بين الحنين لما مضى والرجاء فيما هو آت نتقلب في الحياة ، حياة كل إنسان لا تخلو من هذين الشعورين المتناقضين ، نحِن لأيام حلوة مضت ولن تعود ونتخوف من أيام قادمة لا نعلم حلوها أو مرها وننتظر قدومها في رجاء من الله أن تكون حلوة كالتي مضت. الحنين إلى الماضي يلازمنا في كل مراحل وسنوات عمرنا .... لا نحِن لنسختنا الضعيفة التي أصبحت اليوم أقوى ولا لسذاجة عقولنا التي أصبحت اليوم أنضج .... وإنما نحِن لأماكن وأشخاص وأحداث أخذت من عمرنا وأيامنا وعلقت في ذاكرتنا .... نسافر إليها بخيالنا لنتذكر كيف كنا في قمة سعادتنا ، نحِن لأيام طفولتنا البريئة التي رحلت للأبد ولم يتبقى منها إلا قليل من نقاء وبراءة قلوبنا .... لأحلامنا البسيطة التي كان من السهل تحقيقها .... لطموحاتنا الصغيرة التي لا تجعلنا نحارب ونصارع للوصول إليها كما هو الحال في حاضرنا .... كل فترة من حياتنا فيها الحلو والمر ولكن يبقى الماضي له بريق خاص لا يقارن بحاضرنا. أما المستقبل المجهول فلا شك أنه يخيف كل شخص فينا ، لكن تختلف نسب هذا الخوف بين إنسان وآخر حسب قوة إيمانه بالله .... الإنسان المؤمن يدرك أن الأيام جميعها ملك لله والله قادر على أن يجعل القادم كالماضي أو أفضل .... لا شك أننا يجب أن نخطط لتأمين مستقبلنا لأن الحياة فيها من المفاجآت ما يجعلنا نحتاط ومن المشكلات والأزمات ما يجعلنا نفكر في حلول وتسويات .... لكن الخوف المرضي من المستقبل بشكل مبالغ فيه والتفكير الزائد عن الحد لدرجة تجعلنا لا نستطيع أن نستمتع بحياتنا في حاضرنا فهذا عدم إيمان ومحاولات شيطانية لزعزعة ثقتنا بخالقنا. جميل هو الماضي الذي نسافر بخيالنا إليه عبر الزمن في حاضرنا ونتذكر ذكرياتنا الحلوة .... لا مفر من المستقبل الذي نخاف منه فعلينا أن ننتظره في رجاء آملين أن نصنع من الذكريات الحلوة ما يجعلها ماضي جميل كالماضي الذي نحبه.
