجريس) هى العقوبة الملائمة لهذا الزمان وعلينا أن نطورها بما يتفق مع العصر الحديث، أى أننا لن تأتي (بحمار) ، أو حتى بمن يراد(تجريسه).. ! إننا سوف (نجرس) من يستحقون (التجريس) من واقع تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات حيث جاء ببعض الصفحات اسمائهم و مواقفهم و ما حصلوا عليه من مبالغ و سوف (نجرسهم) فى اللافتات والبانارات ونطوف بهم الميادين فى طلعت حرب والتحرير كى يرى الشعب المصرى اسماء وأفعال من اعتدوا علينا وجعلونا نعيش ايام لم تأت لنا حتى فى الكوابيس! إنهم فئة ظالمة استغلت كبر سننا ونسبة كبيرة من المرضى بيينا ومارسوا أعمالا غير إنسانية وغير أخلاقية مع من ساهموا بالعمر كله فى بناء هذا الوطن .. (محدش يزعل مننا) .. بعد ما زعلتونا منكم.