حذرت دراسة حديثة للباحث المصرفي أحمد آدم من الاستمرار في نهج السياسات الاقتصادية والمصرفية القديمة التي تبناها أعضاء الحزب الوطني المنحل والتي كانت تتمثل في احتكار الصناعات الإستراتيجية لعدد من رموز الحزب ، وسطوة أعضاء الوطني على البنوك والجهاز المصرفي وسيطرتهم على بنوك الاستثمار الكبرى. وأشار إلى أن تلك السياسات تحمل خطورة كبيرة لمصر، خاصة مع تفاقم أزمة الاقتصاد العالمي والتي قد تصيب قطاعات حيوية في البلاد مثل السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر. وأشار آدم في دراسته التي حصل عليها "صدي البلد" إلى أن التطورات التي تحدث على الساحة الاقتصادية العالمية تشير إلى وجود احتمالات كبيرة بشأن تأثر الاقتصاد المصري من بعض تداعيات تلك التطورات وخاصة الجهاز المصرفي، وقد تكون الإصابة موجعة ومؤلمة على حد قوله. وأضاف آدم أن تحركات الصين ورغبتها في فرض عملتها بديلا للدولار "الضعيف"، وما يحدث في الأسواق الأوروبية من انهيارات، قد يعرض أجزاء أساسية من الاقتصاد المصري إلى صدمات مما يتطلب الانتباه لها قبل فوات الأوان. ورصد آدم في دراسته أكثر القطاعات المتوقع أن تتأثر بالأحداث العالمية في مصر، مطالبا باتخاذ بعض التدابير اللازمة للوقاية منها، خاصة للقطاعات المرتبطة بالجهاز المصرفي. وأشار آدم إلى انه برغم التوقعات المتعلقة بتراجع القطاعات السياحية بشكل واضح على خلفية الوضع الأمني في مصر عقب الثورة فإن الأرقام الأخيرة للبنك المركزي أكدت أن إيرادات القطاع خلال العام المالي (2010-2011) المنتهي في يونيو الماضي ، كانت أفضل من العام قبل الماضي بنحو 100 مليون دولار، وأقل من العام الماضي بمليار دولار. وأوضح أن تفجر الأزمة الأوروبية سوف تؤدي إلى انخفاض أعداد السائحين الوافدين من أوروبا كما أن انخفاض اليورو أمام العملات الأخرى نتيجة للأزمة الأوروبية سيحول جزءا من السائحين العرب إلى دول أوروبا للاستفادة من رخص أسعار السياحة هناك بفعل انخفاض اليورو أمام الدينار والدرهم والريال، وبالتالي فرغم التعافي الواضح في قطاع السياحة فإن تفجر الأزمة الأوروبية سيؤجل عودة وضعها إلى ما كان عليه خلال العام المالي (2009-2010) عندما حققت السياحة أعلى إيراداتها في تاريخ الاقتصاد المصري (6ر11مليار دولار). خاصة وأن عدد السائحين من دول أوروبا يشكل النسبة الأهم في الهيكل النسبي للسائحين الوافدين إلى مصر يليهم سياح منطقة الشرق الأوسط (ومن بينهم الأشقاء العرب) ثم الأمريكتين. ويضيف آدم في دراسته أن تفجر الأوضاع الأوروبية من شأنه التأثير سلبا على صادراتنا المصرية لأوروبا، لأن الاتحاد الأوروبي سيحاول بقدر الإمكان تخفيض اعتماد الدول الأوروبية الأعضاء على الواردات وإحلال منتجاتها المحلية محلها للإسهام في تدعيم موازينها التجارية وبالتالي موازين مدفوعاتها، وهو ما ستتأثر به صادراتنا المصرية . كما انه سيؤدى إلى تخفيض أسعار منتجات دول الاتحاد الأوروبي نتيجة لانخفاض اليورو أمام العملات الأخرى، وكذلك اتخاذ هذه الدول لسياسات تهدف إلى تخفيض أسعار منتجاتها في سبيل تدعيم موازينها التجارية وبالتبعية موازين مدفوعاتها وهو ما يمكن أن يشكل ضغطا على طلب العملات الأجنبية وخصوصا اليورو داخل مصر. ". وتزايدت واردات مصر حتى عام 2008، ثم بدأت في الانخفاض إلا أنها خلال العام المالي (2010-2011) حققت ارتفاعا أكبر من العامين السابقين حيث بلغت 8ر50 مليار دولار، وقد بلغ حجم واردات مصر خلال النصف الأول من العام أي قبل ثورة 25 يناير 8ر24 مليار دولار، ولكنها زادت بعد الثورة لتحقق 26 مليار دولار، وهو وضع يجب دراسته دراسة مستفيضة من خلال لجنة يشكلها المجلس العسكري ورئاسة مجلس الوزراء ، لأن زيادة الواردات تضغط على توفير العملات الأجنبية اللازمة لفتح الاعتمادات المستندية الخاصة بالاستيراد. كما أن السوق شهد زيادة فعلية في الكساد عما كان قبل الثورة لأن جميع المواطنين المصريين متحفظين في عمليات الشراء تحسبا لما يحدث من اضطرابات ناتجة عن الغياب الأمني، وهو ما يعني انخفاض الواردات وليس زيادتها وهو ما قد يعني وجود احتمالات بأن هناك أموالا قد تم تهريبها في صورة فتح اعتمادات مستندية، وهي عملية معروفة لكافة العاملين بالقطاع المصرفي. كما يتوقع آدم أن تتأثر الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة إلى مصر من جراء تلك الأزمة الأوروبية المباشرة القادمة لمصر، خاصة أن تلك الاستثمارات تعاني من تبعات الأزمة العالمية، وقد وصلت إلى أقصاها قبل الأزمة لتبلغ 2ر13مليار دولار ولكنها انخفضت خلال العام التالي بعد الأزمة إلى 1ر8 مليار دولار ثم واصلت انخفاضها بعد عامين من الأزمة لتبلغ 8ر6 مليار دولار، وخلال هذا العام بلغت 2ر2 مليار دولار فقط.