ذكرى تعود كلما اقترب الربيع يجددها الزمان وتعيد سيرتها الليالي، يختلط فيها الحنين بالشجن والألم مع الفراق، تتذكر كيف كنت وإلاما صرت، تبحث عن ذلك الأنس الذى كنت تطوف به كل الأماكن، فأصبح فى خيالك صورة أبدية لا تنتهي، فتتحسر على أوقات مضت، فلم تجد أمامك ذلك القلب الذى كنت تريح عليه رأسك المتعب المحمل بالأفكار فى نهاية كل مساء. وبعد الأيام، لم تجد إلا العذاب على مائدتك، فلم يتبق من عرائس البحر التى نفضتها الأمواج غير امرأة تلقفتها الرياح وسافرت إلى بلاد لم تعد تئن فيها القلوب، فما كان حبك منطقيا، فقد عشقت الهروب ورحلت ومعك مفاتيح النهار، وتمردت على تطرف المشاعر وجرعتنا كؤوس الأسى، فلم يعد طعم للعيش دونك باق، تعلم أنك قتلت نفسك بالصمت، وأخذت طريق المستحيل، وأنت تعلم أن الوصول محال، وأمسيت عاطفة تتمزق بين الروح والجسد. فالغياب الذى اخترق جدار القلب، جعل الحياة بلا مضمون، وفقدت السماء زرقتها، والشمس إشراقها، والعيون من حولك سحرها وبريقها، وأصبحت من الطيور الخرساء، لا تستطع أن تتهادى من الهوى ما تشاء، وتباعدت منك مسافات اللقاء، ورغم كل الأسى لم يكن فى استطاعتك أن تأخذ طيفك منى، أو أن تصادر حبك من قلبي، ولا تجيد أن تخفى وجهك عنى أو تسرق نبضك من حواسي، ولا تستطيع أن تشجب اسمك من لقبي، أو تزيل عطرك من ثوبي، أو تمحو نجمك عن عالمي. فستظل هكذا تنشد الأيام الخوالي، فرغم عنك كل هذا الشرود، وتستظل صامتا إن جاء المشيب وراح الشباب، فلعبة الأقدار حطمت فيك الأماني، ولعنة الفراق قتلت كل مشاعر النفس، فياليته لم يتركك عند الغروب بكلمة وداع، لترامى على شواطئ البحر ترثى ما تبقى من أحلام ضربتها الأمواج، وبدأت تمتطى زورق المصير لتبدأ رحلة الموت. الخروج عن النص صمت وحياة بلا أمل ودموع تذرف من العين وقلب حائر وعقل خائف من المجهول وهجوم على الزمان والقدر وخدش حياء رجل وشموع تحترق وإحساس بأن الفجر لا ينبثق وأصدقاء بلا فائدة وحبيبة لا تعرف معنى الحب وخيال شاعر لا يخرج حتى من النافذة وموت ودمار وخراب وانتقام وكفر وتشرد فالحب الحقيقي والراحة والهدوء الصمت والتأمل فى إبداع الخالق