ما يحدث في تركيا الآن وفضائح الفساد التي تتداخل فيها عناصر مشتركة بين تركياوأمريكا وإيران، التي طالت أردوغان وحزبه "التنمية والبناء"، وتداعي حكمه، أرى أنه أحد تداعيات ثورة 30 يونيو في مصر التي غيرت مخطط الشرق الأوسط الجديد وأجبرت أمريكا على الاعتراف بفشلها وتقبل ما حدث من انهيار الحكومة الإخوانية في مصر، خصوصا بعد أن وافق الأسد على تسليم الأسلحة الكيماوية وفقد الأمل في أن يحكم الإسلاميون سوريا وتم التقارب بين أمريكا وإيران، وجدت أمريكا أن مساندة الإسلاميين أصبح لا لزوم لها. وإعلان الحكومة التركية قبل يومين عن أنها تتصدى لمحاولة انقلاب مصغرة تقوم بها عناصر في الشرطة والقضاء تخدم مصالح قوى خارجية وداخلية تسعى للإضرار بالبلاد، أرى أنها - كما تعودنا دائما من أمريكا - بداية التخلي عن أردوغان وربما هى فرصة انتهزتها للقضاء على حكومة أردوغان في تركيا،أ كبر دولة علمانية في الشرق الأوسط التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك، وحكمها الجيش بالحديد والنار، حتى أن الحجاب كان ممنوعا رسميا ولا يسمح بارتدائه في المدارس ولا توظف من ترتديه حكوميا لأنه يعتبر من علامات التمييز الديني. ثم جاءت حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامية بقيادة رجب طيب أردوغان لتسمح بارتداء الحجاب، ولكن مع الحرص على علمانية الدولة بضغط كبير من الجيش التركي، ومن مظاهرها بيوت الدعارة المرخصة، وربما نجاح هذا النموذج للحكم الإسلامي العلماني في تركيا وإعلان ولائه التام لأمريكا وتعاونه اقتصاديا وعسكريا مع إسرائيل وتقديم كل فروض الطاعة والولاء للاتحاد الأرووبي أملا في الانضمام إليه، شجعها على دعم كل الإسلاميين في المنطقة ليصبحوا أكبر أداة أو يد لتنفيذ مخططاتها من التقسيم أو السيطرة على هذه الدول. ولكن جاءت 30 يونيو بقيادة الفريق السيسي والتي عارضها بشدة أردوغان ووصل إلى حد التطاول على مصر والتدخل علنيا في شئونها الداخلية وافتتاح قناة فضائية لمساندة الإخوان، الأمر الذي حدا بمصر إلى سحب السفير وقطع العلاقات مع تركيا، وأدى إلى إفشال مخطط الأمريكان للشرق الأوسط الجديد وأجبرهم على تغييره وعلى الانصياع لإرادة المصريين. وعظيمة يا مصر ستظلين دائما أنت بوصلة التوجيه الأساسية لسياسة الشرق الأوسط، ومهما قالوا إن مصر لم تعد مؤثرة أو انتهى دورها، فإذا بها تفاجئهم كالمارد الذي خرج من القمقم ليغير كل شىء، وإن شاء الله لن تعود مصر مع القيادة الجديدة الواعية إلى القمقم مرة أخرى، ستظل في تقدم لبناء دولة مصرية حديثة لتصبح بها مصر كما وعدنا مخلصها الفريق السيسي "قد الدنيا"، وقد بدأت بالفعل أولى الخطوات بكتابة دستور من أجمل دساتير العالم الذي يحافظ على الحريات ويمنع التمييز ويحافظ على الحقوق، والذي نتمنى أن يتوج بإقراره ب"نعم"، لتستمر خارطة الطريق وتدخل مصر في عهد جديد إن شاء الله يكون أفضل وأكثر رخاء وتقدما.